الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّما مَسَحَ ظَاهِرَ الخُفِّ، ولا خِلافَ في أنَّه يُجْزِىءُ مَسْحُ ظَاهِرِهِ، قال ابنُ المُنْذِر: لا أعْلَمُ أحدًا يقولُ بالمَسْحِ على الخُفَّيْنِ يقولُ: لا يُجْزِىءُ المَسْحُ على أَعْلَى الخُفِّ.
فصل:
والحُكْمُ في المَسْحِ على عَقِبِ الخُفِّ كالحُكْمِ في مَسْحِ أسْفَلِهِ؛ لأنَّه ليس بِمَحَلٍّ لِفَرْضِ المَسْحِ، فهو كأسْفَلِهِ.
90 - مسألة؛ قال: (والرَّجُلُ والمَرْأَةُ في ذلك سَوَاءٌ)
يَعْنِى في المَسْحِ على الخِفافِ، وسَائِرِ أحْكَامِهِ وشُرُوطِهِ؛ لِعُمُومِ الخَبَرِ، ولِأنَّه مَسْحٌ أُقِيمَ مُقَامَ الغَسْلِ، فاسْتَوَى فيه الرِّجالُ والنِّساءُ، كالتَّيَمُّمِ، ولا فَرْقَ بينَ المُسْتَحَاضَةِ ومَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ، وغَيْرِهما. وقال بعضُ الشَّافِعِيَّة: ليس لهما أنْ يَمْسَحَا على الخُفِّ أكْثَرَ مِنْ وَقْتِ صَلاةٍ؛ لأنَّ الطَّهارةَ التي لَبِسَا الخُفَّ عليها لا يُسْتَبَاحُ بها أكْثَرُ مِنْ ذلك. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السلام:"يَمْسَحُ المُقِيمُ يَوْمًا ولَيْلَةً، والمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ولَيَالِيهِنَّ". ولأَنَّ المَسْحَ لا يَبْطُلُ بِمُبْطِلَاتِ الوُضوءِ (1)، فلا يَبْطُلُ بِخُرُوجِ الوَقْتِ. لكِنْ إنْ زالَ عُذْرُهما كَمَّلا في بَابِهما، فلم يكنْ لهما المَسْحُ بِتلْكَ الطَّهَارَةِ، كالتَّيَمُّمِ إذا كَمَّلَ (2) بالقُدْرَةِ على الماءِ، لا يَمْسَحُ بالخُفِّ المَلْبُوسِ على التَّيَمُّمِ.
فصل: ويَجُوزُ المَسْحُ على العِمَامَةِ، قال ابْنُ المُنْذِرِ: ومِمَّنْ مَسَحَ على العِمَامَةِ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، وبه قال عمرُ، وأَنَس، وأبو أُمامَة، ورُوِىَ عن سَعِيدِ بنِ مَالِكٍ، وأبي الدَّرْدَاء، رَضِىَ اللهُ عنهم، وبه قال عمرُ بن عبد العزيز، والحسنُ، وقَتادَة، ومَكْحُول، والأوْزَاعِىُّ، وأبو ثَوْرِ، وابْنُ المُنْذِرِ. وقال عُرْوَة، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، والقاسِمُ، ومَالِك، والشَّافِعِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ: لا يَمْسَحُ عليها؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} . ولأنَّه لا تَلْحَقُه المَشَقَّةُ في نَزْعِها، فلم
(1) في م: "الطهارة".
(2)
في م: "أكمل".
يَجُزِ المَسْحُ عليها، كالكُمَّيْنِ. ولنا، ما رُوِىَ عن المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَة، قال: تَوَضَّأَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومَسَحَ على الخُفَّيْنِ، والعِمَامَةِ (3). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وفى "مُسْلِم": أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ علَى الخُفَّيْنِ والخِمَارِ (4). قال أحمدُ: هو مِنْ خَمْسَةِ وُجُوهٍ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِهِ، عن عُمَر، رَضِىَ اللهُ عنه أنَّه قال: مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ المَسْحُ على العِمَامَةِ فلا طَهَّرَهُ اللهُ. ولأنَّه حَائِلٌ في مَحَلٍّ وَرَدَ الشَّرْعُ بِمَسْحِهِ، فجازَ المَسْحُ عليه، كالخُفَّيْنِ، ولأنَّ الرَّأْسَ عُضْوٌ يَسْقُطُ فَرْضُهُ في التَّيَمُّمِ، فجازَ المَسْحُ على حَائِلِه، كالقَدَمَيْنِ، والآيةُ لا تَنْفِى ما ذَكَرْناهُ؛ فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم مُبَيِّنٌ لِكَلَامِ اللهِ، مُفَسِّرُ له، وقد مَسَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم على العِمَامَةِ، وأمَرَ بالمَسْحِ عليها، وهذا يَدُلُّ على أنَّ المُرَادَ [مِن الآيةِ](5) المَسْحُ على الرَّأْسِ، أو حَائِلِهِ. ومِمَّا يُبَيِّنُ ذلك، أنَّ المَسْحَ في الغَالِبِ لا يُصِيبُ الرَّأْسَ. وإنَّما يَمْسَحُ على الشَّعْرِ، وهو حائِلٌ بَيْنَ اليَدِ وبَيْنَه، فكذلك العِمامَةُ، فإنَّه يُقَالُ لِمَنْ لَمَسَ عِمَامَتَهُ أو قبَّلَها: قبَّلَ رَأْسَهُ ولَمَسَهُ. وكذلك أمَرَ بِمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ، واتَّفَقْنَا على جَوَازِ مَسْحِ حَائِلِهِما.
(3) أخرجه مسلم، في: باب المسح على الناصية والعمامة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 230، 231. وأبو داود، في: باب المسح على الخفين، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 33. والترمذي، في: باب ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 150. والنسائي، في: باب المسح على العمامة مع الناصية، وباب كيف المسح، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 65، 66. وعن غير المغيرة بن شعبة أخرجه البخاري، في: باب المسح على الخفين، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 62. وابن ماجه، في: باب ما جاء في المسح على العمامة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 186. والدارمى، في: باب المسح على العمامة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 180. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 179، 5/ 281، 288، 439، 440.
(4)
أخرجه مسلم، في: باب المسح على الناصية والعمامة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 231. والترمذي، في: باب ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 15. والنسائي، في: باب مسح العمامة، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 64. وابن ماجه، في: باب ما جاء في المسح على العمامة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 186. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 281، 288، 439، 440، 6/ 12 - 15.
(5)
في م: "بالآية".