الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجد العظيم، ثوار فرنسا ورجال المقامة فيها، ولا يزالون يعيشون على فتات ذلك المجد العظيم، وما قال لهم قائل فرنسي أو غير فرنسي أنكم خائنون.
وبعد؛ فمن هم هؤلاء الأبطال وماذا صنعوا حتى يستحقوا كل هذا التمجيد هنا محل الشاهد: لأن هؤلاء إنما كانوا ثوارا يقاتلون المحتلين الألمان، ويعني ذلك أنهم إنما صنعوا مثل ما يصنع الثوار الجزائريون اليوم تماما، وثوارا استعانوا بجميع دول الأرض وشعوبها، ودعوا جيوشها للنزول في أراضيها مؤقتا، وقبل ذلك أخذوا من الأمريكان أسلحة ودولارات، ومن الإنكليز ذخائر وجنيهات، ومن الروس الأسلحة والذخائر معا، ثم الرجال والروبيلات، وأملنا في أبطال فرنسا الأسوة الحسنة، ففي سبيل تحرير وطننا نحن مستعدون لقبول كل ذلك، ومن أي جهة كانت حتى من فرنسا نفسها، بل يعلم الله أن لو كان ذلك من فرنسا لكان أحب الأشياء إلى نفوسنا. أما تسميتها للعمل الواحد باسمين متناقصين، بطولة منها، وخيانة منا، فإنه من دواعي سخرية العالم بمنطقها.
أما إن كانت الدول المساعدة لثوار المغرب العربي هم العرب والمسلمون، فأغلب ظني أنه لا اعتراض عليه، لأنه صلة رحم واجبة، ويا ليتها كانت، يبقى الزعم بأن العون الأجنبي لا بد له من ثمن، فإنه سخف لأن هؤلاء الأجانب أنفسهم هم الذين حرروا فرنسا من قبل، ولم يقبضوا أي ثمن إيجابي سوى التنكيل بأعدائهم. وأخيرا فإنما الذي يهمنا أن يعلم ويطمئن من يعنيه أمر مستقبلنا بحق، أن لا استعمار بعد اليوم في المغرب العربي بإذن الله، ولو جاء من قبل سكان السماء.
الكلمة في انتخابات الجزائر هي للثوار وحدهم
جريدة بيروت المساء سنة 1956 والمنار الدمشقية
قال لي صاحبي: الآن وقد حلت الحكومة الفرنسية مجلسها النيابي، وقررت إجراء انتخابات جديدة، فما رأيك في موقف الجزائر منها؟
قلت لصاحبي على الفور: إن الكلمة اليوم في الجزائر هي للثورة والثوار، ليس غير، لأن صوتهم - صوت النار والحديد - هو وحده الذي يستطيع أن يسمع الاستعمار الفرنسي، وهؤلاء الثوار هم جيش الأمة المغلوبة على أمرها، وهم يعملون عملهم اليوم في شجاعة وشرف، ويؤدون رسالتهم المقدمة في أمانة ونبل، والأمة من ورائهم تؤيدهم وتفيدهم بكل مرتحض وغال، والله فوق الجميع لا يضيع أجر من أحسن عملا، إذا أخلص فيه.
قال صاحبي: وما رأيك الخاص؟ هل ترى رجحان المصلحة في اشتراك الجزائريين بهذه الانتخابات البرلمانية، أم ترى المصلحة في مقاطعتها؟
قلت: يجب أن تعرف أولا: ما هي نسبتنا نحن معشر الجزائريين في مجلس نواب باريس، وما هو طراز هذه النسبة وما هي فائدتها؟
إن نسبة نواب الجزائر، التي قررتها الديمقراطية الفرنسية، في أحدث دستور لها سنة 1947 كانت (13) نائبا يمثلون 11 مليونا من العرب، لأنهم عرب، بينما جعلوا نفس النسبة لخليط المتفرنسين وعددهم (800) ألف، ومزية المتفرنسين هؤلاء الوحيدة، إنهم ليسوا بعرب فقط، ولعل هذه القسمة، من ضن ما يصلح في نظر فرنسا، أن يكون دليلا على أن الجزائر فرنسية، وأن الجزائريين فرنسيون، على أن هذه الشركة نفسها، التي لم نعترف نحن بشرعيتها في يوم من الأيام، أو أنها على علاتها كانت مبنية على قواعد العدل، وقائمة على أصول الحرية، لكان عدد نواب الجزائر في برلمان باريس نحو (140) نائبا بدل (13) أما طراز نوابنا هؤلاء فإن أكثريتهم الساحقة، إنما هم معينون في صورة منتخبين، إذ ما عرفت الجزائر العربية يوما انتخابا حرا، أو شبه حر في جميع مجالسها، ومن مكر فرنسا أنها كانت تتعمد دائما، ترك عدد قليل من الوطنيين الأحرار ينجحون لتستدل بهم على حرية الانتخابات، وعلى وجود معارضة ظاهرة، على أنها تعلم طبعا أنها معارضة لا تسمن ولا تغني
…