الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخَبَرُ أبى ذَرٍّ، شَرَطَ في التَّيَمُّمِ عَدَمَ (5) الماءِ، وهذا واجِدٌ، وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". روَاهُ البُخَارِىُّ (6)، ولِأنَّه وَجَدَ مِن الماءِ ما يُمْكِنُه اسْتِعْمَالُه في بعضِ جَسَدِه، فَلَزِمَهُ ذلك، كما لو كان أكْثَرُ بَدَنِه صَحِيحًا وباقِيهِ جَريحًا، ولأنَّه قَدَرَ على بَعْضِ الشَّرْطِ، فلَزِمَهُ؛ كالسُّتْرَةِ، وإزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وإذا كان أَكْثَرُ بَدَنِهِ صَحِيحًا، ولا يُسَلَّمُ الحُكْمُ في المُسْتَعْمَلِ، وإنْ سَلَّمْنَا فلأنَّه لا يُطَهِّرُ شَيْئًا منه بخلافِ هذا. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَسْتَعْمِلُ الماءَ قبل التَّيَمُّمِ؛ لِيَتَحَقَّقَ الإِعْوَازُ المُشْتَرَطُ.
فصل:
وإنْ وَجَدَ المُحْدِثُ الحَدَثَ الأصْغَرَ بعضَ ما يَكْفِيهِ، فهل يَلْزَمُه اسْتِعْمَالُه؟ على وَجْهَيْنِ: أحدُهما؛ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمالُه؛ لما ذَكَرْنا في الجُنُبِ، ولأنَّه قَدَرَ على بعضِ الطَّهَارَةِ بالماءِ، فَلَزِمَهُ كالجُنُبِ، وكما لو كان بعضُ بَدَنِهِ صَحِيحًا، وبعضُه جَرِيحًا. والثانى؛ لا يَلْزَمُه؛ لأنَّ المُوَالَاةَ شَرْطٌ فيها، فإذا غَسَلَ بعضَ الأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ، لم يُفِدْ، بخِلَافِ الجنابَةِ، ولذلك إذا وَجَدَ الماءَ أجْزَأَهُ (7) غَسْلُ ما لم يَغْسِلْهُ فقط، وفى الحَدَثِ يَلْزَمُه اسْتِئْنافُ الطَّهَارَةِ، وفَارَقَ ما إذا كان بعضُ أعْضَائِهِ صَحِيحًا وبعضُهُ جَرِيحًا؛ لأنَّ العَجْزَ بِبَعْضِ البَدَنِ يُخالِفُ العَجْزَ بِبَعْضِ الواجِبِ، بِدليلِ أنَّ مَنْ بعضُه حُرٌّ إذا مَلَكَ رَقَبةً لَزِمَهُ إعْتَاقُها في كَفَّارَتِه، ولو مَلَكَ الحُرُّ بَعْضَ رَقَبَةٍ لم يَلْزَمْه إعْتَاقُه. وللِشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كالوَجْهَيْنِ.
فصل: ومَنْ حالَ بينه وبين الماءِ سَبُعٌ، أو عَدُوٌّ، أو حَرِيقٌ، أو لِصٌّ، فهو كالعادِمِ. ولو كان الماءُ بمَجْمَعِ الفُسَّاقِ، تَخَافُ المَرْأَةُ على نَفْسِها منهم، فهى
(5) في الأصل: "عند عدم".
(6)
أخرجه البخاري، في: باب الاقتداء بسنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 9/ 117. كما أخرجه مسلم، في: باب فرض الحج مرة في العمر، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 975. والنسائي، في: باب وجوب الحج، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 83. وابن ماجه، في: باب اتباع سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من المقدمة. سنن ابن ماجه 1/ 1. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 247، 258، 313، 314، 355، 448، 457، 467، 482، 495، 508.
(7)
في م: "لزمه".