الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صاحبه، كما يربي المولود، حتى يبلغ رشده وأشده، ولذلك يأبى عزام المجاهد، أن يقوم من لندن، حتى يتعهد مولوده مرة أخرى، وذلك حين يرد على الدعوة التي وجهت إليه من باريس، بأبلغ رد وأخلده، فيقول في صراحة ووضوح وهو يدلي بتصريح للصحفيين عن حرية الشعوب العربية التي لا تتمتع بحريتها إلى الآن فيقول:"إننا نعتقد أن واجبنا يملي علينا أن نعمل لتحقيق حرية هذه الشعوب واستقلالها، وقد تولت الجامعة العربية كل جهد لتحرير ليبيا، كما أنها عازمة على تعديل الموقف الحالي، وهو موقف غير مرضي في شمال إفريقيا، وإني أرجو أن لا يكون اليوم الذي يتبوأ فيه 30 مليونا من العرب، أماكنهم مع أشقائهم في الجامعة ببعيد" فمرحى مرة أخرى، فلئن أغضبت باريس بهذه القنبلة الذرية، فلا يروعنك ذلك فوالله لقد أطربت 600 مليونا، وربما وجدت في نفس فرنسا من يكبر فيك، هذه الهمة والإخلاص، وأما من فقد فيهم الكرامة في نفسه، ولا يقدرها في الناس فلينفلق، وأننا من أعماق القلوب نحييك ونشكرك، وفي الختام باسم ثلاثين مليونا نرجو أن تذكر نيفا وخمسين ألفا من المسجونين، يعيش الزعماء والأعيان منهم تحت الأرض بـ 80 درجة حتى أشرف المسنون منهم على الهلاك، كما نذكر المحكوم عليهم بالإعدام، وندع لصحافتكم وإخلاصكم طرق العمل والرحمة.
عن الكتلة والإخوان سكرتير جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية
الفضيل الورتلاني
تاريخ 4 - 3 - 1946.
مجاهدون يعودون من الآخرة
في إفريقيا الشمالية، زهاء ثلاثين مليونا من أبطال العروبة، يقاسون من أساليب الظلم، ما لا مثيل له في القرون المظلمة. فمن فرط رهبة فرنسا، من سطوتهم، عبأت كل ما تبقى لديها من قوة عسكرية ومدنيه لإرهابهم، ثم وضعتهم في
"باستيل" أحكمت غلقه، حتى لا يتسرب منه، أو إليه أي نفس من الحرية وبالأمس القريب، دعت باسم زعيم التحرير الجنرال ديغول إلى عودة إيطاليا، أي والله - إيطاليا التي طعنتهم يوم المحنة - من خلف - للرجوع إلى استعمار طرابلس الغرب، حبا في مجرد الاستعباد، وحسبة لوجه الاستعباد، وزعيمهم ديغول هذا، لم يرق إلى سماء القداسة في نفوس الشعب الفرنسي، إلا لأنه هجر بلده يوم نزلت به الكارثة، ليستنجد بالإنكليز، وبالأمريكان، وبالروس، في سبيل تحرير بلده، وكان صنيعه ذلك كله، في نظر الفرنسيين فضيلة وبطولة وجهادا، ما دام في مصلحة فرنسا، وشاء الله تعالى أن يخلق رجالا من العرب، على غرار الجنرال ديغول، يريدون تحرير أوطانهم، فهجروا هذه الأوطان على طريقة ديغول، ليستنجدوا بالدنيا جميعا، في سبيل تحرير أوطانهم، فمنهم من رمت به الأقدار إلى الشرق، ومنهم من رمت به إلى الغرب، كل ذلك سعيا لتحرير أوطانهم، على مذهب ديغول ورجال فرنسا الحرة، فمن هؤلاء جماعة من أبطال تونس المجاهدة، حاربتهم حكومة فيشي ربيبة الألمان، وبنت إيطاليا البكر، فحكمت على بعضهم بالإعدام، وعلى البعض الآخر بالأشغال الشاقة، ثم جاءت حكومة ديغول ربيبة الحرية، وبنت الديمقراطية البكر، فعززت هذه الأحكام، وزادت إليها حمل بعير، أما الأبطال، فلقد كتب الله لهم النجاة من هؤلاء وهؤلاء، ففروا هائمين في البلاد الأوروبية، تتقاذفهم أمواج القدر من مكان لآخر، وشبح الموت يلاحقهم في كل مرحلة، حتى استقر بهم النوى في إسبانيا، فسكنوا مدريد في جوار " فرانكو" المغضوب عليه من الديمقراطيين، فكأنهم كانوا بجوار الآخرة، ومن عناية الله أرحم من كل ذلك، فلقد مدت يدها في سرعة البرق، وانتزعتهم من بين مخالب الموت، فبين عشية وضحاها، وضعتهم في طائرة فخمة، حلقت بهم في طريقها إلى القاهرة، عاصمة العروبة والإسلام وهم: