الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثانية، لا يجبُ؛ [لأن المشقَّةَ تَلْحَقُ](17) بذلك، فعُفِىَ عنه، كمَحَلِّ الِاسْتنجاءِ، وأسْفَلِ الحذاء.
فصل:
(18) قال محمد بن يحيى (19): سألتُ أبا عبد اللَّه عن قُبورِ الحجارة التي للرُّوم (20) يَجِىءُ المطرُ فيصيرُ فيها، ويشربون من ذلك، ويتوَضَّؤُون؟ قال: لو غُسِلَتْ كيف تُغْسَلُ! إنَّما (21) يجىءُ المطرُ إلَّا أن يكونَ قد غسلَها مَرةً أو مَرَّتيْن. والأَوْلَى الحكمُ بطهارتِها؛ لأنَّ هذه قد أصابَها الماءُ مَرَّاتٍ لا يُحْصَى عددُها، وجَرَى علَى حيطانِها من ماءِ المطر ما يُطَهِّرُها بعضُه، ولأن هذه يَشُقُّ غَسْلُهَا، فأَشْبهَت الأرضَ التي تطْهُر بمجَئِ المطرِ عليها.
6 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ اليَسِيرِ مَا لَيْسَ لَهُ نفْسٌ سَائِلةٌ، مِثْلُ الذُّبَابِ والْعَقْرَبِ والْخُنْفُسَاءِ ومَا أَشْبَهَ ذَلكِ، فَلَا يُنَجِّسُهُ)
.
النَّفْس ها هنا: الدَّم، يعني: ما ليس له دَمٌ سائل، والعربُ تسمِّى الدم نَفْسًا، قال الشاعر (1):
أُنْبِئْتُ أنَّ بَنىِ سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا
…
أَبْيَاتَهُمْ تَامُورَ نَفْسِ الْمُنْذِرِ
يعني: دَمَه (2). ومنه قيل للمرأة: نُفَساء؛ لِسَيَلان دَمِها عند الولادة، وتقول
(17) في م: "للمشقة اللاحقة"، والمثبت في: الأصل، أ.
(18)
سقط من: م.
(19)
أبو جعفر محمد بن يحيى الكحال المتطبب البغدادي، كان من كبار أصحاب الإمام أحمد، وكان يقدمه ويكرمه، وكانت عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة حسان مشبعة. من رجال القرن الثالث. طبقات الحنابلة 1/ 328.
(20)
في أ: "في الروم".
(21)
في م: "الماء؟ "، المثبت في: الأصل، أ.
(1)
هو أوس بن حجر، والبيت في ديوانه 47.
(2)
التامور: دم القلب، وعم بعضهم به كل دم. وقال الأصمعي: أي مهجة نفسه، وكانوا قتلوه. اللسان (ت م ر).
العرب: نَفِسَت (3) المرأة. إذا حاضَتْ، ونُفِسَتْ مِن النِّفاس.
وكلُّ ما ليس له دَمٌ سائلٌ؛ كالذي ذكَره الخِرَقيُّ، من [حيوان البَرِّ](4)، أو حيوانِ البحر، (5) العَلَقِ، والدِّيدان، والسَّرَطان، ونحوها، لا يتَنَجَّسُ بالموْتِ، ولا يتَنَجَّسُ الماءُ إذا مات فيه، في قول عامَّةِ الفقهاء؛ قال ابنُ المُنْذر: لا أعلمُ في ذلك خِلافًا، إلَّا ما كان من أحدِ قَوْلىِ الشافعيِّ، قال فيها قولان؛ أحدهما، يَنْجسُ قليلُ الماء. قال بعضُ أصحابِه: وهو القياسُ. والثاني، لا يَنْجُسُ. وهو الأصْلَحُ للناس. فأمَّا الحيوانُ في نفسِه فهو عنده نَجِسٌ، [قَوْلًا واحدًا](6). لأنه حيوانٌ لا يُؤْكَلُ لحمُه (7) لا (8) لحُرْمتِه، فينْجُسُ بالموتِ، كالبَغْلِ والحمار.
ولنا قَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَمْقُلْهُ، فَإِنَّ فِي أحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وفِي اْلآخَرِ شِفَاءً". روَاه البُخارِيُّ، وأبو داود (9)، وفى لَفْظٍ: "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في شَرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهَ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ؛ فإِنَّ فِي أحَدِ جَنَاحَيْهِ
(3) من باب تعب. ونقل عن الأصمعي "نُفِست" بالبناء للمفعول أيضًا، وليس بمشهور في الكتب. المصباح المنير.
(4)
في م: "الحيوان البرى".
(5)
في م: "منه".
(6)
سقط من: أ.
(7)
من: الأصل.
(8)
سقط من: أ.
(9)
بلفظ "فليمقله" أو "فامقلوه" أخرجه أبو داود، في: باب الذباب يقع في الطعام، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 328. وابن ماجه، في: باب يقع الذباب في الإناء، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 1159. والنسائي، في: باب الذباب يقع في الإناء، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى من السنن 7/ 158. والإمام أحمد، في المسند 3/ 24، 67.
وبلفظ: "فليغمسه" أخرجه البخاري، في: باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم. إلخ، من كتاب بدء الخلق، وفي: باب إذا وقع الذباب في الإناء، من كتاب الطب. صحيح البخاري 4/ 158، 7/ 181. وابن ماجه، في: باب يقع الذباب في الإناء، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 1159. والدارمى، في: باب الذباب يقع في الطعام، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمي 2/ 99. والإمام أحمد، في المسند 2/ 229، 230، 246، 263، 340، 355، 388، 398، 443.