الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولجبهة الدفاع في شمال إفريقيا كبير الأمل في أن جلالتكم تشملون قضية تونس والجزائر ومراكش بدعاية وتبذلون ما استطعتم من المساعدة على إنقاذها من الاستعمار الفرنسي الذي يعمل لإذلالها وفصلهم عن القومية العربية، وإدماجهم في الجنسية الفرنسية ويأخذ لتحقيق هذه الغاية المفرقة الوحدة العربية والجامعة الإسلامية بكل وسيلة يستطيعها من ترهيب أو ترغيب.
ولجبهة الدفاع كبير الأمل في أن ترى من جلالتكم اتجاها إلى هذه القضية يبشر بنجاحها ويزيد المجاهدين داخل تلك الأقطار وخارجها إقداما واطمئنانا إلى أنهم يستنصرون على الرغم من خصومهم الطغاة المبطلين.
السكرتير: الفضيل الورتلاني
رئيس الجبهة: محمد الخضر حسين
ثورة الجزائر العربية أول بيان لجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية
نشرت الصحف اليومية في صباح 13 - 5 - 1945 نبأ الثورة في بلاد الجزائر العربية نقلا عن مراسل رويتر بباريس يقول أن جماعات مسلحة تابعة لحزب (البيان) المعروف بعدائه للفرنسيين هبطت من الجبال إلى مدينة سطيف بالجزائر في يوم النصر فأوقعت الاضطرابات في المدينة وقتلت بعض الشخصيات البارزة من الفرنسيين واليهود، وتقدر رويتر عدد القتلى من أولئك البارزين بخمسين رجلا،
وتقول أنه قد وقع قبل ذلك كثير من الاضطرابات في إقليم قسنطينة. ولكن حادث يوم النصر كان أشد هولا.
وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية تعلق تعليقا سريعا على هذا النبأ بما يلي:
إن القطر الجزائري كشقيقيه تونس ومراكش، يعيش اليوم في موجة من الاضطهاد لا يكاد الإنسان يجد لها نظير في تاريخ البشرية العاقلة، فلقد عبأ المستعمرون هناك كل ما
يملكون من قوة ومكر ضد الأهالي العرب العزل، مستخدمين في تعذيبهم لقتل الروح الوطنية والاستقلال كل أدوات الحكم العسكري من أحكام عرفية وإيقاف كل المطبوعات ومنع كل الاجتماعات وحرمان الأهالي من الغذاء والكساء الضرورين بواسطة نظام التموين، بينما يأخذون كل ما يمكله العرب قهرا بأبخس الأثمان، ليتاجروا به فيكسبوا أضعافا مضاعفة. وقد يساق المرء إلى السجن أو المعتقل لغير سبب معروف، بل ربما كان لمجرد نظرة لا يستلطفها الفرنسي منه فيلصق به أخطر التهم، وهذا يصدق من غير دليل، ولقد بلغ عدد المعتقلين من خيرة أبناء الأمة عشرات الألوف ولا يزال من وراءهم يكافح ويستميت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
هذه إشارة سريعة إلى ما يجري في هذا البلد من كوارث مع أمة عربية مسلمة تأبى الضيم وتأنف الاستذلال فإذا ما جاءت الأنباء اليوم بوقوع اضطرابات خطيرة فيها فإنما هي شرارة خير بسيطة أفلتت من بين نيران مندلعة هناك واسعة النطاق، لأن المعلوم أن الفرنسيين يبذلون شبه المستحيل في منع تسرب أي خبر يتعلق بهذا التعذيب، حتى لا يكون للعالم حق التدخل فيه، فلولا ما ضربوه من حصار على أبناء هذه البلاد لسمع الناس كل شهر بهذه الثورات، لأن ظلم الفرنسيين يأبى أن ينتهي، والشمم العربي يأبى أن يموت؛ أو يفتر، أما حزب البيان الذي ورد اسمه في خبر الثورة، فنسبه إلى بيان وقعه ممثلوا الأمة بالإجماع في 10 يناير سنة 1943، بعد نزول الحلفاء في الجزائر بقليل، مطالبين فيه بالاستقلال، والأمة بأجمعها تؤيد هذا البيان، وتسير وراء المطالبين بتنفيذه بإيمان وحماس، خلافا لما تزعمه الأخبار ذات المصادر الفرنسية من أن هذه الجماعة لا تمثل إلا أقلية ضئيلة، وتزعم أنباء هذه المصادر كعادتها دائما - أن زعيم هذا الحزب الأستاذ عباس فرحات ينتمي إلى الفاشستية، والواقع أنه ليس أوقح وأجرأ من هذا الزعم، فلقد عرف الشعب الفرنسي نفسه أن عباس فرحات كان دائما من أنصار الجبهة الشعبية الفرنسية إلى حد بعيد، وعدو الفاشستية اللدود، أما ذنبه الحقيقي فلأنه حر يريد
استقلال بلاده بما يريد الفرنسيون استقلال بلادهم، بالضبط فالفاشستية سلاح المستعمرين الوحيد الذي يريدون أن يستفزوا به الديمقراطيين دائما، وأن يقطعوا به رأي كل من يطالب بالحرية الطبيعية. ليبقى لهم حق امتصاص دم البشر إلى الأبد.
وهذا جزاء الجزائر التي آوت فرنسا المنهزمة يوم محنتها الكبرى وشاركت بمئات الآلاف من زهرة شبابها محاربين في صنوف الخلفاء في سبيل تحريرها وتحرير الإنسانية المعذبة، ولا تزال أنباء بطولتهم في محاربة الفاشيست في تونس وصقلية وإيطاليا وفرنسا وبجميع الميادين الأروبية مائلة في الأذهان إلى الآن.
ونحن اليوم من حقنا ومن واجبنا في آن واحد، أن نستصرخ في ألم ممض بجامعة الدول العربية ورجال الأمة العربية والأمم المتحدة جميعها التي أرقنا معها كثيرا من دمائنا في سبيل إحراز النصر، نستصرخ بهم جميعا في كثير من الأوقات على حياة تلك الأمة المسجونة العزلاء إلا من الإيمان ليتدخلوا سريعا في إنقاذ ثلاثين مليونا في ذلك المغرب العربي من الأسر والتعذيب لعل الناس بعد ذلك يصدقون أن حزب القوي على الضعيف قد انتهت حقا، وانتهت إلى غير عودة، وأن أمل الإنسانية لم يخب مرة ثانية.
ويدفع بنا الإنصاف والثقة بالعدالة إلى المطالبة بشيء واحد ولكن في إلحاح شديد - وهذا الشيء لا يجوز أن يعترض عليه إلا فاشستي غشاش. هو أن تؤلف لجنة دولية من الحكومات العربية والأمم المتحدة فيذهبوا بأنفسهم إلى هذه البلاد المضطربة ليجروا تحقيقا بريئا وليشاهدوا عن كثب: أمدنية أم وحشية في القرن العشرين تلك التي يمثلها المتفرنسون في تلك البلاد ولهم بعد ذلك الحكم الذي يريد فيمن هم الفاشستيون المجرمون.
عن الجبهة "السكرتير"
الفضيل الورتلاني 10 - 5 - 45