الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل مراكش ومثل تونس، فإذا لم يقع عمل بات وسريع، لفائدة الجزائريين، فإنه لا لوم عليهم ولا تثريب، إذا ما ركبوا المراكب التي تدعو إلى اليأس.
لا ريب أننا سنجد من يقول لنا، عندما نصيح صيحة الخطر، وننادي بوجوب السرعة في عمليات الإنقاذ، أنكم لستم من الفرنسيين الصالحين. سنقول لهم في قوة وجرأة، كلا بل إننا نحن الصالحون من الفرنسيين، لأن الفرنسي الصالح. هو الذي يقول لأمته كلمة الحق ولا يخفي عنها شيئا. ولا يرتكب جريمة السكوت، وسنكون أيها السادة - ونعدكم، بهذا - من أحسن الفرنسيين.
هذه هي شهادة الوزير الفرنسي للجزائر على دولته والفضل ما شهدت به الأعداء وبها تختم هذه المذكرة والسلام.
عن مكتب جمعية العلماء الجزائريين بالقاهرة
البشير الإبراهيمي
الفضيل الورتلاني
بيان من المؤتمر السنوي لجمعية العلماء الجزائريين
بمناسبة الاجتماع العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، المنعقد في يوم السبت الموافق لـ 7 يناير سنة 1956 بعاصمة الجزائر، قرر المجتمعون بالإجماع البيان التالي:
الاستعمار مسؤول عن كل شيء
…
نحن المجتمعين من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
نعلن بكل صراحة، أن الاستعمار المفروض بقوة السلاح على القطر الجزائري منذ سنة 1830 هو المسؤول الوحيد عن كل المآسي والمصائب والويلات، التي
وقعت في القطر "الجزائر"، وذلك بما أحدثه فيه من ميز عنصري مخجل، وما سلكه فيه من سياسة التفقير والتجهيل والحرمان من كل نعم الحياة، بالنسبة للعنصر الإسلامي، وما حارب به الدين الإسلامي في أقدس مقدساته، وما أجهز به على التعليم العربي القرآني في كل جهة من جهاته، وما تعمده من محق جنسية الأمة، ومحاولة ابتلاعها، ومحو كل مظهر من مظاهر سيادتها، وما أعلنه مرارا رغم إرادتها، من إلحاقها وإدماجها، إلى أن أوصل الأمة بكل ذلك إلى درجة اليأس، فعمدت إلى الأعمال التي يوجبها اليأس.
ونرفع أصواتنا بالاحتجاج الصارم العنيف، على ما ارتكب في مختلف جهات البلاد من أعمال البطش والإرهاب والتنكيل، وما وقع من الفظائع والفضائح والمنكرات، بدعوى الزجر ومحاولة إخماد الثورة.
كما نحتج الاحتجاج الصارخ، على تلك المظالم المثيرة المتعددة، التي وقعت على مدارس جمعية العلماء، وما وقع على المعلمين فيها من حيف وجور، بين سجن وتغريم وإبعاد إلى المحتشدات.
ونترحم على الشهداء الأبرار الذين ذهبوا ضحية القمع الأعمى الفظيع، وندعوا الأمة للقيام بواجبها نحن أبنائهم وعائلاتهم، وكفالتهم كفالة يوجبها الإسلام وتفرضها المروءة والشرف.
ونبعث بصادق الود وعظيم التقدير والعطف، لسائر رجال الأمة الأحرار الأبرار، الذين أوصدت عليهم أبواب السجون، أو أطبقت عليهم الأسلاك الشائكة في المحتشدات، ونشاركهم في تلك المحن التي تقبلوها بثغور باسمة وصدور رحبة، ونعلمهم أن الأمة الحية الشاعرة لن تنسى لهم تضحيتهم، وأنهم سيكونون غدا في طليعة العاملين على إنشاء الهيكل الوطني العظيم.
ونرفع عظيم الامتنان ووافر التقدير، لسائر الأحرار في كل أقطار الدنيا، ولجميع الصحف العالمية النزيهة، ولسائر الحكومات الحرة التي أيدت الأمة الجزائرية في نضالها الشريف، ودافعت عنها، ومدت يمين الأخوة لمبادئ الحق والعدل
والتحرير، ونرجو أن يشارك كل شعب حر، وكل حكومة حرة، وكل صحيفة نزيهة، في هذا الكفاح الميمون. لفائدة الحق والعدل والحرية بالبلاد الجزائرية.
ونعلن مرة أخرى، أن كل سياسة مبنية على ترقيع الماضي، وإجراء "إصلاحات على قاعدة" النظم الاستعمارية الحالية مهما تغير اسمها، إنما هو من قبيل العبث والاستهتار، والإمعان في الزج بالأمة الجزائرية في مضيق اليأس الذي لا يحدث إلا الانفجار.
ونقول كلمة صريحة علنية، نرجو أن يسمعها المسؤولون في باريس، وأن يمسمعها العالم أجمع، وهي أنه لا يمكن حل القضية الجزائرية بصفة سليمة وسريعة إلا بالاعتراف العلني الصريح بكيان الأمة الجزائرية الحرة، وجنسيتها الخاصة، وحكومتها القومية، ومجلسها التشريعي المطلق التصرف، في دائرة واحترام مصالح الجميع، والمحافظة على حقوق الجميع.
ونؤكد أنه لا يمكن وضع حد لحالة الحرب الحاضرة، والإقدام على بناء النظام الحر الجديد، إلا بواسطة التفاهم الصريح المخلص، مع سائر الممثلين الحقيقيين للشعب الجزائري، من رجال الحل والعقد الذين أظهرهم الكفاح الجزائري.
ونوصي الأمة ختاما بالحق، ونوصيها بالصبر ونستحثها على العمل الصالح، والثبات وتوحيد الصفوف، ونسيان الخلافات القديمة، حتى تستطع متحدة متظافرة، أن تصل قريبا إلى الدرجة الرفيعة التي أهلها لها جهادها المستمر منذ أحقاب، وكفاحها الشريف الذي أصبح في العالم مضرب المثل؟ وتاريخها الحافل بجلائل الأعمال.
{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} التوبة: 105.