الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذكرة عن مؤتمر تونس
إعتداء فرنسا على الأرواح
والأعراض في تونس
أرسلت جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية، إلى جميع دول الحلفاء، ودول الجامعة العربية البيان التالي:
يذكر الناظرون، في سير القضية المغربية باهتمام، حادثة "زارمدين" في تونس وأمثالها من الحوادث، التي تطلق فيها السلطة الفرنسية لأعوانها من الجنود والدرك والشرطة، أن يعتدوا على أنفس الوطنيين وأموالهم وأعراضهم، في غير حرج ولا مبالاة، وقد كانت هذه الحوادث، كقطرات أخيرة امتلأت بها قلوب الوطنيين، سخطا على الاحتلال الفرنسي، وجعلتهم يستهينون بكل ما يلاقونه في سبيل العمل للاستقلال، من تنكيل وتعذيب، وقد جاءت البرقيات أخيرا، تنبئنا بقيام الأمة التونسية عن بكرة أبيها، معلنة استقلالها، وأن فرنسا قابلت هذه الحركة بكل ما تملك من قسوة، وقد تمهلت جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا، وصلتها أخبار مفصلة عن هذه الواقعة العظيمة، من طرق لا ترتاب في صحتها.
وخلاصة الواقع أن أعيان التونسيين من رجال العلم والسياسة، عقدوا مؤتمرا لتقرير مصير البلاد برياسة الشيخ الوقور، السيد العروسي الحداد، وتمكنوا من عقد هذا الاجتماع، حيث أخفوا مكانه ولم تعلم به السلطات الفرنسية، إلا عند عقده، وخطب زعماء الحركة وأصدروا قراراتهم المتضمنة، أن عهد الحماية قد انقرض، وأن تونس قد عادت إلى وضعها قبل الحماية، وأصبحت، مستقلة استقلالا تاما. وبعد أن خطب
خطباؤهم، وأصدروا قراراتهم، هجمت عليهم الجنود الفرنسية والشرطة بأسلحتهم ومدافعهم ودباباتهم، وأحاطوا بالمكان، واقتحم القائد الفرنسي مكان الاجتماع من غير إنذار، وسلك في حديثه مع الزعماء والمجتمعين سبل الإرهاب، فلم ير منهم إلا إصرارا على ما قرروه، ولم يترددوا في أنهم يريدون الاستقلال التام.
ثم انصرف الجمهور بحكمة، وتحاشوا أن يجعلوا للقوة الفرنسية المسلحة، وسيلة إلى قلب الحركة، ثورة دموية لم يحن وقتها بعد. وكان من فرنسا، أن ألقت القبض على نحو خمسين من زعماء هذه الحركة الاستقلالية، من بينهم زعماء الأحزاب مثل المحامي الصالح بن فرحات، والمحامي صالح بن يوسف، وأساتذة من جامع الزيتونة، من بينهم الأستاذ الفاضل ابن عاشور، وزجت بهم في السجون، وقد أيد هذه الحركة شيخ جامع الزيتونة، وشيخا الإسلام الحنفي والمالكي، وأعضاء المحكمتين الحنفية والمالكية، ووقع إضراب عام، بحيث بقيت المحال العامة من تجارية وصناعية، مغلقة لمدة ثلاثة أيام، وعم هذا الاتجاه سائر البلاد، ولهجت به كل الطبقات، فهي حركة استقلالية صادرة عن الأمة التونسية بأجمعها.
وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية، تؤيد قرارات أولئك المؤتمرين، وتحتج على اعتقال أولئك الزعماء، وترجو من جامعة الدول العربية، والدول المتحدة التي أخذت على نفسها تحرير الشعوب المستضعفة، تأييد هذه القرارات والاعتراف بعدالتها، وحمل فرنسا على إطلاق سراح أولئك المعتقلين، حتى يتمكنوا من مواصلة العمل على استقلال بلادهم، وإشعارها بأن شعوب شمال إفريقيا، قد أصبحت تفضل الفناء على العيش تحت سيطرتها
…
السكرتير الفضيل الورتلاني
رئيس الجبهة محمد الخضر حسين
الكتلة والمصري 24 شوال سنة 1365 و 21 ديسمبر 1946