الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الفَرَائِضِ)
جمعُ فريضةٍ، بمعنى مَفروضةً، أي: مُقدَّرةً، فهي: نَصيبٌ مُقدَّرٌ شَرعاً لمستحِقِّهِ.
وقد حَثَّ صلى الله عليه وسلم (1) على تَعلُّمِهِ وتعليمِهِ، فقال:«تَعَلَّمُوا الفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ العِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الفِتَنُ، حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» رواه أحمدُ (2)، والترمذي، والحاكِمُ ولفظُهُ له (3).
(1) في (ح) و (ق): النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
لم نقف عليه في مظانه من كتب الإمام أحمد، قال الألباني:(عزا حديث ابن مسعود إلى الإمام أحمد جماعة منهم: ابن الملقن، والحافظ فى الفتح، والسيوطي فى الجامع الكبير، وما أظن ذلك إلا وهماً، فإني بحثت عنه فى المسند مستعيناً بالفهارس التى تُساعد على الكشف عنه فلم أجده، أضف إلى ذلك أن الهيثمي لمَّا أورده فى المجْمع لم يعزه إليه). ينظر: الإرواء 6/ 105.
(3)
رواه الترمذي عقب حديث (2091)، والحاكم (7951) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن رجل، عن سليمان بن جابر، عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً. وروي الحديث من وجوه كثيرة مختلفة، ولذا قال الترمذي:(هذا حديث فيه اضطراب)، وقال ابن حجر:(ورواته موثقون، إلا أنه اختُلف فيه على عوف الأعرابي اختلافاً كثيراً)، وضعَّفه ابن الصلاح، وأقرَّه ابن الملقن.
ورواه الدارمي (2900)، والحاكم (7953)، والبيهقي (12180)، من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال:«من قرأ القرآن، فليتعلم الفرائض، فإنْ لقيه أعرابي قال: يا مهاجر، أتقرأ القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: تفرض؟ فإن قال: نعم، فهو زيادة وخير، وإن قال: لا، قال: فما فضلك علي يا مهاجر» ، قال الحاكم:(هذا موقوف صحيح على شرط الشيخين)، وقال ابن حجر:(ورجاله ثقات، إلا أن في أسانيده انقطاعاً)، وتقدم الكلام على رواية أبي عبيدة عن أبيه، وأنها محمولة على الاتصال عند جماعة من أهل العلم. انظر صفحة ......
ورواه البيهقي (12179) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بنحوه موقوفاً أيضاً. وإسناده قوي متصل. ينظر: البدر المنير 7/ 186، فتح الباري 12/ 5، الإرواء 6/ 103.
(وَهِيَ)، أي: الفرائضُ: (العِلْمُ بِقِسْمَةِ المَوَارِيثِ)، جمعُ ميراثٍ، وهو: المالُ المخلَّفُ عن ميتٍ (1)، ويُقالُ له أيضاً: التراثُ.
ويُسمَّى العارفُ بهذا العلمِ: فارضاً، وفَرِيضاً، وفرضِيًّا وفرائضيًّا، وقد مَنَعه بعضُهُم، وردَّه غيرُهُ.
(أَسْبَابُ الإِرْثِ) وهو: انتقالُ مالِ الميتِ إلى حيٍّ بعدَه (ثَلَاثَةٌ):
أحدُها: (رَحِمٌ)، أي: قرابةٌ، قَرُبَتْ أو بَعُدَتْ، قال تعالى:(وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)[الأنفال: 75].
(وَ) الثاني: (نِكَاحٌ)، وهو: عقدُ الزوجيَّةِ الصحيحِ، قال تعالى:(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) الآية [النساء: 12].
(وَ) الثالثُ: (وَلَاءُ) عتقٍ؛ لحديثِ: «الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ
(1) في (أ): الميت.
النَّسَبِ» رواه ابنُ حبانٍ في صحيحِهِ، والحاكمُ وصحَّحه (1).
والمُجمَعُ على توريثِهِم مِن الذُّكورِ عشرةٌ: الابنُ، وابنُهُ وإن نَزَل، والأبُ، وأبوه وإن عَلا، والأخُ مُطلقاً، وابنُ الأخِ لا مِن الأُمِّ، والعمُّ لغيرِ أمٍّ، وابنُهُ، والزوجُ، وذو الولاءِ.
ومِن الإناثِ سبعٌ: البنتُ، وبنتُ الابنِ وإن نَزَل، والأمُّ، والجدَّةُ، والأختُ، والزوجةُ، والمعتِقةُ.
(1) رواه ابن حبان (4950)، والحاكم (7990) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً، وصححاه، وصححه الألباني بالمتابعات والشواهد.
وضعَّفه أحمد، وأبو زرعة، والدارقطني، والبيهقي، قال أبو زرعة:(الصحيح: عبيدالله، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن بيع الولاء، وعن هبته)، وقال البيهقي:(وهذا اللفظ بهذا الإسناد غير محفوظ، ورواية الجماعة عن عبيد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وعن هبته»).
قال أبو حاتم وأبو زرعة: (ويروون عن نافع، عن ابن عمر موقوف: «الولاء لحمة»، وهذا هو الصحيح).
ورواه الدارمي (3203)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: «الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب» ، وصحح الألباني إسناده، ورواية إبراهيم عن ابن مسعود محمولة على الاتصال لمعرفة الواسطة، وهم أصحاب ابن مسعود.
ينظر: مسائل إسحاق بن إبراهيم 8/ 4461، علل الحديث 4/ 566، علل الدارقطني 13/ 64، معرفة السنن 14/ 409، الإرواء 6/ 109.
(وَالوَرَثَةُ) ثلاثةٌ: (ذُو فَرْضٍ، وَعَصَبَةٍ، وَ) ذو (رَحِمٍ)، ويأتي بيانُهُم.
وإذا اجتمعَ جميعُ الذكورِ وَرِثَ منهم ثلاثةٌ: الابنُ، والأبُ، والزوجُ.
وجميعُ النساءِ وَرِثَ منهنَّ خمسٌ: البنتُ، وبنتُ الابنِ، والأمُّ، والزوجةُ، والشقيقةُ.
ومُمْكِنُ الجمعِ مِن الصِّنفين (1) وَرِثَ: الأبوان، والولدان، وأحدُ الزوجين.
(فَذُو (2) الفَرْضِ عَشَرَةٌ: الزَّوْجَانِ، وَالأَبَوَانِ، وَالجَدُّ، وَالجَدَّةُ، وَالبَنَاتُ) الواحدةُ (3) فأكثرَ، (وَبَنَاتُ الابْنِ) كذلك، (وَالأَخَوَاتُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ) كذلك، (وَالإِخْوَةُ مِنَ الأُمِّ) كذلك، ذُكوراً كانوا أو إناثاً.
(فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ) مع عدمِ الولدِ وولدِ الابنِ، (وَمَعَ وُجُودِ وَلَدٍ) وارِثٍ (أَوْ وَلَدِ ابْنٍ) وارِثٍ (وَإِنْ نَزَلَ) ذَكراً كان أو أنثى، واحِداً أو مُتعدِّداً (الرُّبُعُ)؛ لقولِهِ تعالى:(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ)[النساء: 12].
(1) في (ق): من الصنفين فإذا اجتمعوا
(2)
في (أ) و (ب) و (ع): فذووا.
(3)
بداية سقط في الأصل، إلى قوله:(صارت عصبة مع البنت أو بنت الابن).
(وَلِلزَّوْجَةِ فَأَكْثَرَ نِصْفُ حَالَيْهِ فِيهِمَا)، فلها رُبُعٌ مع عدمِ الفرعِ الوارثِ، وثُمُنٌ معه؛ لقولِهِ تعالى:(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ)[النساء: 12].
(وَلِكُلٍّ مِنَ الأَبِ وَالجَدِّ السُّدُسُ بِالفَرْضِ مَعَ ذُكُورِ الوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الابْنِ)، أي: مع ذَكَرٍ فأكثرَ مِن ولدِ الصُّلبِ، أو ذَكَرٍ فأكثرَ مِن ولدِ الابنِ؛ لقولِهِ تعالى:(وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ)[النساء: 11].
(وَيَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ مَعَ عَدَمِ الوَلَدِ) الذكرِ والأنثى، (وَ) عدمِ (وَلَدِ الابْنِ) كذلك؛ لقولِهِ تعالى:(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ)[النساء: 11]، فأضاف الميراثَ إليهما، ثم جَعَل للأمِّ الثُّلُثَ، فكان الباقي للأبِ.
(وَ) يَرثان (بِالفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعَ إِنَاثِهِمَا)، أي: إناثِ الأولادِ أو أولادِ الابنِ، واحدةً كُنَّ أو أكثرَ، فمن مات عن أبٍ وبنتٍ، أو جدٍّ؛ فللبنتِ النِّصفُ، وللأبِ أو الجدِّ السُدسُ فرضاً؛ لما سَبَق، والباقي تَعصيباً؛ لحديثِ:«أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى (1) رَجُلٍ ذَكَرٍ» (2).
(1) في (ق): فلأولى.
(2)
رواه البخاري (6732)، ومسلم (1615)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.