الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنَجِّسُ القُلَّتَيْن، فَبوْلُ الآدَمِيِّ أوْلَى، وحديثُ أبي هُرَيْرة لا بُدَّ مِن تَخْصِيصهِ، بدليلِ ما لا يُمْكِنُ نَزْحُه، فيُقاسُ عليه ما بلَغ القُلَّتَيْن، أو يُخَصُّ بخَبرِ القُلَّتَيْن، فإنَّ تخْصِيصَه بخبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أوْلَى مِن تخْصيصهِ بالرَّأْيِ والتَّحَكُّمِ مِن غيرِ دليلٍ، ولأنه لو تَساوَى الحديثان لَوجَب العُدولُ إلى القياسِ على سائِر النَّجاسات.
فصل:
ولم أجِدْ عن إمامِنا، رحمه الله، ولا عن [أحدٍ من](9) أصحابِنا، تَحْدِيدَ ما يُمْكِنُ نَزْحُه، بأكثرَ من تشْبِيهه بمَصانِع مكة. قال أحمدُ: إنما نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الرَّاكِد من آبارِ المدينة علَى قِلَّةِ ما فيها؛ لأن الْمَصانِعَ لم تَكُنْ، إنما أُحْدِثَتْ. وقال الأَثْرَمُ: سمعتُ أبا عبد اللَّه يُسْأَلُ عن الْمَصانِع التي بطريقِ مكة؟ فقال: ليس يُنَجِّسُ تلك عندي بولٌ ولا شيءٌ إذا كَثُرَ الماءُ، حتى يكون مثل (10) المصانِع. وقال إسحاقُ ابن منصور: سُئل أحمدُ عن بئرٍ بالَ فيها إنسانٌ؟ قال: تُنْزَحُ حتى تَغْلِبَهم. قلت: ما حَدُّه؟ قال: لا يَقْدِرُون علَى نَزْحِها. وقيل لأبي عبد اللَّه: الغَدِيرُ يُبالُ فيه؟ قال: الغديرُ أسهلُ. ولم يَرَ به بأسًا، وقال في البئر، يكون لها مَادَّةٌ: هو واقِفٌ لا يجْرِى ليس بمنزلةِ ما يجْرِى. يعني أنه يتنَجَّس بالبَوْلِ فيه إذا أمْكَنَ نَزْحُه.
فصل: ولا فَرْقَ بين البَوْلِ القليلِ والكثير. قال مُهَنَّا (11): سألتُ أحمدَ عن بئرٍ غزيرةٍ وقعتْ فيها خِرْقةٌ أصابَها بولٌ؟ قال: تُنْزَحُ. وقال في قَطْرةِ بولٍ وقعتْ في ماءٍ: لا يُتَوضَّأُ منه. وذلك لأن سائَر النَّجاساتِ لا فَرْقَ بين قليلِها وكثيرِها.
فصل: إذا كانت بئرُ الماء ملاصقةً لبئرٍ فيها بَوْلٌ أو غيرُه من النَّجاسات، وشَكَّ في وُصولِها إلى الماءِ، فهو علَى أصْلِه في الطهارة. قال أحمدُ: يكونُ بين البئرِ والبَالُوعةِ ما لم يُغَيِّرْ طَعْمًا ولا رِيحًا - وقال الحسن: ما لم يتَغيَّرْ لَوْنُه أو رِيحُه - فلا
(9) سقط من: م.
(10)
في م زيادة: "تلك".
(11)
أبو عبد اللَّه مهنا بن يحيى الشامي السلمي، من كبار أصحاب الإمام أحمد، روى عنه من المسائل ما فخر به، وكتب عنه عبد اللَّه بن أحمد مسائل كثيرة، بضعة عشر جزءا، من رجال القرن الثالث. طبقات الحنابلة 1/ 345 - 381.