الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاسْتِحْداد: حَلْقُ الْعَانةِ، [استفْعالٌ مِن الْحَدِيد.](39)
وانْتِقَاصُ الماء: الاسْتِنْجاء به؛ لأنَّ الماءَ يقْطَعُ البَوْلَ ويَرُدُّه.
قال أبو دواد: وقد رُوِىَ عن ابن عَبَّاسٍ نحوُ حديثِ عائشة، قال: خَمْسٌ كُلُّهَا في الرَّأْسِ. ذكَر منها الفَرْق. ولم يذْكُر إعْفاءَ اللِّحْيَة. (40)
قال أحمد: الفَرْقُ سُنَّةٌ. قيل: يا أبا عبد اللَّه يُشْهِرُ نفسه! قال: النبيُّ صلى الله عليه وسلم قد (41) فرَق، وأمَرَ بالفَرْقِ.
فصل:
فأمَّا الخِتَانُ فواجِبٌ علَى الرِّجالِ، وَمكْرُمَةٌ في حَقِّ النِّساءِ، وليس بواجبٍ عليهنَّ. هذا قولُ كثيرٍ من أهلِ العلم. قال أحمد: الرجلُ أشَدُّ، وذلك أن الرجلَ إذا لم يَخْتَتِنْ، فتلك الجِلْدةُ مُدَلَّاةٌ على الكَمَرةِ، ولا يُنَقَّى ما ثَمَّ، والمرأةُ أهْوَنُ.
قال أبو عبد اللَّه: وكان ابنُ عباس يُشَدِّدُ في أمْرِه، ورُوِىَ عنه أنه لا حَجَّ له ولا صَلاة. يعني: إذا لم يَخْتَتِنْ، والحسنُ يُرَخِّص فيه، يقول: إذا أسْلَمَ لا يُبالِى أن لا يَخْتَتِنَ. يقول: أسْلَمَ الناسُ؛ الأسْوَدُ، والأبيضُ، لم يُفَتَّشْ أحَدٌ منهم، ولم يَخْتَتِنُوا.
والدليلُ على وُجوبِه: أنَّ سَتْرَ العورةِ واجبٌ، فلولا أن الخِتانَ واجبٌ (42) لم يَجُزْ هَتْكُ حُرْمةِ المختُونِ بالنَّظَرِ إلى عَوْرتهِ مِنْ أجْلِه، ولأنه مِن شِعارِ المسلمين، فكان واجبًا، كسائرِ شِعارِهم، وإن أسْلَمَ رجلٌ كبيرٌ فخاف علَى نفسِه الخِتانَ، (43) سقَط عنه؛ لأن الغُسْلَ والوُضوءَ وغيرَهما يسْقُطُ إذا خاف علَى نَفْسِه
(39) سقط من: أ.
(40)
باب السواك من الفطرة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 13. ورواه البيهقي، في: باب السنة في الأخذ من الأظفار والشارب. . . إلخ، من كتاب الطهارة سنن البيهقي 1/ 149.
(41)
سقط من: الأصل.
(42)
في الأصل، أ:"فرض".
(43)
في م: "من الختان".
منه، فهذا أوْلَى. وإن أَمِنَ علَى نَفْسِه لَزِمَه فِعْلُه، قال حَنْبَل:(44) سألتُ أبا عبد اللَّه عن الذِّمِّىِّ إذا أسْلَمَ، تَرَى له أن يُطَهَّرَ بالخِتَانَة؟ قال: لا بُدَّ له مِن ذاك. قلتُ: وإن كان كبيرًا أو كبيرةً؟ قال: أحَبُّ إليَّ أن يتَطَهَّرَ؛ لأنَّ الحديثَ: "اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمانِينَ سَنَةً"، (45) قال تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (46)
ويُشْرَعُ الخِتَانُ في حَقِّ النِّساءِ أيضًا. قال أبو عبد اللَّه: حديثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ"(47) فيه بَيانُ أنَّ النِّساءَ كُنَّ يَخْتَتِنَّ، وحديثُ عمر: إنَّ خَتَّانةً خَتَنَتْ، فقال:"أبْقِى مِنْهُ شَيْئًا إذَا خَفَضْتِ". وروَى الْخَلَّالُ، بإسْنادِه، عن شَدَّادِ بن أوْسٍ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، وَمَكْرُمَةٌ لِلنِّساءِ". (48) وعن جابرِ بن زيد مثلُ ذلك مَوْقوفًا عليه، ورُوِىَ عن النبيِّ
(44) أبو على حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، ابن عم، الإمام أحمد، كان ثقة ثبتًا صدوقا، توفى سنة ثلاث وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 143 - 145، العبر 2/ 51.
(45)
أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، من كتاب الأنبياء، وفى: باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط، من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري 4/ 170، 8/ 81. ومسلم، في: باب فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1839. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 322، 418، 435.
(46)
سورة الحج 78. وجاء في الأصل، أ: "اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم". وهو خطأ، إنما ذلك قوله تعالى، في سورة آل عمران 95:{قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}
(47)
أخرجه البخاري، في: باب إذا التقى الختانان، من كتاب الغسل. صحيح البخاري 1/ 80. ومسلم، في: باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 271، 272. وأبو داود، في: باب في الإكسال، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 49. والترمذي، في: باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 164، 165. والنسائي، في: باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 92. وابن ماجه، في: باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان. سنن ابن ماجه 1/ 199. والإمام مالك، في: باب واجب الغسل إذا التقى الختانان، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 45 - 47. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 178، 5/ 115، 6/ 47، 97، 112، 123، 135، 161، 227، 239، 265.
(48)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 75. وانظر الجامع الكبير، للسيوطي 1/ 409.