الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْذَنْ له فيه، إلَّا أنْ يَحْتَاجَ إليه لِلْعَطَشِ، فيأْخُذَهُ بِشَرْطِ الضَّمَانِ. وإنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ ومُحْدِثٌ، فالْجُنُبُ أحَقُّ إنْ كان الماءُ يَكْفِيهِ؛ لأنَّه يَسْتَفِيدُ بهِ ما لا يَسْتَفِيدُه المُحْدِثُ. وإنْ كان وَفْقَ حَاجَةِ المُحْدِثِ فهو أوْلَى به (17)؛ لأنَّه يَسْتَفِيدُ به طَهارةً كَامِلةً. وإنْ كان لا يَكْفِى واحدًا منهما، فالْجُنُبُ أَوْلَى به؛ لأنَّه يَسْتَفِيدُ به تَطْهِيرَ بَعْضِ أعْضَائِه. وإنْ كان يَكْفِى كُلَّ وَاحِدٍ منهما، ويَفْضُلُ مِنْه فَضْلَةٌ (18) لا تَكْفِى الآخَرَ، فالمُحْدِثُ أَوْلَى؛ لأنَّ فَضْلَتَه يُمْكِنُ لِلْجُنُبِ اسْتِعْمَالُها، ويَحْتَمِلُ أنَّ الْجُنُبَ أَوْلَى؛ لأنَّه يَسْتَفِيدُ بِغُسْلِهِ ما لا يَسْتَفِيدُ المُحْدِثُ. وإذا تَغَلَّبَ مَنْ غَيْرُه أوْلَى منه على الماءِ، فاسْتَعْمَلَه، كان مُسِيئًا، وأجْزَأَهُ؛ لأَنَّ الآخَرَ لم يَمْلِكُهُ، وإنَّما رَجَحَ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ.
فصل:
وهل يُكْرَهُ لِلْعَادِمِ جِمَاعُ زَوْجَتِه إذا لم يخَفِ العَنَتَ؟ فِيهِ رِوايَتان: إحْدَاهُما، يُكْرَهُ؛ لأنَّه يُفَوِّتُ على نَفْسِه طَهَارَةً مُمْكِنًا بَقَاؤُها. والثانيةُ، لا يُكْرَهُ، وهو قَوْلُ جابرِ بنِ زيد، والحسنِ، وقَتَادَةَ، والثَّوْرِيِّ، والأَوْزَاعِيِّ، وإسحاق، وأصْحَابِ الرَّأْىِ، وابنِ المُنْذِرِ. وحُكِىَ عن الأوْزَاعِيِّ: أنَّه إنْ كان بينَه وبينَ أهْلِه أرْبَعُ لَيَالٍ، فَلْيُصِبْ أهْلَه، وإن كانَ (19) ثَلاثٌ فما دُونَها، فلا يُصِبْها. والأَوْلَى جَوَازُ إصَابَتِها مِنْ غيرِ كَرَاهَةٍ؛ لأنَّ أبا ذَرٍّ قال للِنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي أعْزُبُ عَنِ الماءِ وَمَعِى أَهْلِى، فَتُصِيبَنِى الجَنَابَةُ فأُصَلِّى بِغَيْر طَهُورٍ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ (20) ". رواه أبو داود والنَّسَائِيُّ. وأصابَ ابنُ عَبَّاس مِنْ جَارِيَةٍ له رُومِيَّة، وهو عادِمٌ لِلمَاءِ، وصَلَّى بأصْحَابِه وفيهم عَمَّارٌ، فلم يُنْكِرُوهُ. قال إسحاق بن رَاهُويَه: هو سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فىِ أبى ذَرٍّ وعَمَّارٍ وغَيْرِهما. فإذا فعلا ووجَدَا مِنْ الماءِ ما يَغْسِلانِ به فَرْجَيْهما غسلاهُما، ثم تَيَمَّمَا، وإن لم يَجِدَا، تَيَمَّمَا لِلْجَنابةِ والحَدَثِ الأَصْغَرِ والنَّجَاسَةِ، وصَلَّيَا.
(17) سقط من: م.
(18)
في الأصل: "فضل".
(19)
في م زيادة: "بينه".
(20)
تقدم في صفحات 19، 21، 311.