الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الشُّرُوطِ) في النكاحِ (وَالعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ)
والمعتبرُ مِن الشروطِ ما كان في صُلْبِ العقدِ، أو اتَّفقا عليه قبلَه (1).
وهي قسمان:
صحيحٌ: وإليه أشار بقولِه: (إِذَا شَرَطَتْ (2) طَلَاقَ ضَرَّتِهَا، أَوْ (3) أَلَّا يَتَسَرَّى، وَلَا (4) يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ (5) أن (لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا (6) أَوْ بَلَدِهَا)، أو ألَّا يُفرِّقَ بينها وبينَ أولادِها أو أبويها (7)، أو أن تُرْضِعَ ولدَها الصغيرَ، (أَوْ شَرَطَتْ نَقْداً مُعَيَّناً) تأخُذُ منه مهرَها، (أَوْ) شَرطت (زِيَادَةً فِي مَهْرِهَا؛ صَحَّ) الشَّرطُ وكان لازماً، فليس للزوجِ فكُّهُ بدونِ إبانتِها، ويُسنُّ وفاؤه به.
(فَإِنْ خَالَفَهُ فَلَهَا الفَسْخُ) على التَّراخي؛ لقولِ عمرَ للذي قضَى
(1) قوله (قبله) سقطت من (ق).
(2)
في (ب): شرطت المرأة.
(3)
في (ع): و.
(4)
في (ب): أو لا.
(5)
في (ع): و.
(6)
في (أ) و (ع): بيتها.
(7)
في (ع): وأبويها.
عليه بلزومِ الشَّرطِ حين قال: إذاً يطلِّقُنَّنا: «مَقَاطِعُ الحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ» (1).
ومَن شَرَط ألا يُخرجَها مِن منزِل أبوَيها فمات أحدُهما؛ بَطَل الشرطُ.
القسمُ الثاني: فاسدٌ، وهو أنواعٌ:
أحدُها: نكاحُ الشِّغَارِ (2)، وقد ذَكَره بقولِه:(وَإِذَا زَوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ وَلِيَّتَهُ فَفَعَلَا)، أي: زوَّجَ كلٌّ منهما الآخرَ (3) وَلِيَّتَهُ، (وَلَا مَهْرَ) بينَهما؛ (بَطَلَ النِّكَاحَانِ)؛ لحديثِ ابنِ عمرَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ» ، والشِّغَارُ: أن يزوَّجَ الرجلُ ابنتَه على أن
(1) علقه البخاري في باب: الشروط في النكاح (7/ 20)، وباب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح (3/ 190)، ووصله عبد الرزاق (10608)، وسعيد بن منصور (662)، وابن أبي شيبة (16449)، من طريق إسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر، عن عبد الرحمن بن غنم قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي في امرأة جعل لها زوجها دارها، فقال عمر: لها شرطها، فقال رجل: إذا يطلقننا، فقال عمر:«إنما مقاطع الحقوق عند الشروط» ، قال الألباني:(صحيح على شرط الشيخين). ينظر: الإرواء 6/ 304.
(2)
قال في المطلع (ص 392): (نكاح الشِّغار: سمي شغاراً؛ لارتفاع المهر بينهما، من شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول، ويجوز أن يكون من شغر البلد، إذا خلا؛ لخلو العقد عن الصداق).
(3)
في (ق): الأخرى.
يزوِّجَه الآخرُ ابنتَه وليس بينهما صداقٌ. متفقٌ عليه (1)، وكذا لو جَعَلا (2) بُضْعَ كلِّ واحدةٍ مع دراهِمَ معلومةٍ مهراً للأُخرى.
(فَإِنْ سُمِّيَ لَهُمَا)، أي: لكلِّ واحدةٍ منهما (مَهْرٌ) مستقِلٌّ غيرُ قليلٍ بلا (3) حيلةٍ؛ (صَحَّ) النكاحانِ، ولو كان المسمَّى دونَ مهرِ المثلِ.
وإن سُمِّيَ لإحداهما دونَ الأخرى؛ صحَّ نكاحُ مَن سُمِّيَ لها فقط.
الثاني: نكاحُ المحلِّلِ، وإليه الإشارةُ بقولِه:(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى حَلَّلَهَا لِلأَوَّلِ طَلَّقَهَا، أَوْ نَوَاهُ)، أي: التحليلَ (4)(بِلَا شَرْطٍ) يُذكرُ في العقدِ، أو اتَّفقا عليه قبلَه ولم يَرجِعْ؛
بَطَل النكاحُ؛ لقولِه
(1) رواه البخاري (5112)، ومسلم (1415)، قال النووي:(وفي الرواية الأخرى بيان أن تفسير الشغار من كلام نافع)، وقال ابن حجر:(وقع عند المصنف كما سيأتي في كتاب ترك الحيل من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع في هذا الحديث تفسير الشغار من قول نافع، ولفظه: قال عبيد الله بن عمر: قلت لنافع: ما الشغار؟ فذكره). ينظر: شرح النووي على مسلم 9/ 200، فتح الباري 9/ 162.
(2)
في (ع): جعل.
(3)
قوله (بلا) سقطت من (أ) و (ق). وفي هامش (ح): قوله: (غير قليل بلا حيلة) في بعض النسخ: (غير قليل حيلة)، وفي الإقناع كذلك، وعبارة المنتهى:(ولا حيلة)، قال الخلوتي:(قوله: (ولا حيلة) الواو للحال، أي: والحال أن لا حيلة)، وعبارة الفروع:(غير قليل حيلة). انتهى.
(4)
في (أ) و (ع): التحلل.
عليه السلام: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ المُسْتَعَارِ؟ » ، قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال:«هُوَ المُحَلِّلُ، لَعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ» رواه ابنُ ماجه (1).
(أوْ قَالَ) وَلِيٌّ: (زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا)، أو نحوَه مما عُلِّقَ فيه النكاحُ على شرطٍ مُستقبلٍ؛ فلا يَنعقِدُ النكاحُ غيرُ: زوَّجتُ، أو قَبِلْتُ إن شاء اللهُ، فيصحُّ كقولِه: زوجتُكَها إنْ كانت بِنتي، أو انقَضَت عِدَّتُها - وهما يَعلمان ذلك-، أو إن شئتَ، فقال: شئتُ وقَبِلْتُ، ونحوَه؛ فإنَّه صحيحٌ.
(أَوْ) قال وَلِيٌّ: زوَّجتُك، و (إِذَا جَاءَ غَدٌ)، أو وقْتُ كذا
(1) رواه ابن ماجه (1936)، والحاكم (2805)، من طريق الليث بن سعد قال: قال لي أبو مصعب مشرح بن هاعان، قال عقبة بن عامر. فذكره مرفوعاً. قال الحاكم:(صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي، وحسَّنه عبد الحق الأشبيلي، ابن تيمية، وابن الملقن، والألباني، وقال ابن حجر:(ورواته موثوقون).
وأعلَّه أبو زرعة وأبو حاتم: بأن الصواب رواية الليث عن سليمان بن عبد الرحمن مرسلاً. وقال أبو زرعة: (ذكرته ليحيى بن بكير فأنكره إنكاراً شديداً، وقال: لم يسمع الليث من مشرح شيئاً، ولا روى عنه شيئاً؛ وإنما حدثني الليث بن سعد بهذا الحديث، عن سليمان بن عبد الرحمن: أن رسول الله) يعني أنه مرسل، وحكى الترمذي عن البخاري أنه استنكره له.
وأجاب عن ذلك الحاكم فقال: (وقد ذكر أبو صالح كاتب الليث، عن ليث سماعه من مشرح بن هاعان)، وبذلك أجاب ابن الملقن وابن حجر. ينظر: العلل الكبير ص 161، علل الحديث 4/ 36، البدر المنير 7/ 614، التلخيص الحبير 3/ 373، الدراية 2/ 73، الإرواء 6/ 309.