الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس بِحَيْضٍ. فعلى هذا ليسَ التِّسْعُ ولا العَشْرُ زَمَنًا لِلْحَيْضِ. قال القاضي: فيجِبُ على هذا أنْ يُقال: أَوَّلُ زَمَنٍ يَصِحُّ فيه وُجُودُ الحَيْضِ ثِنْتَا عشرةَ سَنَةً؛ لأنَّه الزَّمَانُ الذي يَصِحُّ فيه بُلُوغُ الغُلامِ. والأوَّلُ أصَحُّ.
108 - مسألة؛ قال: (وَالمُسْتَحَاضَةُ إنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا قِيلَ فِيهَا، وإنْ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَجْزَأَهَا)
اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في المُسْتَحَاضَة، فقال بعضُهم: يجبُ عليها الغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. رُوِىَ ذلك عن عليٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَباسٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وهو أحدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ في الْمُتَحَيِّرَةِ؛ لأنَّ عائشةَ رَوَتْ، أنَّ أُمَّ حَبيبَةَ اسْتُحِيضَتْ، فسألتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فأَمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ، [فكانتْ تَغْتَسِلُ](1) لِكُلِّ صَلَاةٍ، مُتَّفَقٌ عليه (2)، ورَوَى أبو داوُد، أنَّ امْرَأةً كانتْ تُهرَاقُ الدَّمَ على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَها [أنْ تَغْتَسِلَ] (3) عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ (4). وقال بعضُهم: تَغْتَسِلُ كلَّ يومٍ غُسْلًا. رُوِىَ ذلك عن عائشةَ، وعن ابنِ عمرَ، وأَنَسٍ، [وسعيد بْنِ المُسَيَّبِ] (5)؛ فإنَّهم قالوا: تَغْتَسِلُ مِن ظُهْرٍ إلى ظُهْرٍ. قال مالكٌ: إنِّي أحْسِبُ حديثَ ابْنِ المُسَيَّبِ إنَّما هو: مِنْ طُهْرٍ إلى طُهْرٍ. ولكنَّ الوَهَمَ (6) دخل فيه. يعني أنَّ الطَّاءَ غيرَ المُعْجَمةِ أُبْدِلَتْ بالظَّاءِ المُعْجَمَةِ. وقال بعضُهم: تَجْمَعُ بينَ كُلِّ صَلَاتَىْ جَمْعٍ بِغُسْلٍ واحدٍ (7)، وتغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ على ما فى حديثِ حَمْنة. وقد ذَكَرْنَاه (8)، وكَذَلِكَ أمَرَ به سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ (9). وقال بعضُهم: تَغْتَسِلُ مَرَّةً؛
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم في صفحة 403.
(3)
في م: "بالغسل".
(4)
تقدم في صفحة 392.
(5)
في م: "وسعيد وابن المسيب" خطأ.
(6)
الوهم؛ بالتحريك: الغلط. وبسكرن الهاء: سبق القلب إلى الشيء مع إرادة غيره.
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
في صفحة 403.
(9)
تقدم في صفحة 424.
لِانْقِضَاءِ حَيْضَتِهَا، وتَتَوضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (10)، وبه قال عَطَاء، والنَّخَعِيُّ، وأكثرُ أهلِ العِلْمِ، على أنَّ الغُسْلَ عندَ انْقِضَاءِ الحَيْضِ، ثم عليها الوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، ويُجْزِئُها ذلك. ويُرْوَى هذا عن عُرْوَة، وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ. وقال عِكْرِمَةُ، ورَبِيعَة، ومالكٌ: إنَّما عليها الغُسْلُ عندَ انْقِضَاءِ حَيْضِها، وليس عليها لِلاسْتِحَاضَةِ وُضُوءٌ؛ لأنَّ ظَاهِرَ حديثِ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشةَ، في حديثِ فاطمةَ بِنْت أبِى حُبَيْشٍ (11) الغُسْلُ فقط؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها:"فَاغْتَسِلِى وَصَلِّى". ولم يذكُرِ الوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. ولَنا، [قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ] (12):"إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، ولَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، فَإذَا أَقْبَلَتْ فَدَعِى الصَّلَاةَ، فإذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّى، وتَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلَاةٍ". قال التِّرمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وهذه زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُها. وفي حديث عَدِىّ بنِ ثَابِتٍ، عن أبيه، عن جَدِّهِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في المُسْتَحَاضَةِ:"تَدَعُ الصَّلَاةَ أيَّامَ أقْرَائِها، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى، وتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ (13) ". ولأنَّه دَمٌ خَارِجٌ مِن الفَرْجِ، فأوْجَبَ الوُضُوءَ كدَمِ الحَيْضِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ الغُسْلَ المَأْمُورَ به في سائِرِ الأحادِيثِ مُسْتَحَبٌّ، غَيْرُ وَاجِبٍ، والغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أفْضَلُ؛ لما فيه مِنَ الخُرُوجِ مِن الخِلَافِ، والأَخْذِ بالثِّقَةِ والاحْتِيَاطِ، وهو أشدُّ ما قيل، ثم يَلِيه في الفَضْلِ والمَشَقَّةِ الجَمْعُ بينَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، والاغْتِسَالُ لِلصُّبْحِ، ولذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه (14):"وَهُوَ أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إلَىَّ". ثم يَلِيه الغُسْلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، [ثم بعدَه](15) الغُسْلُ عِنْدَ انْقِطاعِ (16) الحَيْضِ، ثم تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وهو أقلُّ الأُمُورِ، وَيُجْزِئُها. واللهُ أعلمُ.
(10) من أول قوله: "وقال بعضهم" الماضى سقط من: الأصل.
(11)
تقدم في صفحة 277.
(12)
في م: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة".
(13)
تقدم في صفحة 397.
(14)
سقط من: الأصل.
(15)
في م: "بعد".
(16)
في م: "انقضاء".