الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيملأ الأرض أشلاء وأضرحة
…
ويصبغ الأفق في إشراقه بدم
حتى يزول عن الأوطان غاصبها
…
ويشتفي الثأر من جلادها النهم
يا إخوة المجد هذا عهدنا قسم
…
نهديه أمتتا، يا روعة الشم
لن نستكين وفي أرواحنا قبس
…
من العروبة تذكي فاتر الهمم
.. لن نستكين وفي أعماق أمتنا
…
الثأر يهدر لحنا راعب النغم.
عن مجلة الرأي شعر زهير القاسم
هل تكون الجزائر الشرارة الأولى لحرب عالمية ثالثة
؟
…
ليس من البعيد أن تكون الجزائر والمغرب العربي، هي الشرارة الأولى، لاندلاع حرب عالمية ثالثة، وليس من البعيد في الوقت نفسه، أن تنزل فيها ولأول مرة في التاريخ، القنبلة الذرية الهيدروجينية إلى الميدان وإلى العمل، ومن يدري لعلها تكون بها يومئذ نهاية العالم، ونهاية الإنسانية، فيستريح من هذه الدنيا الآلهة المستعمرون، ويستريح منهم أولئك الأحرار المستضعفون، وهذا ظن قوي جدا، ومبني على أصول، لا يختلف طرفان منصفان في خطورتها، ذلك أن في الجزائر والمغرب العربي، جالية أوروبية طارئة على هذه البلاد، بسبب الغزو والاستعمار، ومتجمعة من جميع أطراف القارة والبحر الأبيض المتوسط، وكان أغلبها، إن لم يكن كلها، من بيئات حقيرة سافلة. وكان همها الوحيد، منذ نزلت في هذه الديار، هو اغتنام فرصة انهزام الأمة، لجمع المال الحرام، وبجميع الوسائل الاستعمارية الحقيرة، فأثرت بسرعة إثراء فاحشا، رفعها من الدرك الأسفل، إلى الأوج. وكسب لها هذا الإثراء على حساب أشقاء الجزائريين، من النفوذ ما جعل سياسة فرنسا، فضلا عن الجزائر، تابعة في كثير من الأحيان لمصالحها وشهواتها، وذلك بسبب ما تبذله من أموال طائلة، في سبيل شراء ذمم بعض النواب والوزراء،
وشراء الصحف وشراء بعض الغوغاء لاستعمالهم في صغار الأمور، كالمظاهرات، والإضرابات، وما أشبه ذلك، هذه الجالية المتفرنسة، أو هذا الخليط الاستغلالي الغريب التركيب، وعددهم يقدر بنحو مليون نفس، في وسط ثلاثين مليونا من العرب، أرباب البلاد الأصليين، لا يرضون إلى أيامنا هذه، التي تحرر فيها حتى الزنوج وأكلة لحوم البشر، بأن يكون الجزائريون والمغاربة أقل من العبيد. لم يرضوا بالاستقلال طبعا، ولو كان أعرج أعور أصم أبكم مقطوع الأطراف، كالذي زعموه في تونس. ولم يرضوا في الجزائر بالاتحاد ولا بالاندماج، ولا بالامتزاج، ولا بالإصلاحات، ولا بأي قصيد من هذه القصائد الفاجرة المخادعة، التي ينشدها لنا من حين لآخر حكام فرنسا الجبناء الحائرون. بنعم إنهم المساكين حائرون، لأنهم يعرفون من جهة، أن الأمة الجزائرية مظلومة بألوان من الظلم، لا تحتمله العصور المظلمة المتوحشة، فضلا عن القرن العشرين، وأنهم يعرفون، بأن بقاء هذا النوع من الظلم في هذا العصر بالذات، وعلى هذه الأمة العريقة الجبارة بالذات، إنما هو ضرب من المستحيل، وأن استمراره لا يعود على فرنسا نفسها، إلا بأسوأ العواقب، ومن جهة أخرى، فإنهم لا يجرؤون على مواجهة الحق، وإغضاب أولئك المستعمرين من آلهة المال، إما رغبة أو رهبة أو هما معا.
ففي هذه الدوامة العجيبة، ظلت الأمة الجزائرية قرنا وربع قرن، تعيش في عذاب وشقاء، وفي ثورات وحروب، وكان إلى وقت قريب، ما يزال فيها من يحسن بعض الظن بمجموع الفرنسيين، ويبني على ذلك بعض الآمال، في الحصول على الإنصاف أو بعضه، ولو بعد حين، ولكن مرت الأيام والسنون، بل مرت القرون، فتبدلت عقلية أهل الأرض جميعا، إلا فرنسا الاستعمارية، وقفت جامدة وعاجزة أمام مائتي أسرة من الاستغلاليين، لم تستطع أن تفرض عليهم سلطانها، ولم تتقدم مع ركب الحياة ولو خطوة واحدة، لتنصف أولئك المظلومين، ولتريح نفسها من متاعب القمع، التي ليس لها نهاية.