الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثورة الجزائر
كما يوضحها الفضيل الورتلاني
حديثه مع مندوب "المنار" الخاص، ومعلوماته عن كفاح المغرب العربي، ثوار الجزائر وعددهم وسلاحهم ومؤيدوهم - قوات فرنسا وخسائرها - الثوار يطالبون بالسيادة والاستقلال التام، واعتراف فرنسا بذلك، وتحقيق وحدة أو اتحاد مع تونس ومراكش بعد إقامة حياة برلمانية.
يعرف أبناء العربية، كما تعرف شعوب العالم الإسلامي، المجاهد الغربي الكبير الأستاذ الفضيل الورتلاني، زعيما من كبار زعماء المغرب، الذين أوذوا وشردوا واضطهدوا من أجل الدفاع عن قضايا المغرب العربي، والاستماتة في الدعوة إلى تأبيد مصالح الأمة الإسلامية، في أي صقع وأي بلد، وهو يقيم الآن مؤقتا في مدينة بيروت، فزاره مندوب (المنار) الخاص، وألقى عليه بضعة أسئلة تتعلق بثورة الجزائر، فتلطف حضرته وأجاب عليها بصراحة ووضوح، وننشر فيما يلي نص الحديث الذي دار، والذي يعطينا فكرة حسنة عن ثورة الجزائر، شاكرين للأستاذ الفضيل حديثه وأنسه.
س - هل نستطيع أن نعرف حقيقه وضع الثوار الجزائريين، وعددهم، ولونهم، ومدى تأييد الأمم لهم .. ؟
ج - نعم، يستطيع جميع أهل الأرض، أن يعرفوا من هم الثوار في الجزائر حقيقة، بل تستطيع أنت أن تلقاهم بأشخاصهم، وأن تراهم بأم عينك، وأن تتحدث إليهم، ويتحدثوا إليك، والسر أو السبب بسيط جدا، ذلك لأن الثوار في الحقيقة هم جميع أبناء الأمة الجزائرية من رجال ونساء، وكبار وصغار، وأغنياء
وفقراء، وعلماء وصعاليك، ولا شيء من المبالغة في هذا مطلقا، ومن شك فليسافر إلى الجزائر، إذا أذنت له فرنسا، ليلقى هذه الأمة الثائرة، وجها لوجه، وليرى كيف صبرت طويلا، وكيف نفذ صبرها، ثم ليحس عن كثب ما يضطرم في نفوس أبنائها، من حقد عريق على المستعمرين، ذلك الحقد الذي خلقه الاستعمار الفرنسي نفسه، على الرغم من الجزائريين الأطهار، وتعهدوه بالظلم والتربية، منذ كان جرثومة حتى أصبح اليوم عملاقا يدفع دفعا بتلك النسمات الإنسانية البريئة، إلى أحد أمرين، إما إلى سيادة كاملة، أو إلى فناء كريم، أما إذا كنت تقصد بالسؤال، أولئك الأبطال الذين حملوا السلاح فعلا، وانحازوا إلى الجبال، ليزاحموت الأسود في وظيفتها، فاعلم أن أقرب تعريف لهم، هو ما وصف القرآن به فتية أهل الكهف، إذ يقول:{إنهم فتية آمنوا بربهم وزذناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والارض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا} الكهف: 13 - 14، نعم، لقد حاول الاستعمار الفرنسي في الجزائر، أن يجعل من نفسه ربا يعبده العرب المسلمون، وبذل في سبيل ذلك جهود جبارة، ولكنه لم يفلح طبعا، لأنه كان يحاول مستحيلا.
وكان يسمع دائما هذه الصيحة المفزعة، من أفواه الجزائريين حالا ومقالا:{ربنا رب السماوات والارض لن ندعوا من دونه إلها} ولكنه تصامم وكأن في آذانه وقرا، حتى أرغم اليوم إرغاما، على سماعها من أفواه البنادق والمدافع، وبأبلغ لسان، أما عدد المقاتلين من الثوار الذين يمارسون القتال فعلا، فهم بضعة آلاف، ينتشرون في جميع أنحاء القطر الجزائري، على مساحة تقدر بنصف مليون كيلومتر مربع أو نحو ذلك، وهم يشغلون الآن جيشا فرنسيا جرارا، قوامه 250 ألفا من الجنود المدربين المسلحين، على أحدث طراز، وقد مضى على هذا الصراع النموذجى الخطير حتى الآن، سنة وبضعة أشهر، لقي الفرنسيون أثناءها الأمرين، وقد ثبت رسميا أن الدولة الفرنسية تنفق على جيشها في الجزائر نحو 80 مليارا من الفرنكات في كل شهر،