الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلى القارئ الكلمة الأولى بقلم الأمير "مختار الجزائري" نائب رئيس الجبهة يومئذ، لأنها تتعلق بكيفية تكوين الجبهة، ثم تتلوها بقية المختارات، قال الأمير مختار تحت عنوان:
كيف تكونت جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا
في يوم من أيام ذي القعدة من سنة 1362 ورد علي تلغراف من يافا فلسطين وأنا يومئذ ببيروت، يطلب إلي فيه مرسله وهو من أعز الناس عندي أن أحضر إليه لأمر مهم سبق لنا فيه حديث طويل ويتصل بقضية الوطن العزيز، ويذكر لي أن "من حدثني عن جهاده موجود" ولم أجد صدري منشرحا في حياتي مثل ذلك اليوم، فلم أتردد كثيرا ولا قليلا إلا قدر ما وسع التهيؤ للسفر، فتوجهت إلى يافا فوجدت أخا لي في الله والوطن الأستاذ الفضيل الورتلاني سمعت بجهاده كثيرا ولكن لم أره، واختلينا أنا والأخ الورتلاني مع اثنين من أعز أصدقائنا فتناجينا طويلا واستعرضنا أمجاد ماضي الجزائر والمغرب والعرب والإسلام، فسالت الدموع حزنا على ما ذهب، وسرورا بما حفظ الله لهذه الأمة المجيدة من أسباب الخلود، ثم استعرضنا الحاضر بما فيه من خير وشر ثم قلنا: إن ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها، وإن خدمة الأوطان لا سيما في الظروف القاسية التي تقرر فيها المصائر من أجل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله جلت قدرته، خصوصا عندما تكون خالية من كل غرض بريئة لوجهه الكريم.
وبما أن القيام بمثل هذه الرسالة الجليلة لا يتم إلا في مركز واسع الصلة بالدنيا، اتجهت النية للانتقال إلى القاهرة، وبذلت في سبيل ذلك أمام المعاكسات الاستعمارية ما الله به عليم، وتم الانتقال لي منفردا ثم للعائلة جميعا وبدأ العمل
للقضية فأسسنا جمعية الجالية الجزائرية، وأسسنا اللجنة العليا للدفاع عن الجزائر اشترك في عضويتها أعظم الشخصيات العربية من جميع الأقطار، فاتصلنا بجميع الحكومات العربية وملوكها وأمرائها وهيئاتها وأحزابها وجرائدها، كما اتصلنا بجميع الدول المتحالفة من طريق المذكرات والتلغرافات والمقابلات والمحاضرات، واستطعنا كذلك أن نتصل بالوطن من طريق بعض المنشورات والقصاصات والرسائل الخاصة، كل ذلك في ظروف كانت الرقابة على المطبوعات والرسائل على أشدها، فصادفنا من العقبات ما لم نستطع تلافيه إلا بشيء كثير من الصبر والمصابرة وكان العزاء لنفوسنا ما كنا نلمسه من أثر محسوس لهذه الأعمال المتواضعة، وفي هذه الأثناء كانت الظروف تجمعنا بخيرة الرجال من أبناء المغرب العربي أمثال حضرة صاحب الفضيلة العلامة الجليل السيد محمد الخضر حسين وأمثال الدكتور محمد عبد السلام العيادي وأحمد نجيب بك برادة عضو الشيوخ والحاج أحمد بن قايد ومصطفي بك بيرم وأصحاب الفضيلة الشيخ إبراهيم أطفيش والشيخ إسماعيل علي والشيخ السعدي عمار والحاج اليمين الناصري وأمثال حضرات الشبان الأساتذة أبو مدين الشافعي وأحمد ابن المليح وحمود بن قايد وأحمد السعدي ومحسن بيرم وغيرهم كثيرون وكنت ألمس من هؤلاء جميعا ثقة بالله إيمانا بعد قضية وطنهم، وكان الحديث، الوطني بيننا يشمل دائما كل أقطار المغرب، لعله من هنا ابتدأت فكرة إيجاد هيئة جامعة تتناول قضية إفريقيا الشمالية موحدة، وكان من حضرات المذكورين وغيرهم تأليف الجبهة فيما بعد.
وأمامي الآن قانونها الأساسي مصدر بكلمة مختصرة جامعة لمقاصدها شارحة لحقيقتها، وهي خير ما يوضع بين يدي القارئ وهذه هي وإليكم فيما يلي: