الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهل رأيتم أيها السادة، أبعد من هذا في القحة، وأبلغ منه في الاستغلال القبيح والاستعمار؟ بلاد عربية، وشعب عربي، يلحقون إلحاقا، قهرا وغلابا وقوة واغتصابا، بدولة أجنبية، ويعتبرون من رعاياها الخاضعين، ثم يمن عليهم منا، بأن الدولة الغاصبة قد تنازلت
…
فرفعتهم إلى مستوى رعاياها الممتازين ..
ولكن من قال لفرنسا أن أهل الجزائر، يبيعون الحرية والكرامة والاستقلال بهذا الشرف المفتعل الرخيص، وهم أبناء العرب الأحرار؟ فلنذكر ما فعلته فرنسا، وتفعله في الجزائر، وجارتيها تونس، ومراكش فلا يهدأ لنا بال أو يقر لنا قرار، حتى نصفي معها الحساب على آخره، باستقلال هذه الشعوب العربية استقلالا تاما.
الشهيد حسن البنا يقول:
اغضبوا قبل أن لا ينفع الغضب
هذه كلمة نشرت في مجلة (الإخوان المسلمون) بتاريخ 26 يوليه سنة 45وا م بقلم الشهيد حسبن البنا المرشد السابق للإخوان المسلمين، قال رحمه الله:
لن تكون أندلس ثانية إن شاء الله مهما حاول الغاصبون، واستكبر في أرض الله المتجبرون، فلقد كانت غفوة من غفوات الزمن نسي فيها العرب والمسلمون أنفسهم، ونسوا الله فنسيهم، وعاقبهم في الشرق والغرب بانتقاص أرضهم، وتقلص سلطانهم، والوقوع تحت حكم غيرهم.
أما اليوم فلا: لقد استيقظ الشعور العربي الإسلامي، وسرى في العروق والدماء، والنفوس والمشاعر، سيالا دفاقا غامرا قويا، لا يدفعه شيء، ولا يقف في سبيله شيء. لقد عرفنا أنفسنا وعرفنا غيرنا، وعرفنا معقد عزتنا وسر ضعفنا، وعرفنا قبل ذلك وبعده "ربنا" الذي بيده ملكوت كل شيء فلا خديعة بعد اليوم
قد يطول بنا أمر الجهاد، وقد يكون جهادا قاسيا مريرا، نبذل فيه كثيرا ونواجه آلاما شدادا، وتأخذنا الزلازل والرجفات، حتى يقول المجاهدون:{متى نصر الله} .. ولكن سنرى الفجر، وسنشهد مطلع الصبح، ومشرق النور، وسنسمع اللحن الشجي بعد طول العناء، ينسكب في آذاننا حلوا نديا {ألا إن نصر الله قريب} .
يا ويح الإنسانية؟ فيما كان هذا العناء والبلاء، والدماء والدموع والعرق، إذا لم يستفيد الناس من وراء تلك التضحيات عدلا وحرية، وأمنا وطمأنينة، وهدأة وسلاما .. ؟
وأين العهود والمواثيق، والوعود والآمال العذاب، والمؤتمرات تلو المؤتمرات، والتصريحات بعد التصريحات؟
صدق الله العظيم إذ قال {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه
…
ليضل عن سبيله} الزمر: 8. الآن، وبعد أن وجدت فرنسا الجريحة الطريحة، تحت أقدام الاحتلال النازي ووطأته، شيئا من الراحة والعافية، تصب جام الغضب، على المغرب الإسلامي، فتقذف بطائراتها وبوارجها، الجماهير الهاتفة للحرية، المجاهدة في سبيل الحق الطبيعي، بالقنابل والنيران، وتصب عليهم وابلا من الحميم والجحيم، وتطاردهم في كل مكان، وتهاجم قواتها أربعا وأربعين قرية إسلامية، وتعتقل الآلاف من أعضاء الجمعيات العاملة المؤمنة، وتحكم المحاكمة العسكرية على عشرات من المجاهدين بالإعدام في الجزائر - كما صرح بذلك وزير داخليتها - وينسى الجنرال ديجول السجون والمعتقلات، والتجوال في أرض الله، ما آب من سفر إلا إلى سفر، ينشد حرية نفسه وحرية شعبه، ويلتمس النصير والمعين عليهما في كل أمة، وعند كل دولة.
إلا أن الجنرال ديغول، قد وجد المعين والنصير على حقه في الحياة، وحق أمته في الحرية، وساعدته المقادير، فوصل إلى ما أراد.
فهلا يجد ثلاثون مليونا، من أكرم عباد الله على الله والناس، النصير في إخوانهم العرب والمؤمنين - وهم بحمد الله كثير لم تأكلهم الضبع، ولم تنقصهم الأيام؟ وهلا يجد هؤلاء الملايين النصير في الأمم المتحدة وفي أوروبا وأمريكا - وقد كان الجنود المغاربة البواسل في صفوف جيوشها المحاربة في إيطاليا، وفي حملة فرنسا نفسها، وفي كل مكان، على حين كان الفرنسيون الأصليون في صفوف الألمان يقاومون جيوش الحلفاء بكل سبيل .. ؟!
أغلب الظن، أن عرب شمال إفريقيا من الطرابلسيين، والتونسيين والجزائريين، والمراكشيين، سيجدون النصير فعلا في العرب والمسلمين من إخوانهم، وفي الأمم المتحدة، وقد حاربوا في صفوفهم، على أنهم بعد ذلك وقبله، أكرم على الله وعلى الإسلام، من أن يدعهم نهب الظلم وطمعة الطامعين. فإن تخلى عنهم جند الأرض، فسينصرهم جند السماء {والله غالب على أمره} يوسف:21. {وما يعلم جنود ربك إلا هو} المدثر: 31. ولن تكون أندلس ثانية بحول الله ويأبى الله ذلك والمؤمنون.
أيها الإخوان المسلمون، أيها العرب في آفاق الأرض، أيها المسلمون جميعا، يا من تؤمنون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن القرآن حق، وأن الأخوة هي لب الإيمان وصميمه، وأن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا، وبأن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وبأن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق قد قال لكم:(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه).