الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ترجمت معظم الجرائد العربية هذا البيان، نقلا عن الجرائد الباريسية، فرأينا أن نقتطف منه ما يتعلق بجمعية العلماء وأعمالها - والحق ما شهدت به الأعداء - وهذا هو نص ما به الحاجة من بيان الوزير الفرنسي المذكور زيادة في تنوير أذهان حضراتكم.
قال الوزير ما ترجمته: وأخيرا أحدثكم بإجمال عن المشكل الثقافي
الجزائر محرومة من كل شيء
لقد رأينا رأي العين، كيف أن مليونين من أبناء المسلمين، لا يتلقون أي علم، على أي مقعد مدرسي. وذلك بعد أن بسط عليهم النظام الاستعماري رحمته طيلة 125 عاما. رأينا المسلمين لا يشاركون في التعليم الابتدائي، إلا على نسبة 10 بالمائة - وليس لهم في التعليم العالي إلا نحو ثلاثمائة طالب. رأينا الأبواب العلمية كلها موصدة في وجه المسلمين، وخرجنا من كل ذلك بنتيجة عظيمة، وهي أننا إذا كنا في فرنسا نجهل معنى العنصرية، فإن العنصرية في القطر الجزائري، هي القانون الرسمي المعمول به.
رأينا التعليم الحر، الذي تقوم بنشره جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وعلمنا أن هذه الجمعية تشرف على ما يزيد عن مائة وخمسين مدرسة، وإنها تعلم قرابة 45 ألفا من البنين والبنات - تنتشلهم من بين أيدي الجهل والإهمال، فنحن لا يسعنا إلا أن نثني الثناء الحار على هذا المجهود الصالح، الذي تقوم به هذه الجمعية، وإننا لنشجعها على الاستمرار فيه، ونشيد بمجهودها وأعمالها، كما أننا نعلمكم بأننا سنشهر بهذه العقبات التي تلقاها في طريقها. وهذه المثبطات التي يريدون بها ألفت في عضدها، فقد رأينا المدارس التي أقفلت بأمر الحكومة، ورأينا المدارس التي بنتها الأمة وأنفقت فيها الأموال الغزيرة، ولم تأذن الإدارة بفتحها، وعلمنا أن
عددا كبيرا من المعلمين يضطهدون وينالون نصيبا من أعمال الزجر. ورأينا في قسنطينه معهد عبد الحميد بن باديس وأعجبنا به ولكننا علمنا بعد ذلك، أن الإدارة لا تعتبر لشهاداته أدنى قيمة، ولا تعترف بها، في الوقت الذي لم تستطع فيه هي نفسها أن تحدث مثل ذلك أو ما يشابه ذلك.
ثم رأينا مشكل فصل الدين عن الدولة، واطلعنا على حال المسلمين وأوقافهم تجاه الحكومة، إنها حقيقة لمأساة من أفظع ما يمكن أن يتصوره الناس، فقانون 1905 لم ينفذ، وبينما تحررت بقية الأديان من ربقة الحكومة، نرى الدين الإسلامي يوما فيوما سقوطا بين أيدي الإدارة المباشرة الحكومية، فالحكومة هي التي تدير ما جل وما قل من أمور المسجد والدين. ورأينا أن المدير إذا أراد مكافأة أحد فراشيه عينه إماما أو مفتيا، لقد خرجنا بحقيقة لا غبار عليها، ألا وهي أن الدولة تعمل على قتل اللغة العربية، وعلى تحطيم الدين الإسلامي، وعلى تجهيل الأمة. والعلماء المسلمون يعملون على خط مصادم للخط الحكومي، فهم يقومون بالجهود المحمودة، لإحياء الإسلام وتطهيره من الخرافات، ونشر اللغة العربية، ورفع الأمية عن الأمة، غير مبالين بالعقبات ووسائل الزجر والتنكيل.
وختاما أيها السادة أؤكد لكم، أننا لم نتعب كثيرا في البحث عن الثعبان الاستعماري في هذه البلاد، بل أن هذا الثعبان نفسه، قد أخرج لنا رأسه منذ اللحظة الأولى، فعرفناه لكل ما انطوى عليه من سوء ولؤم، ولقد تأكد لنا أن الدستور الجزائري الذي خلناه حقيقة واقعة، ما هو إلا تدليس وتلبيس، وأنه أصبح صورة مشوهة لنظام ديمقراطي، مبني على السرقة الانتخابية والغش.
سنقول لفرنسا كل هذا، وسنشرح لها كل ذلك، وما قلناه لكم إنما هو قطرة من بحر، سنقول لفرنسا بصراحة وشدة، حذار فإذا لم يقع الاستماع لصوت الحق، وإذا لم تسد في هذه الأقطار سياسة العدل، فإن الجزائر سوف تغدو قريبا