الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ العِظَامِ)
الشَّجُّ: القطعُ، ومنه: شجَجْتُ المفازةَ، أي: قَطعتُها.
(الشَّجَّةُ: الجُرْحُ فِي الرَّأْسِ وَالوَجْهِ خَاصَّةً)؛ سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها تَقطَعُ الجِلدَ، فإن كان في غيرِهما (1) سُمِّيَ جُرْحاً لا شجَّةً.
(وَهِيَ)، أي: الشَّجَّةُ باعتبارِ تَسميتِها المنقولةِ عَن العربِ (عَشْرٌ) مُرَّتَّبةٌ:
أولُها: (الحَارِصَةُ) -بالحاءِ والصادِ المُهمَلَتَينِ- (الَّتِي تَحْرِصُ الجِلْدَ، أَيْ: تَشُقُّهُ قَلِيلاً وَلَا تُدْمِيهِ)، أي: لا يَسيلُ منه دمٌ، والحَرْصُ: الشَّقُّ، يُقالُ: حَرَص القَصَّارُ الثوبَ: إذا شَقَّه قليلاً، وتُسمَّى أيضاً: القاشِرةُ، والقِشرَةُ.
(ثُمَّ) يَليها (البَازِلَةُ الدَّامِيَةُ الدَّامِعَةُ) - بالعينِ المهملةِ-؛ لقِلَّةِ سَيَلان الدمِ منها؛ تَشبيهاً بخُرُوجِ الدَّمعِ مِن العينِ، (وَهِيَ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ).
(ثُمَّ) يَليها (البَاضِعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ)، أي: تَشُقُّه بعدَ الجلدِ، ومنه سُمِّيَ البُضْعُ.
(1) في (ع): غيرها.
(ثُمَّ) يَليها (المُتَلَاحِمَةُ، وَهِيَ الغَائِصَةُ فِي اللَّحْمِ)، ولذلك اشتُقَّت منه.
(ثُمَّ) يَليها (السِّمْحَاقُ، وَهِيَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ العَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ) تُسمَّى السِّمْحاقَ، سُمِّيَت الجراحةُ الواصلةُ إليها بها؛ لأنَّ هذه الجراحةَ تأخُذُ في اللَّحمِ كلِّه حتى تصِلَ إلى هذه القِشرَةِ.
(فَهذِهِ الخَمْسُ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا، بَلْ) فيها (حُكُومَةٌ)؛ لأنَّه لا توقيفَ فيها في الشرعِ، فكانت كجِراحاتِ بقِيَّةِ البدنِ.
(وَفِي المُوضِحَةِ، وَهِيَ مَا تُوضِحُ اللَّحْمَ) - هكذا في خَطِّه، والصوابُ: العَظْمَ-، (وَتُبْرِزُهُ)، عَطفُ تفسيرٍ على تُوضِحُهُ (1)، ولو أبْرَزَتْهُ بقَدرِ إبرةٍ لمن يَنظُرُهُ:(خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ)؛ لحديثِ عمرو بنِ حَزْمٍ: «وَفِي المُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ» (2).
فإن عَمَّت رأساً ونزَلَت إلى وَجهٍ؛ فموضِحَتان.
(ثُمَّ) يَليها (الهَاشِمَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ العَظْمَ وَتَهْشِمُهُ)، أي: تَكسِرُهُ، (وَفِيهَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ)، رُوي عن زيدِ بنِ ثابتٍ (3)، ولم يُعرَفْ
(1) في الأصل: (توضيحه)، والمثبت هو الموافق لبقية النسخ.
(2)
تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة ....
(3)
رواه عبد الرزاق (17348)، ومن طريقه الدارقطني (3460)، والبيهقي (16203)، من طريق مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت أنه قال:«في الهاشمة عشر من الإبل» ، قال الشعبي:(كان أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت)، فالأثر ثابت، والله أعلم.
له مخالِفٌ في عَصرِه مِن الصحابةِ.
(ثُمَّ) يَليها (المُنَقِّلَةُ، وَهِيَ (1) مَا تُوضِحُ) العَظْمَ (وَتَهْشِمُـ) ـهُ (وَتَنْقُلُ عِظَامَهَا، وَفِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ)؛ لحديثِ عمرو بنِ حَزْمٍ.
(وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ المَأْمُومَةِ)، وهي التي تَصِلُ إلى جِلدَةِ الدِّماغِ، وتُسمَّى الآمَّةَ، وأُمَّ الدماغِ، (وَالدَّامِغَةِ) - بالغينِ المعجمةِ- التي تَخرِقُ الجِلدَةَ؛ (ثُلُثُ الدِّيَةِ)؛ لحديثِ عمرو بنِ حَزْمٍ:«فِي المَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» (2)، والدَّامِغَةُ أبلغُ.
وإن هَشَمَه بمُثَقَّلٍ ولم يُوضِحْهُ، أو طَعَنَه في خدِّه فوَصَلَ إلى فَمِه؛ فحُكومةٌ، كما لو أدْخَلَ غيرُ زوجٍ أصبعَهُ فَرجَ (3) بِكرٍ.
(وَفِي الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ)؛ لما في كتابِ عمرو بنِ حَزْمٍ: «فِي الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ» (4)، (وَهِيَ)، أي: الجائفةُ (الَّتِي تَصِلُ إِلى بَاطِنِ الجَوْفِ)؛ كبطنٍ ولو لم تَخرِقْ مِعاءً، وظَهرٍ، وصَدرٍ، وحَلقٍ، ومَثانةٍ، وبينَ خُصيتين، ودُبُرٍ.
وإن أدخَلَ السَّهمَ مِن جانبٍ فخرَجَ مِن آخرَ؛ فجائفتان، رواه
(1) في (ق): وهو.
(2)
تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة ....
(3)
في (أ): في فرج.
(4)
تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة ....
سعيدُ بنُ المسيّبِ عن أبي بكرٍ (1).
ومَن وطِئَ زوجةً لا يوطَأُ مِثلُها فخَرَقَ ما بين مخرَجِ بولٍ ومنِيٍّ، أو ما بينَ السبيلَيْنِ؛ فعليه الدِّيةُ إن لم يَستَمسِكْ بولٌ، وإلا فثُلُثُها.
وإن كانت ممَّن يوطَأُ مِثلُها لمثلِه؛ فهَدَرٌ.
(وَ) يجبُ (فِي الضِّلَعِ (2) إذا جُبِرَ كما كان؛ بعيرٌ، (وَ) يجبُ في (كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّرْقُوَتَيْنِ (3)؛ بَعِيرٌ)؛ لما روى سعيدٌ عن عمرَ رضي الله عنه:«فِي الضِّلَعِ جَمَلٌ، وفِي التَّرْقُوَةُ جَمَلٌ» (4)،
والتَّرقوةُ: العَظْمُ
(1) رواه عبد الرزاق (17623)، وابن أبي شيبة (27077)، والبيهقي (16218)، من طريق عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب:«أن رجلاً رمى رجلاً فأصابته جائفة فخرجت من الجانب الآخر، فقضى فيها أبو بكر رضي الله عنه بثلثي الدية» ، وهو مرسل صحيح.
(2)
قال في المطلع (ص 448): (الضِّلع -بكسر الضاد وفتح اللام، وتسكينها لغة-: واحد الضلوع المعروفة).
(3)
قال في المطلع (ص 449): (الترقوتان: واحدتهما: ترقوة وهي: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق، وزنها: فَعْلُوَة -بالفتح، قال الجوهري: ولا تقل: تُرْقُوَة -بالضم-).
(4)
لم نقف عليه في المطبوع سنن سعيد بن منصور، ورواه مالك (3199)، وعبد الرزاق (17607، 17578)، وابن أبي شيبة (27135، 26955)، من طريق مسلم بن جندب، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب:«أن عمر بن الخطاب قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل» . قال ابن حزم: (هذا إسناد في غاية الصحة عن عمر بن الخطاب يخطب به على المنبر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا يوجد له منهم مخالف)، وصححه ابن الملقن
قال الشافعي: (أما في الترقوة والضلع فأنا أقول بقول عمر؛ لأنه لم يخالفه غيره من الصحابة فيما علمت). ينظر: المحلى 11/ 83، خلاصة البدر المنير 2/ 282، التلخيص الحبير 4/ 100.
المُستَديرُ حَولَ العُنقِ مِن النَّحرِ إلى الكَتِفِ، ولكلِّ إنسانٍ تَرقُوَتان.
وإن انْجَبَر الضِّلَعُ أو التَّرقُوَةُ غيرُ مُستَقِيمَينِ؛ فحُكومةٌ.
(وَ) يجبُ (فِي كَسْرِ الذِّرَاعِ - وَهُوَ السَّاعِدُ الجَامِعُ لِعَظْمَيِ الزِّنْدِ (1) وَالعَضُدِ-، وَ) في (الفَخِذِ، وَ) في (السَّاقِ)، والزَّندِ (إِذَا جُبِرَ ذلِكَ مُسْتَقِيماً؛ بَعِيرَانِ)؛ لما روى سعيدٌ عن عمرو بنِ شُعيبٍ (2): أنَّ عمرو بنَ العاصِ كَتَب إلى عمرَ في أحَدِ الزَّنْدَيْن إذا كُسِرَ، فكَتَبَ إليه عمرُ:«أَنَّ فِيهِ بَعِيرَيْنِ، وَإِذَا كُسِرَ الزَّنْدَانِ فَفِيهِمَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الإِبِلِ» (3)، ولم يَظهَرْ له مخالفٌ مِن الصحابةِ.
(1) قال في المطلع (ص 449): (الزند -بفتح الزاي-: ما انحسر عنه اللحم من الساعد، وقال الجوهري: الزند: موصل طرف الذراع بالكف، وهما زندان بالكوع والكرسوع).
(2)
في (أ) و (ع) زيادة: عن أبيه.
(3)
لم نقف عليه في المطبوع من سنن سعيد ولا في غيره، وقد ذكره في المغني (8/ 479)، عن سعيد، حدثنا هشيم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، وذكره.
قال الألباني: (لم أقف على إسناده إلى ابن شعيب، ولم يدرك جده عمرو بن العاص).
وروى ابن أبي شيبة (27779)، من طريق حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن نافع بن عبد الحارث، قال: كتبت إلى عمر أسأله عن رجل كسر أحد زنديه، فكتب إلى عمر:«أن فيه حقتين بكرتين» ، وحجاج هو ابن أرطاة، وهو مدلس وقد عنعنه كما ذكر الألباني. ينظر: الإرواء 7/ 328.
(وَمَا عَدَا ذلِكَ) المذكورَ (مِنَ الجِرَاحِ وَكَسْرِ العِظَامِ)؛ كخَرَزَةِ صُلْبٍ (1)، وعُصْعُصٍ (2)، وعانةٍ؛ (فَفِيهِ حُكُومَةٌ).
(وَالحُكُومَةُ: أَنْ يُقَوَّمَ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ)، أي: الجنايةُ (بِهِ قَدْ بَرِئَتْ، فَمَا نَقَصَ مِنَ القِيمَةِ فَلَهُ)، أي: للمجني عليه (مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، كَأَنَّ)، أي: لو قَدَّرْنا أنَّ (قِيمَتَهُ)، أي: قيمةَ المجنيِّ عليه لو كان (عَبْداً سَلِيماً) مِن الجنايةِ (سِتُّونَ، وَقِيمَتَهُ بِالجِنَايَةِ خَمْسُونَ؛ فَفِيهِ)، أي: في جُرْحِه (سُدُسُ دِيَتِهِ)؛ لنَقصِه بالجنايةِ سُدُسُ قيمتِه، (إِلَّا أَنْ تَكُونَ الحُكُومَةُ فِي مَحَلٍّ لَهُ مُقَدَّرٌ) مِن الشرعِ؛ (فَلَا (3) يُبْلَغُ بِهَا)، أي: بالحكومةِ (المُقَدَّرُ)؛ كشجَّةٍ دونَ الموضِحَةِ لا تَبلُغُ حُكومَتُها أرشَ الموضِحَةِ.
وإن لم تُنقِصْهُ الجنايةُ حالَ بُرْءٍ؛ قُوِّمَ حالَ جَريانِ دمٍ، فإن لم تُنقِصْه أيضاً، أو زادَتْه حُسْناً؛ فلا شيءَ فيها.
(1) قال في المطلع (ص 448): (خرزة الصلب، واحدة: خرزة، وهي: فقاره).
(2)
قال في المطلع (ص 448): (العصعص -بضم العينين- من عجب الذهب، وهو: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز وهو: العسيب من الدواب).
(3)
في (ق): ولا.