الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ عندها، فمَسَحَ الرَّأْسَ (11) كلَّه من فَرْقِ الشَّعْرِ كلَّ ناحِيةٍ لمَصَبِّ الشَّعْرِ لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عن هَيْئَتِه. رواه أبو داود. وسُئِل أَحْمدُ: كيفَ تَمْسَحُ المرأةُ؟ فقال: هكذا. ووَضَعَ يَدَه عَلَى وَسَطِ رَأْسِه، ثم جَرَّها إلى مُقَدَّمِه، ثم رَفَعَها فوَضَعَها حيثُ مِنه بَدَأ، ثم جَرَّها إلى مُؤَخَّرِه. وكيفَ مَسَحَ بعدَ اسْتِيعابِ قَدْرِ الواجبِ أجْزَأَهُ.
فصل:
ولا يُسَنُّ تَكْرارُ [مَسْحِ الرأْسِ](12) في الصَّحيحِ من المَذْهبِ. وهو قولُ أبِى حَنِيفةَ ومالِك، ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عُمر، وابنهِ سَالِم، والنَّخَعِىِّ، ومُجاهِد، وطَلْحة بنِ مُصَرِّف، والْحَكَمَ، قال التِّرْمذِىُّ: والعملُ عليه عندَ أَكْثرِ أهلِ العلمِ مِنْ أصحابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومَنْ بَعْدهم.
وعن أحمد: أنه يُسَنُّ تَكْرارُه. ويَحْتَمِلُه. كلامُ الْخِرَقِىِّ؛ لقَوْلهِ: "الثَّلاثُ أَفْضَلُ". وهو مَذْهبُ الشّافِعِىِّ. ورُوِىَ عن أنَسٍ، قال ابنُ عَبْد البَرّ: كُلُّهُم يقول: مَسْحُ الرأسِ مَسْحةً واحدةً، وقال الشّافِعِىُّ: يَمْسَحُ برَأْسِه ثَلاثًا؛ لأنَّ أَبا دَاوُد (13) رَوَى عن شَقِيق بنِ سَلَمة (14)، قال: رأيتُ عُثْمان بن عَفّان غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا، ومَسَحَ برَأْسِه ثَلاثًا. ثم قال: رأيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَعَلَ مِثْلَ هذا. ورُوِىَ مثلُ ذلك عن غيرِ واحدٍ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ورَوَى عثمانُ، وعلىّ، وابنُ عُمَر، وأبو هُرَيرة، وعَبْدُ اللَّه بن أبي أَوْفَى، وأبُو مالِك، والرُّبَيِّع، وأُبَىُّ بنُ كَعْب، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا (15). وفي حديثِ أُبَىٍّ، قال: "هذَا وُضُوئِى
(11) في م: "رأسه". وتقدم تخريجه في صفحة 150.
(12)
في الأصل: "المسح".
(13)
في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 25. وانظر: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 144.
(14)
في الأصل زيادة "أنه". وليس في سنن أبي داود.
(15)
تقدم تخريج أحاديث عثمان وعلى والربيع صفحات 150، 169، وأحاديث عثمان وعلى وابن عمر وعائشة وأبي هريرة وعبد اللَّه بن أبي أوفى وأبى مالك الأشعري والربيع بنت معوذ، أخرجها ابن ماجه، في: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 144، 145.
وَوُضُوءُ المُرْسَلِينَ قَبْلِى". رواهُ ابنُ مَاجَه (16)، ولأنَّ الرَّأْسَ أصْلٌ في الطهارةِ، فَسُنَّ تَكْرَارُها فيه كالوَجْه. ولنا أنّ عَبْدَ اللهِ بن زَيدٍ وَصَف وُضُوءَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: ومَسَحَ برأسِه مرةً واحدةً. مُتَفَقٌ عليه (17). ورُوِىَ عن عليٍّ رضى اللَّه عنه، أنَّه تَوَضَّأَ ومَسَحَ برأسِهِ مرةً واحدةً وقال: هذا وُضُوءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مَنْ أَحَبَّ أن يَنْظُرَ إلى طُهُورِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَلْيَنْظُر إلى هذا. قال التِّرْمذِىّ: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (18). وكذلك وَصَفَ عبدُ اللَّه بن أبي أَوْفَى، وابنُ عَبَّاس (19)، وسَلَمَة بن الأكْوَع، والرُّبَيِّع، كُلُّهُم، قالوا: ومَسَحَ برأسهِ مرةً واحدةً. وحِكايَتُهم لوُضُوءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إخْبارٌ عن الدَّوَامِ، ولا يُداوَمُ إلَّا عَلَى الأفضلِ الأَكْمَل، وحَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ حكايةَ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيْلِ حَالَ خَلْوَتِه، ولا يَفْعَل في تلك الحالِ إلا الأَفْضَلَ. ولأنَّه مَسْحٌ في طَهارةٍ، فلم يُسَنَّ تَكْرَارُه، كالمَسْحِ في التَّيَمُّمِ، والمَسْحِ علَى الجَبِيرةِ، وسائرِ المَسْحِ، ولم يَصِحَّ مِن أحادِيثهم شيءٌ صَرِيحٌ. قال أبو داود (20): أحاديثُ عُثْمان الصِّحَاح كُلُّها تَدُلُّ عَلَى أن مَسْحَ الرَّأسِ مرةً؛ فإنهم ذَكَرُوا الوضوءَ ثَلاثا ثَلاثا، وقالوا فيها: ومَسَحَ رأْسَه (21). ولم يذكرُوا عَدَدا، كما ذَكَرُوا في غيره، والحديثُ الذي ذُكِر فيه: مَسَحَ
(16) في: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 145، 146. وأخرجه الترمذي، في باب ما جاء في الوضوء ثلاثا ثلاثا، من أبواب الطهارة؛ حيث قال: "وفى الباب عن عثمان والربيع وابن عمر وأبى أمامة وعائشة وأبى رافع وعبد اللَّه بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وجابر وعبد اللَّه بن زيد وأبىّ". عارضة الأحوذى 1/ 61.
(17)
تقدم صفحة 170.
(18)
عارضة الأحوذى 1/ 65.
(19)
حديث ابن عباس أخرجه البخاري، في: باب الوضوء مرة مرة، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 51. والترمذي، في: باب ما جاء في الوضوء مرة مرة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 59. وأبو داود، في: باب الوضوء مرة مرة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 30. والنسائي، في: باب الوضوء مرة مرة، وباب مسح الأذنين، وباب مسح الأذنين مع الرأس، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 54، 63. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوضوء مرة مرة. سنن ابن ماجه 1/ 59. والدارمى، في: باب الوضوء مرة مرة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 177. والإمام أحمد في المسند 2/ 28، 39.
(20)
في: باب صفة وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 24، 25.
(21)
في م: "برأسه". والمثبت في: الأصل، وسنن أبي داود.