الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل لا يعتقد المراسل البريطاني، أن مبلغ 300 مليون دولار، لا تشكل خطرا على العرش السعودي خاصة، والمستر "إيزارد" يعلم أن الإتحاد السوفياتي، قد عرض على الحكومة المصرية مبلغ 200 مليون دولار، لبناء السد العالي، فهل تتأخر الحكومة السوفياتية عن منح السعودية، أضعاف هذا المبلغ، إذا شاءت.
ليحارب الاستعمار البريطانى، على جهة أخرى، لأن فشله على هذا محتما، وليجد أساليب أجدى
…
إذا لم يقتنع بعد، بأن ساعة نهايته قد قربت
…
وكتب الأستاذ نصري المعلوف المسيحي في الجريدة
بتاريخ 15 - 4 - 56 الكلمة الآتية:
كلمة حق تغني عن الجيوش
..
من ذا الذي يستطيع أن يصدق، بأن دولة كبيرة كفرنسا، تعلن النفير العام، لتجنيد مئتي ألف محارب جديد، تبعث بهم إلى الجزائر، لينضموا إلى زملائهم هناك، فيتألف منهم جيش عدده نصف مليون جندي، يقاتلون خمسة عشر ألف مجاهد جزائري.
إنه لولا أن وردت هذه الأنباء، على لسان المسؤولين في باريس، لحسبناها ضربا من الدعاية، لأولئك الأبطال الثائرين لكرامتهم وحرية بلادهم.
على أن القضيه، إذا كانت تبدو عجيبة غريبة من الوجهة العسكرية، للتفاوت العظيم، بين القوتين المجاورتين، في العدة والعدد، فإن هذه القضية، لتبدو أعجب وأغرب، من الواجهة السياسية والقانونية والإنسانية. وهي الناحية التي يدور عليها مقالنا اليوم.
نبدأ بالسؤال البديهي، موجها إلى الدولة الأوروبية الكبرى، ذات الأمجاد العسكرية والفكرية والتحررية:
- ما هو موضوع الخلاف الذي أثار هذا النزاع الدامي، وأوجب حشد هذا الجيش الضخم؟
لقد فهمنا وفهم العالم أجمع، أن الجزائريين يطالبون باستقلال بلادهم، على نحو ما تم في مراكش وتونس. فهل لنا أن نفهم حجة أصحاب النصف مليون جندي؟
لن نسترسل في الحماس والهجوم، على مألوف هذه المواقف، ولن نتحدث عن الاستعمار والمستعمرين، والاستثمار والمستثمرين، وعن حكاية الحمل الذي عكر الماء
…
بل سنكون إيجابيين - على حد تعبيركم - وسنحاول أن نتفهم وجهة نظركم، وأن نفترض أن الحق قد يكون بجانب النصف مليون جندي، مثلما قد يكون في جانب البضعة عشر ألف مجاهد.
نشكر الله، إن عدتم إلى أنفسكم، فأدرككم هزال وهزل الأسطورة القائلة: وإن الجزائر جزء من فرنسا. وأن العشرة ملايين عربي أسمر مؤمن بالله وبرسوله، هم فرنسيون شقر الشعور وزرق العيون
…
كسائر الفرنسيين .. " فرجعتم عن هذه الدعوى.
تقولون إن هناك، مليون فرنسي لهم أملاكهم ومزارعهم ومتاجرهم، وأن لفرنسا مصالح مادية وأعلى من مادية، من شركات ورؤوس أموال، إلى بعثات وكليات، إلى سائر ما يمكن أن ينشأ من مؤسسات، خلال مئة سنة احتلال وإقامة. فمن الواجب إذن، أن يظل الوضع على حاله، محافظة على هذه المصالح
…
ليس في الجزائر ولا في غيرها، من ينكر وجود هذه المصالح، وليس من ينازع في ضرورة صيانتها، وحفظ حقوق أصحابها. ولكن، هل أن فرنسا هي الدولة الوحيدة، التي لها مثل هذه المصالح في خارج بلادها؟ وهل أن الجزائر هي البلد الوحيد، الذي يقوم على أرضه مؤسسات أجنبية، مالية وغير مالية؟
ألم يكن لبريطانيا مؤسسات ومصالح في الهند وباكستان والسودان؟ أليس لفرنسا نفسها مؤسسات وأملاك ومصالح ورعايا، في مراكش وتونس، شقيقتي الجزائر وجارتيها اللطيفتين؟
لقد خطب بالأمس رئيس وزراء فرنسا، فوجه نداءه إلى المجاهدين الجزائريين، طالبا إليهم أن يكفوا عن القتال، متعهدا بأن يجري انتخابات حرة، بعد ثلاثة أشهر من وقف الحرب، واستتباب الأمن، وأن يعقب ذلك مفاوضات مع الزعماء المنتخبين لحل المشكلة.
نظن أن هذا النداء، قد كان يمكن أن يكتب له الاستجابة والقبول، لو أن صاحبه، وهو المسؤول الأول، بين ووضح الأسس التي ستجرى عليها المفاوضات.
أي أنه كان يجب على الرئيس الفرنسي - وأهداف الجزائريين ومطالبهم معلومة - أن يعلن في ندائه، أن حكومته قد قبلت مبدأ الاستقلال وأنها تعترف بالجرائر كيانا دوليا مستقلا، على مثال الكيان المراكشي أو التونسي، وأن السلطات الحاكمة، ستشرف على انتخاب شعبي تنبثق عنه هيئة المفاوضة الشرعية، التي تتولى الكلام باسم شعب الجزائر، كما تولاه السلطان باسم مراكش، والباي باسم تونس.
لقد سكت الرئيس الفرنسي عن الجوهري في حل المعضلة، واكتفى بأن طمأن المجاهدين، بأن حكومته مستعدة لمنحهم ضمانات تؤمن سلامتهم. وقد فاته أن سلامتهم هي آخر ما يهتمون له
…
وأن لهؤلاء المجاهدين كتابا نزل فيه {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} التوبة: 111. وأنهم به يؤمنون وعلى عهده يموتون.
في تاريخ 24 أفريل سنة 1956.
جريدة التلغراف تقول: