الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلحة قوية، تستطيع أن تحارب بها فرنسا، ولكنها لا تستعملها، ومن تلك الأسلحة إقفال المدارس والقنصليات الفرنسية حقا وعدلا، ومقابلة بالمثل، إن فرنسا لا تفهم إلا هذه اللغة، ولا ترجع عن غيها، إلا باستعمال هذا السلاح.
بادروا لنجدة إخوانكم
…
على حكوماتنا العربية أن تبادر بهذه النجدة، ما دام في الرمق بقية، ولها في تحويل الأموال اللازمة عدة طرائق، هي أعلم الناس بها، فلها أن ترسل مشرفا من جهتها، يقوم بالصرف على بناء المدارس والمعاهد اللازمة، وجمعية العلماء ترحب بهذا، لأنها تفخر بأنها أدق الجمعيات الإسلامية نظاما، وأقواها أمانة وثقة في المال، وأحرصها على المحاسبة التي تقوي الأمانة، ولها أن تسلم المال إلى الجمعية، وتلزمها بالمحاسبة الدقيقة عن كل فلس تدفعه، والجمعية تقوم بذلك حامدة شاكرة.
ولتعلم حكومتنا الموقرة، أن كل جنيه تدفعه للأمة الجزائرية، بواسطة جمعية العلماء، لينفق في هذا السبيل، يقع موقع الغيث على النبات، لأنه ينقذ طفلا عربيا حرا مسلما من الشر، ويحرر عقلا من الوهم، ولتعلم كذلك، أنه ليس علينا تحديد المبلغ وإنما علينا أن نصور الحالة، ونبلغ الأمانة التي كلفتنا الأمة الجزائرية بتبليغها إلى الحكومات العربية، وقد بلغنا: وطال الأمد وهي تنتظر، ونكل الأمر بعد ذلك إلى هيئة حكوماتنا، مبلغ تقديرها لحرمة الرحم.
وإذا كانت لا تستطيع تحرير الجزائر تحريرا عسكريا لاستحالة ذلك في الوقت الحاضر، فلا أقل من أن تعاوننا بالحظ الأوفر على تحرير العقول، فهو واجب يهون القيام بالواجب العسكري أو السياسي.
قد تعتذر بعض الحكومات العربية - وهي صادقة - بأنه ما زال في شعوبها ملايين من الأطفال محرومين من التعليم، ونحن نلاحظ على هذا
العذر بأنه يوجد بإزاء الملايين المحرومة ملايين أخرى متعلقة، بخلاف الجزائر فليس فيها إلا المحروم، وليس هناك خير يسلي عن الشر.
وفي هذا المقام يجب أن نذكر حضراتكم بنسبة المتعلمين من أبنائنا في المدارس الفرنسية مؤيدة بالأرقام المأخوذة من أدق المصادر الرسمية الحديثة لسنة 1951، فقد وقعت مناقشة في المجلس الجزائري، في قضية تعليم الجزائريين، وتقدمت المعارضة بتقارير مدروسة رسمية فضحت بها الحكومة، ومن تلك التقارير الدامغة نقتطف هذه الأرقام.
قال التقرير المفحم الذي لم تستطع الحكومة له ردا، ما ترجمته بالحرف، بلغ عدد التلاميذ الأوروبيين سنة 1950 في مدارس الجزائر 97400 بينما لم يتجاوز عدد التلاميذ المسلمين 82864 تلميذا، ولما كانت الأغلبية الساحقة من سكان الجزائر مسلمة فتكون إذن نسبة التلامذة الأوروبيين إلى التلامذة المسلمين كنسبة 4 بالمائة وهذا الفرق يرتفع كثيرا في المدارس الثانوية، فيما يبلغ عدد الطلبة المسلمين في هذه المدارس 3214 تلميذا، والإفرنسيين 5177 نرى أن الطلبة الأوروبيين يفوقونهم لمقدار 500 ضعفا (156 أوروبي في مقابل مسلم واحد) وباقي المسلمين لا يحق لهم الدخول في هذا النوع من المدارس.
وفي عام 1951 بلغ عدد التلاميذ من المسلمين الجزائريين الذين وجدوا أمكنة في التعليم الابتدائي 198678 تلميذا في وطن مسلم يبلغ عدد سكانه أكثر من عشرة ملايين نسمة بينما يبلغ عدد التلامذة من الأوروبيين في هذه المدارس 111402 تلميذا من جالية أوروبية، لا تزيد عن المليون نسمة في الجزائر.
هذه فقرات مترجمة حرفيا عن تقرير المعارضة، ومقدمه فرنسي، وقد نقص من تعداد المسلمين الجزائريين ولكنه أحسن في تسميته للأوربيين بالجالية.
ثامنا: سبق لجمعية العلماء، أن جلبت عشرات من تلامذتها للدراسة بمعاهد الشرق العربي على نفقة حكوماته، ولكن عدد قليل بالنسبة لحاجة الجزائر، ولقدرة الحكومات العربية، فالشعب الجزائري يعتقد ويأمل، في آن واحد، أن حكومات العرب، تستطيع أن تعلم من أبناء الجزائر آلافا وتؤثرهم على أبنائها، حتى تحفظ التوازن بين أجنحة العروبة.
وعليه، فمن رغبات هذا الشعب القوية، ومن آماله الواسعة، أن ترتفع نسبة هذه البعثات إلى المئات حتى تصل إلى الآلاف بالتدريج، بل ذلك لتسد جمعية العلماء في سنين عوز الجزائر إلى المعلمين في مدارسها.
تاسعا: جمعية العلماء في حاجة شديدة إلى الكتب المدرسية المتنوعة لتلامذتها الابتدائيين، وهي تجري في تعليمها على المنهاج المصري، لقربها من مصر ولسهولة جلب هذه الكتب، فمن حقها أو من دلالها على جامعة الدول العربية ووزارة المعارف المصرية أن تقدم لها هدايا سنوية سخية من هذه الكتب لتوزيعها بالمجان على فقراء التلاميذ.
عاشرا: لجمعية العلماء مكتب في القاهرة يشرف على هذه البعثات يجلبها ويقوم عنها بالإجراءات القانونية، ويسد خللها، ويوزعها على الأقطار العربية، ويراقبها ويكمل نقائصها في التربية والمال ويعين المحاويج منها، ويقوم بنفقات المنتظرين وإسكانهم، وقد بلغت نفقاته الشهرية في هذه السنة ثلاثمائة جنيه، وكلما زادت البعثات زادت نفقاته، ونتوقع أن تبلغ نفقاته الشهرية في السنة الدراسية المقبلة 500 جنيه مصري فمن العدل أن تعتبره الحكومات العربية مؤسسة من مؤسسات الجمعية، يجب الإلتفات إليه والعناية به، وهو زيادة على ذلك همزة وصل بين شرق العرب وغربهم، بل نقطة اتصال بين أجزاء العالم الإسلامي كلها، ومن التواضع أن ننسبه إلى الجزائر بل هو للعرب كلهم، وطالما خدم - على حداثته - قضايا العرب، ولا منة.