الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن أصحاب جمهورية أذربيجان، يديرون اليوم الحظائر الفلاحية الكبرى، ويستطيعون بين محصولها لبقية بلاد الإتحاد السوفياتي، ويديرون الصناعات الحديدية والفولاذية، ويستخرجون النفط من الآبار، وتختلط هنالك الشعوب اختلاطا أخويا، ويستطيع الإنسان اجتياز كل الطرقات، دون أن يحمل معه المترايات.
في هذا القطر الأذربيجاني، لم يتكلم الروسيون عن سياسة "الامتزاج" بل سلكوا سياسة "الدولة ذات الجنسيات" ولا يوجد أي شيء يهدد كيان وسلامة هذه الاتحادية "الفدرالية" التي نشأت بهذه الصفة
…
لا أقول أن فرنسا، يجب عليها أن تقلد السياسة الأجنبية تقليدا أعمى. لكنني أتساءل، هل يكلفها البحث، أو تكلفها دراسة ما هو واقع بالبلاد الأجنبية ثمنا باهظا، إذا كان البحث، الذي يقع لمصلحة بلاد ما وراء البحر، يسفر عن أفكار وآراء جديدة نافعة؟
الأمة الجزائرية كلها ثائرة وحزب واحد
…
منذ اليوم الأول لقيام الثورة التحريرية في الجزائر، حددت من جديد أهداف الأمة الجزائرية وأعمالها، أما أهدافها فهو الاستقلال التام، الذي لا يقل عن استقلال فرنسا نفسها، وأما العمل، فهو الكفاح المسلح حتى النصر النهائي أو الفناء، ومنذ ذلك اليوم، ذابت آراء الهيئات والأحزاب والنواب جميعا، ولم يبق إلا رأي واحد، هو رأي الثورة والثوار فقط، والثوار في الحقيقة، هم الأمة الجزائرية عن بكرة أبيها، لا فرق بين من حملوا السلاح لقتال المستعمرين وبين من ثاروا باللسان، أو بالقلم، أو بالمال، أو بالقلب على الأقل، ولا فرق بين من يعملون علنا، ومن يعملون سرا.
المهم لم يشذ عن ذلك العمل المقدس، رجل ذو حسب أو نسب، أو ذو نفوذ أو نيابة، وإذا خرج عن صفوف الكفاح، بالقعود عن مد المجاهدين بالعون المقدور عليه، أو بمساعدة المستعمرين على الوصول إلى النيل من أعمالهم، أو الإساءة إلى
رسالتهم، فلن يكون ذلك الخارج، إلا من بعض الموظفين الساقطين، أو حثالة الناس، الذين يباعون كالسلع في الأسواق، وهذا الصنف على ندرته، بالنسبة لأمة تعدادها 11 مليونا من الفقراء والمحتاجين، وبالنسبة للظروف القاسية، والمغريات الاستعمارية، فإن يد المجاهدين لم تقصر على أحد من الخائنين، فلقد حاكمت الثورة مئات من هؤلاء، فحكمت على الكثير منهم بالإعدام، ونفذت فيهم الأحكام على أدق وجه وأسرعه، هذا هو الوضع منذ قامت الثورة في فاتح نوفمبر سنة 1954، وما تزال الأمة من ذلك اليوم، تزداد بالثورة تعلقا وتفانيا حتى الآن، رغم التضحيات العظيمة التي تكبدتها، من جراء الأعمال الوحشية، التي ما فتئ المستعمرون يصبونها على المدنيين العزل الآمنين، هذا ولقد أراد الفرنسيون أن ينعتوا هذه الثورة المقدسة، بكل صغيرة يمكن أن تقلل من شأنها، من ذلك زعمهم المتكرر، بأن هؤلاء المقاتلين، إنما هم عصابة من قطاع الطرق والجائعين، أما بقية الأمة الجزائرية، فهي في ألف خير راضية مطمئنة، وإن كانت الحوادث تكذبهم في كل يوم بضع مرات، ولكنهم ما يزالون يزعمون ويفترون
…
لأنهم لا يستحون، والذي لا يستحي يصنع ما يشاء، ويهمني أن أنبه القارئ هنا، إلى أنه ليس في الجزائر إلا أربع هيئات فقط، يمكن أن تدعى بأنها تمثل قسما كبيرا أو صغيرا من الجزائريين، هذه الهيئات، هي:
1 -
حزب الشعب،
2 -
جمعية العلماء،
3 -
حزب البيان،
4 -
هيئة النواب،
وليس في الجزائر غيرها على الإطلاق، وقد أصبحت اليوم جميعا تؤمن بالثورة وآرائها، أو تؤيدها علنا، وفي ملأ من الفرنسيين وأهل الأرض، وفي فصول هذا الكتاب، شواهد كثيرة على ذلك، ونحب أن نثبت هنا مذكرة لحزب الشعب، كان قد قدمها لهيئة الأمم سنة 1950، ليعرف القارئ مقدار سهر الجزائريين على قضيتهم، وبعدها نثبت كلمة الأستاذ فرحات عباس، رئيس حزب البيان، "الذي أعلن انضمامه رسميا، إلى الثورة، وإلى جبهة التحرير، فبهذين الحزبين مع العلماء والنواب، يكمل نصاب إجماع الجزائريين على الكفاح من أجل الاستقلال، وعلى طرد المستعمرين بأي ثمن. وفيما يلي، مذكرة حزب الشعب: