الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُطَهَّرُونَ} (1). وفى كتابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بن حَزْم (2)"أن لا يَمَسَّ القرآنَ إلا طاهِرٌ (3) ". وهو كتابٌ مشهورٌ، رَوَاه أبُو عبيد في "فضائلِ القرآنِ" وغيرِه، ورَوَاه الأَثْرَمُ، فأمَّا الآية التي كَتَب بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم فإنَّما قَصَدَ بها المُرَاسَلَة، والآيةُ في الرِّسالةِ أو كتابِ فِقْهٍ أو نَحْوِه لا تَمْنَع مَسَّهُ، ولا يَصِيرُ الكتابُ بها مُصْحَفًا، ولا تَثْبُتُ له حُرْمَتُه، إذا ثَبَت هذا فإنَّه لا يَجُوزُ له مَسُّه بشيءٍ من جَسَدِه، لأنَّه مِنْ جَسَدِه، فأشْبَهَ يَدَه. وقَوْلُهم: إن المَسَّ إنَّمَا يَخْتَصُّ بباطِنِ اليَدِ؛ ليس بصَحِيحٍ؛ فإنَّ كُلَّ شيءٍ لَاقَى شَيْئًا فقد مَسَّهُ.
فصل:
ويَجُوزُ حَمْلُه بِعِلَاقَتِهِ. وهذا قولُ أبى حَنِيفة، ورُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، وعَطَاء، وطَاوُس، والشَّعْبِىِّ، والقاسِمِ، وأبِى وائِلٍ (4)، والحَكَم، وحَمَّاد، ومَنَع منه الأَوْزَاعِىُّ، ومالِك، والشّافِعِىُّ، قال مالِك: أَحْسَنُ ما سَمِعْتُ أنه لا يَحْمِلُ المُصْحَفَ بِعِلَاقَتِه ولا في غِلَافِهِ إلَّا وهو طاهِرٌ؛ وليس ذلك لأنَّه يُدَنِّسه، ولكن تَعْظِيمًا للقُرآنِ. واحْتَجُّوا بأنّه مُكلَّفٌ مُحْدِثٌ قاصدٌ لِحَمْلِ المُصْحَفِ، فلم يَجُزْ، كما لو حَمَلَه مع مَسِّهِ. ولنا: أنَّه غيرُ مَاسٍّ له، فلم يُمْنَعْ منه، كما لَوْ حَمَلَه في رَحْلِهِ، ولأنَّ النَّهْىَ إنَّما يتناوَلُ المَسّ، والحَمْلُ ليس بِمَسٍّ، فلم يتناوَلْه النَّهْىُ، وقِياسُهم فاسِدٌ؛ فإنَّ العِلَّةَ في الأصْلِ مَسُّهُ، وهو غيرُ مَوْجُودٍ في الفَرْعِ، والحَمْلُ لا أثرَ له، فلا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ به. وعلَى هذا لو حَمَلَه بِعِلَاقةٍ أو بحائِلٍ بينَه وبينَه مِمَّا لا يَتْبَعُه في البَيْعِ، جازَ؛ لما ذَكَرْنا. وعِندَهم لا يَجُوزُ. ووَجْهُ المَذْهَبَيْن ما تَقَدَّم.
(1) سورة الواقعة 79.
وانظر: مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.
(2)
جد أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، الذي تقدم التعريف به منذ قليل وانظر لكتاب النبي صلى الله عليه وسلم له السيرة 4/ 595.
(3)
أخرجه الدارمي، في: باب لا طلاق قبل نكاح، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي 2/ 161. والإمام مالك، في: باب الأمر بالوضوء لمن مسَّ القرآن، من كتاب القرآن. الموطأ 1/ 199.
(4)
أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدى الكوفى، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وخلق من الصحابة والتابعين، ثقة، قال خليفة بن خياط: مات بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين. وقال الواقدى: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. تهذيب التهذيب 4/ 361 - 363.