الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن ثلاثين مليونا من أخلص العرب في إفريقيا الشمالية، يعدون فلسطين جزءا من وطنهم العربي الكبير، بل يعدونها بمثابة القلب من سائر الجوارح، لما تنطوي عليه من المعاني المقدسة لهم، وأن كل أذى يتجه إليها يحسون بأثره، ويذمرون بألمه قبل سكان فلسطين أنفسهم، وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية بمصر، التي تعبر عن إحساسات هذه المجموعة المحترمة، ترى في قرار لجنة التحقيق الإنكليزية والأمريكية افتياتا على حقوق العرب في فلسطين وعدوانا صريحا على كرامتهم فيها، وأن عنصر الهوى في القرار الجائر هو الدفاع الأول والأخير.
وترى الجهة أن أي محاولة لتنفيذه، تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من العواقب الوخيمة، أهمها تعرض السلام العالمي إلى الخطر مرة أخرى، ودون ذلك تضيع صداقة العرب والمسلمين في جميع أقطار الأرض. تضييعا ينتهي بهم إلى اليأس، من أنصاف من ينتسبون إلى الديمقراطية. ثم الميل إلى جانب آخر مضطرين.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
عن المصري 12 - 2 - 1945.
السكرتير: الفضيل الورتلاني
المأساة الخطيرة في إفريقيا الشمالية
"أيها العرب الكرام هل ترضون بانسلاخ ثلاثين مليونا من قوميتكم"؟
والله إنها لكارثة الأندلس، تعود مرة ثانية إلى الظهور، على مرأى ومسمع من العرب، وعلى مرأى ومسمع من العالم المتمدن، الذي ذاق الأمرين في هذه الحرب الضروس من جراء هذا النوع من الطغيان، والذي يعمل جاهدا على إيجاد سلم عالمي عام.
اسمعوا! اسعوا! أيها المسؤولون جميعا! أن الفرنسيين دأبوا يعملون على محو العروبة والإسلام في بلاد الجزائر بكل أنواع اللؤم والقساوة، واصطنعوا في سبيل
ذلك كل وسائل الترهب والترغيب، وارتكبوا أشنع الفظائع وأحقرها، وصحب ذلك مع كل المراحل فيما مضى الفشل الذريع، والمقت الكبير. ولكنهم اليوم باتوا يعتقدون أن الضربة القاتلة، هي وحدها التي تنهي الموضوع لمصلحتهم، فقرروا:
أولا - أن يسرعوا إلى إدماج إفريقيا الشمالية كلها في فرنسا بما فيها تونس ومراكش، على رغم أنف أهلها وأنف بني عمومتها.
ثانيا - الإسراف في الترهيب إلى حدود الوحشية، وفي الترغيب إلى حدود الملائكية، أما الأول فبالتقتيل، والتعذيب، والتجويع، الخ. وأما في الثاني فبما يزعمونه من إعطاء المساواة المطلقة مع الفرنسيين لأبناء هذه البلاد، فإن كان سلاح الإرهاب ظاهر التأثير فإن سلاح الترغيب أخطر منه، لأن الرجل الذي يقاسي عذاب الجحيم، ثم يعرض عليه ما يشبه ظاهرة الجنة، لا يتردد مطلقا في أن ينتقل من ذلك الجحيم إلى تلك الجنة.
والجديد الخطير أن مجلس الوزراء الفرنسي، قد شرع فعلا في العملية الجراحية، فأصدر أمرا من يومين كما روته الجرائد اليومية، بسلخ 80000 من الصفوة الممتازة في الجزائر من الجنسية العربية إلى الجنسية الفرنسية. على أن يوالوا هذا السلخ حتى تتم العملية في جميع بلاد إفريقيا الشمالية، كل ذلك يتم في الوقت الذي عبأوا فيه كل طائراتهم، ودباباتهم، ومدافعهم، يقتلون بها عشرات الألوف من الثائرين والمعارضين. وعبأوا كل محاكمهم العسكرية لتقضي بالإعدام على الأعيان والزعماء، وفي الوقت الذي تمسك الأقوات الضرورية عن الأهالي وتصادر ما في أيديهم ليموتوا جوعا، وفي الوقت الذي يأخذون سلطان مراكش، وباي تونس ووفدا من كبار الجزائريين تحت تأثير هذا الإرهاب إلى باريس، لتجعلهم في قفص من ذهب، ثم تفعل في شعوبهم ما تشاء، وتقول على ألسنتهم ما تشاء، وفي الوقت الذي ضربت فيه الحصار على هذه البلاد، فمنعت منها