الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 - مسألة؛ قال: (فإنْ أَسْبَغَ بِدُونِهِما أَجْزَأَهُ)
مَعْنَى الإِسْبَاغ أنْ يَعُمَّ جميعَ الأَعْضَاءِ بالماءِ بحيثُ يَجْرِى عليها؛ لأَنَّ هذا هو الغُسْلُ، وقد أُمِرْنا بالغَسْلِ. وقال أحمدُ: إنَّما هو الغَسْلُ ليس المَسْحُ، فإذَا أمْكَنَه أن يَغْسِلَ غَسْلًا وإن كان مُدًّا أو أَقَلَّ مِن مُدٍّ، أجْزَأَهُ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ وأكثرِ أهْلِ العِلْمِ، وقد قيل: لا يُجْزِىءُ دونَ الصَّاعِ في الغُسْلِ والمُدِّ في الوضوءِ. وحُكِىَ هذا عن أبي حَنِيفَة؛ لأَنَّهُ رُوِىَ عن جَابرٍ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُجْزِىءُ مِنَ الوُضُوءِ مُدٌّ، ومِنَ الجَنَابَةِ صَاعٌ"(1). والتَّقْدِيرُ بهذا يَدُلُّ على أنَّه لا يَحْصُلُ الإِجْزَاءُ بِدُونِهِ. ولَنا، أنَّ اللهَ تَعالَى أَمَرَ بالغُسْلِ وقد أَتَى به، فيجبُ أنْ يُجْزِئَه، وقد رُوِىَ عن عائِشَة، أنَّها كانَتْ تَغْتَسِلُ هِىَ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ واحِدٍ، يَسَعُ ثَلَاثَةَ أمْدَادٍ، أو قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2). وعن عبدِ اللَّه بنِ زيدٍ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بثُلُثَيْ مُدٍّ (3). وحديثُهم إنَّمَا دَلَّ بمَفْهُومِه. وهم لا يقولُونَ به، ثم إنَّه إنَّما يَدُلُّ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ للتَّخْصِيصِ فائِدَةٌ سِوَى تَخْصِيصِ الحُكْم به، وههُنا إنَّما خَصَّه لأَنَّه خَرَجَ مَخْرَجَ الغالِبِ، لأنَّه لا يَكْفِى في الغالِبِ أقَلُّ مِنْ ذلك، ثم ما ذَكَرْناه مَنْطُوقٌ، وهو مُقَدَّمٌ على المَفْهُومِ اتِّفَاقًا، وقد رَوَى الأَثْرَمُ، عن القَعْنَبِيِّ (4)، عن سليمان بن بِلَالٍ (5)، عن عبد الرحمن بن عطاء (6)، أنه سَمِعَ سَعِيدَ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب ما يجزئ من الماء في الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 21. وابن ماجه، في: باب ما جاء في مقدار الماء للوضوء والغسل من الجنابة. سنن ابن ماجه 1/ 99. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 303.
(2)
في: باب القدر المستحب من الماء إلخ، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 256.
(3)
أخرجه البيهقي، في: باب جواز النقصان عن المد في الوضوء والصاع في الغسل، من كتاب الطهارة. سنن البيهقي 1/ 196. وأخرجه، عن أم عمارة أبو داود، في: باب ما يجزئ من الماء في الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 22. والنسائي، في: باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 50.
(4)
هو أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب القعنبي، من أهل المدينة، سكن البصرة، وكان من المتقشفة الخشن، ولا يحدِّث إلا بالليل. توفى سنة إحدى وعشرين ومائتين بالبصرة. الأنساب 10/ 209.
(5)
أبو محمد سليمان بن بلال المدني، كان بربريا جميلا عاقلا، وكان يفتى بالمدينة، وولى خراجها، توفى سنة اثنتين وسبعين ومائة. العبر 1/ 261.
(6)
أبو محمد عبد الرحمن بن عطاء القرشي مولاهم، ثقة، قليل الحديث، توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة. تهذيب =