الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي المجالس النيابية المحلية، يمثل ثلاثة أرباع المليون من المتفرنسين ثلاثه أخماس في بعضها، وثلثان في البعض الآخر، بينما يمثل عشرة ملايين من الجزائريين العرب خمسان في بعضها، وثلث في البعض الآخر، وعلى هذه القاعدة الإندماجية فإن عشرة ملايين من الجزائريين لا يعادلون نصف مليون من المتفرنسين. والقانون العام الذي يحكم الجزائريين. فإنه خاص بهم يسمى "قانون الأهالي".
وهذا القانون الشاذ ما عرفت العصور البربرية المظلمة مثله. أما لغة الجزائريين العربية، المتوارثة منذ أربعة عشر قرنا، أبا عن جد، فإن القانون الفرنسي "الإندماجي" يعتبرها لغة أجنبية في وطنها الجزائر .. وهكذا سائر الأوضاع الأخرى. التي لا تجد فيها مساواة بين جزائري، وفرنسي، حتى في أبسط الأمور التي يطمع حتى الحيوان في القرن العشرين أن يساهم فيها.
هذا توضيح بسيط أقدمه إلى القارئ ليدرك أن الفرنسيين أنفسهم. كانوا كاذبين في دعوى إدماج الجزائر في فرنسا، ولا يزالون يكذبون حتى اليوم، ويغالطون، وإننا لنتحدى فرنسا أن تثبت غير ذلك. أما الذي يجب أن يعرفه الناس جميعا، فإن الجزائر أمة قائمة بذاتها، مستكملة الشروط والخصائص، وأنها كانت قائمة موجودة قبل وجود فرنسا، ولا تزال، وستظل موجودة إلى ما شاء الله، ثم أن الجزائريين أحرار مثل الفرنسيين أنفسئهم لا يريدون إندماجا ولا إلتحاقا، وكانت دواعيه وملابساته متوفرة، وموانعه غير قائمة، لما كان هذا الإندماج إلا بإخوانهم العرب دون سواهم.
مصالح الفرنسين هي استعباد الجزائريين
س - ما هي طبيعة المصالح الفرنسية في الجزائر التي يدعونها، وماذا يخشون عليها لو استقلت الجزائر؟
ج - إن ما يقصده الفرنسيون المستعمرون بمصالحهم في الجزائر، لا يمكن أن يخطر لعاقل ببال .. لأن معنى المصالح عندهم أن يكونوا على الدوام سادة، وأن
يكون الجزائريون على الدوام عبيدا .. والقاعدة معلومة .. وهي أن العبد وما ملك لسيده .. والواقع أن مجرد الكلام في رفع صفة الرق عن الجزائريين، كان دوما يهيج المستعمرين، ويجعلهم ينادون ويهددون بالويل، والثبور، وعظائم الأمور .. ثم يندبون مصالحهم المهددة بالخطر والزوال. وهذا هو بعينه ما اصطلحوا على تسميته بالوجود الفرنسي، يعنون به الاستعباد الفرنسي للجزائريين، ولجميع سكان المغرب العربي.
ولعله يسهل على العاقل أن يصدق هذا بالهين مع أنه خال من كل مبالغة بل يقصر عن الحقيقة، ونحن نتحدى الفرنسيين دائما إذا استطاعوا أن ينفوا شيئا منه.
والدليل الواضح أن الجزائريين الذين يطالبون بالاستقلال وهو حقهم الطبيعي في الحياة والكرامة. والذي لا يوحي لهم به أحد، ليعترفون للمستعمرين الفرنسيين بالجنسية الجزائرية وبالمساواة المطلقة مع الجزائريين الأصليين وفي جميع الحقوق والواجبات، وإنهم ليعترفون لهم فوق ذلك بالحقوق المكتسبة أو بالأحرى بالثروات المغتصبة من الجزائريين المساكين، والمكدسة طول قرن وربع القرن من حكمهم الجائر الجبار، هذا وحتى لو تم للجزائر استقلالها اليوم بالفعل، فسيظل الفرنسيون متفوقين مدة نصف قرن أو تزيد، وذلك لما تجمع لديهم من مال وثقافة، أو بما أصاب الجزائريين مقابل ذلك من فقر مدقع، وحرمان من الثقافة والتعليم في الكيفية والكمية. وأما مصالح فرنسا في الجزائر كدولة، فإن الجزائر المستقلة ستكون عاقلة منصفة، إذا أرادت فرنسا أن تسير في طريق العقل والعدل والإنصاف، ولقد جربت فرنسا أساليب التهور والغطرسة في سوريا ولبنان، وجربتها في الهند الصينية ويذكر القارئ أنها قد خرجت من هذه البلدان جميعا بأقبح وداع، وأسوأ الذكريات.
جريدة الجريدة عدد 860