الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدة المغرب العربي أمانة مقدسة في أعناقكم
ثالثا: لقد لمستم بأنفسكم، ما كان لاتحاد المغرب العربي، وتعاون أبناء أمته، في الكفاح، من أثر فعال، في احترام الدنيا له، وفي الاعتراف بوجوده الكريم، وبحقه في الحياة الحرة وفي الاستقلال، لذلك أناشدكم الله باسم الأجيال، أن تجعلوا قضيته واحدة، لا تفريق فيها، كما جعل الله أمته واحدة، في توحيد دينها وفي جنسها وفي لغتها، وطبيعة أرضها، وفي تقاليدها وصالحها، وحتى في توحيد أعدائها المستعمرين، على أنني لست الآن بصدد وضع الخطط لكم، حتى تكون برنامجا لوسائل تحقيق هذه الوحدة، معاذ الله أن أقصد إلى ذلك، فإن في رجالكم كل الكفاية والحمد لله، بل الغاية طويلة، والعمل التفصيلي، إنما تمليه الظروف اليومية، وإنما مهمتي الآن، أن أذكركم بمبدأ قدسية هذه الوحدة، التي عملنا لها، علم الله منذ ربع قرن ونيف، وإني أرى وجوب وضعها في حساب كل عمل، يعرض لكم، كحكومة تحضيرية، وكل إليها أمر وضع القواعد الأساسية، لمستقبل هذه الأمة العريقة.
جيش التحرير هو رأس مالنا المفدى
رابعا: لقد وقع إخواننا التونسيين، في خطأ كبير، حينما دعوا المقاتلين الأبرار إلى التسليم، وإلى وضع الأسلحة، فهؤلاء الأبطال المقاتلون، إن كانوا في نظر فرنسا لصوصا، كما تزعم دائما، فيجب أن يكونوا في نظرنا نحن، هم جيش الأمة المظلومة المغلوبة على أمرها، ويجب أن يكونوا في نظرنا، أكثر من مجاهدين عاديين، ولكنهم الزمرة المثالية التي يعود إليها، أكبر الفضل بعد الله في خضوع العدو للاعتراف بنا، والتحدث إلينا، وإخراجنا من السجون والمنافي والمعتقلات، فضلا عن دعوته إيانا، لكون حكاما ووزراء، وعليه فلا يجوز بحال من الأحوال، أن تدعو هذا الجيش المكافح، إلى التسريح، إلا إذا رضيت فرنسا نفسها بأن تسرح جيشها، بل
الواجب والحزم في نظري، أن يبقى هذا الجيش قائما، وأن نعمل على تنميته، حتى بعد الاستقلال الفعلي، ليكون نواة طاهرة، لجيش وطني كريم، وفي ذلك اعتراف متواضع، بفضله من جهة، وفيه اطمئنان إلى أمانته وإخلاصه من جهة أخرى، وإلا فسنضطر حتما، إلى أن نضع قواتنا المسلحة، وأسرارها في أول عهدها، بين يدي رجال مرتزقة، أو مشكوك في وطنيتهم، كما حصل لبعض شقيقاتنا المحترمة، أما عقد هدنة بين الجيشين، بشروط كريمة واضحة، يتفق عليها الطرفان، لمصلحة الجميع، ولمصلحة السلام فذلك أمر لا بأس به، بل مرغوب فيه، بشرط أن تكون هدنة شاملة، ويرضى بها جيش التحرير الموحد، حتى لا يجد الاستعمار، منفذا لتفريقنا، وتوهين قوانا، ثم الغدر بنا في النهاية. خامسا: إن أي غموض أو قيد في النصوص على الاستقلال التام، يجب أن يعتبر سوء نية، من جانب الاستعمار، وحيلة وضعت قصدا للتراجع حين اللزوم.
سيدي الرئيس
أرجو من كرم أخلاقكم، أن تتقبلوا هذا التذكير المتواضع، من أخ لكم في الوطن والجهاد، بصدر رحب وبعناية تتفق وخطورة المهمة، التي وكلت إلى حكومتكم، كما أرجو مثل ذلك، من إخواننا الوزراء أعزهم الله، وأرجو أن ترفعوا أسمى تحياتي وأعظم إجلالي لجلاله السلطان المعظم، حفظه الله، ذخرا للجهاد والثبات، ورمزا لاستقلال المغرب العربي ووحدته، وأسأل الله جلت قدرته، لكم ولوزرائكم أن يوفقكم لما فيه مصلحة الوطن الكبرى، وأن يسدد خطاكم، ويمدكم بعون من عنده، لإتمام مهمتكم النبيلة المقدسة، والسلام من المخلص.
الفضيل الورتلاني