الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا بعد أن تختفي دولة إسرائيل من الوجود. أما السبب الذي حمل المسؤولين في تونس ومراكش على إشراك اليهود بأول وزارة وطنية بعد حكم الاستعمار فهذا ما لا أعلمه حتى الآن وأنه ليقتضينا الواجب أنا وأنت وجميع العقلاء أمورا ثلاثة:
أولها - أن ننكر هذا المبدأ من أساسه ونبين للناس فساده، الأمر الثانى - أن نظل نلح في السؤال عن السبب الحقيقي حتى نعلمه ولو لمجرد العلم. لأن العلم بالشيء خير من الجهل به، الأمر الثالث - أن لا نجعل هذا الخطأ كافيا للحكم على المسؤولين بالتهاون أو الخيانة، فسبحان الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ولقد أمن صاحبي على الكل وقمنا متفقين والحمد لله.
فرنسيون يقولون: الجزائر للجزائريين، اشتباك في باريس بسبب الجزائر نشرت الصحف الخبر التالي في 22 ففري 1956:
اصطدمت اليوم جماعتان من الطلبة في باريس بسبب الموقف في الجزائر، فقد تظاهر عدد من الطلبة الذين لهم آباء وأقارب أوروبيين في الجزائر، أمام كلية الحقوق، يهتفون ببقاء الجزائر فرنسية، فتصدت لهم جماعة من الطلاب، هتفت "الجزائر للجزائريين" ثم نشبت معركة بين الجماعتين، وتدخل البوليس وقبض على عدد كبير من الطلبة.
الشعب الفرنسي يعيش في شقاء
جريدة بيروت المساء سنة 1956 والمنار الدمشقية
50 في المائة من أبناء فرنسا لا يجدون الملابس الضرورية والمستعمرون بالجرائر، يتقلبون بين قناطير الذهب والفضة.
قد يظن الكثير من الناس بأن وباء الاستعمار وسمومه إنما يصيب المغلوبين على أمرهم من الناس فقط، أما أبناء المستعمرين مثلا، فهم في نعم الغنائم يتمتعون،
وفي بحبوحة الراحة يتقلبون، وهذا هو المتبادر إلى الأذهان السليمة، ولا يعقل في عالم المنطق سواه، مع أن الحقيقة غير ذلك على خط مستقيم.
إذ الواقع أن تستعين بالمائة من أبناء فرنسا المستعمرة بالذات إنما يعيشون في شقاء دائم ما بين الإنهماك في استعداد للحرب. وما بين اشتباك في حرب بالفعل. وكل ذلك لأجل أن يحفظوا لبضع مئات من آلهة المال بقاء سلطانهم وأسباب طغيانهم في الداخل والخارج.
فحال هؤلاء التعساء في أيام السلم، ضنك مستمر، إذ يساقون إلى المعامل الصناعية فتكوى جلودهم بين نيرانها مقابل أجر زهيد لا يسد رمقهم، ولا يدفئ أجسامهم ولا يستر في بعض الأحيان عوراتهم، والباقي من الأرباح الطائلة، يذهب طبعا إلى جيوب السادة المنتجين، والمصدرين إلى المستعمرات المسكينة، وهؤلاء الأهالي التسعون بالمائة، هم الذين يحملون أفدح نسبة من الضرائب، بالنسبة لمدخولهم المحدود. وهي في النهاية، إنما تنفق على تعزيز القوة الباطشة، من الجيش والبوليس، والدبلوماسية الخبيثة.
وأما وضع هؤلاء في حالة حرب، فإن الأمر مفهوم بداهة، لأنهم إنما يفارقون الأهل والأولاد والوطن. ويساقون إلى الموت، إلى التشويه والغربة والعذاب على الأقل. هذا هو نصيب الأكثرية الساحقة من أبناء الشعوب المستعمرة، وقد أحس هؤلاء في المدة الأخيرة، بالخطر الذي يهددهم على الدوام. فظهر تمرد جديد، يدعو إلى الامتناع عن دفع الضرائب، وهذه ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن تمرد الجيش نفسه، وقد علم الناس في هذه الأيام القريبة، بأن المسمى الميسيو بوجاد زعيم الداعين إلى التمرد عن دفع الضرائب، قد خاض الانتخابات الأخيرة، على سبيل الاستفتاء فخرج بمعجزة، لم يكن أحد يتوقعها، لا في فرنسا ولا في العالم، إذ فاز باثنين وخمسين مقعدا في مجلس النواب الجديد ولم تكن له أية سابقة في السياسة، ولا كان أحد من الناس يعرف عنه شيئا، مما يدعو إلى اتباعه، وإنما كانت ميزته الوحيدة وباسمها فقط، تقدم أنصاره، إلى الناخبين، وهذه المزية هي الدعوة للتمرد ضد دفع الضرائب.
ويسرنى في هذه المناسبة أن أنقل إلى القراء هنا بيانا أذاعته مؤسسة رسمية لاستفتاء الرأي العام الفرنسي قد نشرته عدة صحف فرنسية وعربية ونحن ننقل ملخصها عن جريدة التلغراف بتارخ 9 - 1 - 1956 ليعرف الناس بالأرقام وعن طريق هيأة فرنسية مسؤولة:
أي شقاء يعيش فيه الشعب الفرنسي التعس، الذي كان غافلا حتى الأمس القريب، لما يريد به إخوانه المستعمرون، هؤلاء السفاحون الذين ما فتئوا يسفكون دمه في الحروب الإستعمارية، ثم حرموه اللقمة، وحرموه الملابس الضرورية، وهم يتمرغون في الملايين من الذهب والفضة ويحاولون التشبه بأهل الجنة في التمتع.
وتقول هذه المؤسسة بعد التحقيق: إن خمسين بالمائة من الذكور الفرنسيين، لا يجدون الألبسة الكافية، وأن الإفرنسي في الوقت الحاضر لا يستطيع أن ينفق على الملابس أكثر من 230 ليرة في السنة، أما الفرنسية فإنها لا تنفق أكثر من مائة وسبعين ليرة، وأكثر الفرنسيين يشترون طقما كل ثلاث سنوات وهو طقم جاهز عادي، وهناك 25 بالمائة فقط ممن يقصدون الخياطين لتفصيل ألبستهم، والفرنسي لا يستطيع أن يخصص لملابسه الداخلية والقمصان، أكثر من ستين ليرة في السنة، وأن عشرة في المائة من أهل الأرياف لا يجدون القمصان مطلقا، هذا ما قالته المؤسسة الفرنسية عن شقاء الشعب الفرنسي وتعاسته، بعد تحقيق واستفتاء ونحن ننصح لهذا الشعب العريق، إذا أراد السعادة والرفاهية، أن يثور على الاستعمار لأنه هو وحده سبب شقائه، وأول خطوة عملية نحو ذلك هي الاستجابة لمطالب الثوار في الجزائر، والتسليم لهم بالاستقلال الصحيح.
وبعد فهل أنتم فاعلون يا أبناء المبادئ والثورات؟
أرجو ذلك
…