الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيَسِيرِ الدَّمِ. ولَنا قَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذا ذَهَبَ أحَدُكُم إلى الغائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بثَلاثَةِ أحْجارٍ، فإنَّها تُجْزِىءُ عَنْهُ". رَوَاهُ أبُو دَاوُد (3)، وقال:"لا يَسْتَنْجِى أحَدُكُم بِدُونِ ثَلاثَةِ أحجارٍ". رَوَاه مُسْلِم (4)، وفى لَفْظٍ لمُسْلِم (5): لقد نَهانَا أَن نَسْتَنْجِىَ بدُونِ ثَلاثةِ أَحْجَارٍ. فأمَرَ، والأَمْرُ يقْتَضِى الوُجُوب. وقال:"فإنَّها تُجْزِىءُ عَنْهُ". والإِجْزَاءُ إنَّما يُسْتَعْمَلُ في الواجبِ، ونَهَى عن الاقْتِصارِ علَى أَقَلَّ من ثلاثةٍ، والنَّهْىُ يَقْتَضِى التَّحْرِيمَ، وإذا حَرُمَ تَرْكُ بعضِ النَّجاسةِ فَتَرْكُ جَمِيعِها أَوْلَى. وقال ابنُ المُنْذِر: ثَبَتَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يَكْفِى أَحَدَكُم دُونَ ثَلاثةِ أحْجارٍ". وأمرَ بالعَدَدِ في أخْبارٍ كثيرةٍ، وقولهُ:"لا حَرَجَ". يعني في تَرْكِ الوِتْرِ، لا فِي تَرْكِ (6) الاسْتِجْمارِ؛ لأنَّ المأمورَ به في الخبرِ الوِتْر، فيعودُ نَفْىُ الحَرَجِ إليه، وأمَّا الاجْتِزَاءُ بالمَسْحِ فيه فَلِمَشَقَّةِ الغَسْلِ، لكثرةِ تَكَرُّرِه في مَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ.
فصل:
وهو مُخَيَّرٌ بين الاسْتِنْجاءِ بالماءِ أو الأَحْجارِ، في قولِ أَكْثرِ أهلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن سَعْدِ بن أبي وَقَّاص، وابنِ الزُّبَيْر، أنَّهما أنْكَرَا الاسْتِنْجاءَ بالماءِ. وقال
= بالاستنثار. المجتبى 1/ 38، 57. وابن ماجه، في: باب الاستنجاء بالحجارة، وباب الارتياد للبول والغائط، وباب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 114، 115، 121، 142، 143. والدارمى، في: باب التستر عند الحاجة، وباب في الاستنشاق والاستجمار، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 169، 178. والإمام مالك، في: باب العمل في الوضوء، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 19. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 236، 254، 277، 278، 308، 351، 356، 371، 387، 401، 463، 4/ 313، 339، 340.
(3)
في: باب الاستنجاء بالأحجار، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 10.
كما أخرجه النسائي، في: باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 38. والدارمى، في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 172. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 133.
(4)
في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 223، 224.
كما أخرجه النسائي، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 40. وأبو داود، في: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 2. وابن ماجه، في: باب الاستنجاء بالحجارة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 115. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 439.
(5)
سقط من: الأصل. وهو في مسلم. انظر التخريج السابق.
(6)
في م: "ترج". تحريف.
سَعِيدُ بن المُسَيَّب: وهل يَفْعَلُ ذلك إلا النساءُ! وقال عَطَاء: غَسْلُ الدُّبُر مُحْدَثٌ. وكان الحسنُ لا يَسْتَنْجِى بالماءِ. ورُوِىَ عن حُذَيْفةَ القَوْلان جَميعًا. وكان ابنُ عُمَر لا يَسْتَنْجِى بالماءِ ثم فَعَلَه، وقال لنافعٍ: جَرَّبْناهُ فوَجَدْناهُ صالِحًا. وهو مَذْهبُ رافِع بن خَدِيج، وهو الصحيحُ؛ لما رَوَى أَنَسٌ، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخلُ الخلاءَ فأحْمِلُ أنا وغلامٌ نَحْوِى إداوةً (7) مِن ماءٍ وعَنَزَةً (8)، فيَسْتَنْجِى بالماءِ. مُتَّفَقٌ عليه (9)، وعن عائشة، أنها قالت: مَرِّنَّ أَزْوَاجَكُنَّ أن يَسْتَطِيبوُا بالماءِ؛ فإنِّى أَسْتَحْيِيهِمْ، وإنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُه (10). قال التِّرْمِذِىّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. رواه سَعِيد، ورَوَى أبُو هُرَيرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"نَزَلَتْ هَذِه الآيَةُ فِي أهْلِ قُبَاءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} (11) قال: "كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ". رَوَاه أبُو داود، وابنُ مَاجَه (12). ولأنه يُطَهِّرُ المَحَلَّ، ويُزِيلُ النجاسةَ، فجَازَ، كما لو كانتِ النَّجاسةُ على مَحَلِّ آخرَ. وإن أرادَ الاقْتِصارَ على أحَدِهما فالماءُ أَفْضَلُ؛ لما رَوَيْنا من الحديثِ، ولأنَّه يُطَهِّرُ المَحَلَّ، ويُزِيلُ العَيْنَ والأَثَرَ، وهو أبلغُ في التَّنْظِيفِ. وإنْ اقْتَصَرَ عَلَى الحَجَرِ أجْزَأهُ، بغيرِ خلافٍ بين أهلِ العِلْمِ؛ لما ذَكَرْنا من الأخبارِ؛ ولأنه إجْماعُ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم. والأفضلُ أن يَسْتَجْمِرَ بالحَجَر، ثم يُتْبِعَه الماءَ. قال أحمد: إنْ جَمَعَهُما فهو أحَبُّ
(7) الإداوة: المطهرة.
(8)
العنزة؛ بالتحريك: عصا طويلة في أسفلها زج، ويقال رمح صغير.
(9)
أخرجه البخاري، في: باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 50. ومسلم، في: باب الاستنجاء بالماء من التبرز، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 227. والنسائي، في: باب الاستنجاء بالماء، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 39. والدارمى، في: باب الاستنجاء بالماء، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 173. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 171، 203.
(10)
أخرجه الترمذي، في: باب الاستنجاء بالماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 37. والنسائي، في: باب الاستنجاء بالماء، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 39.
(11)
سورة التوبة 108.
(12)
أخرجه أبو داود، في. باب في الاستنجاء بالماء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 11. وابن ماجه، في: باب الاستنجاء بالماء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 128.