الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)
واحِدُها شَهادةٌ، مُشتقَّةٌ مِن المشاهدةِ؛ لأنَّ الشاهِدَ يُخبِرُ عمَّا شاهَدَه.
وهي: الإخبارُ بما عَلِمَه بلفظِ: أشْهَدُ، أو شَهِدتُ.
(تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللهِ) تعالى (فَرْضُ كِفَايَةٍ، فـ) إذا قام به مَن يَكفِي سَقَط عن بقِيَّةِ المسلمين، وَ (إِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا مَنْ يَكْفِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ)، وإن كان عبداً لم يَجُزْ لسيِّدِه مَنعُهُ؛ لقولِه تعالى:(وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا)[البقرة: 282]، قال ابنُ عباسٍ وغيرِه:«المُرَادُ بِهِ: التَّحَمُّلُ للشَّهَادَةِ وَإِثْبَاتُهَا عِنْدَ الحَاكِمِ» (1)؛ ولأنَّ الحاجةَ تَدْعو إلى ذلك لإثباتِ الحقوقِ والعقودِ، فكان واجِباً؛ كالأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ.
(وَأَدَاؤُهَا)، أي: أداءُ الشهادةِ (فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا مَتَى
(1) رواه الطبري في التفسير (6373)، والبيهقي (20603)، من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله:(ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) يقول: «من احتيج إليه من المسلمين قد شهد على شهادة، أو كانت عنده شهادة، فلا يحل له أن يأبى إذا ما دعي» . وتقدم الكلام على قبول تفسير علي بن أبي طلحة، ينظر صفحة .... الفقرة .... ، وذكر الطبري (6/ 69) تفسير ذلك عن الحسن وقتادة رحمهما الله تعالى.
دُعِيَ إِلَيْهِ)؛ لقولِه تعالى: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)[البقرة: 283].
(وَ) محلُّ وجُوبِها إن (قَدِرَ) على أدائِها (بِلَا ضَرَرٍ) يَلحَقُه (فِي بَدَنِهِ، أَوْ عِرْضِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ (1) أَهْلِهِ)، وكذا لو كان مِمَّن لا يَقبَلُ الحاكمُ شهادتَه؛ لقولِه تعالى:(وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ)[البقرة: 282].
(وَكَذَا فِي التَّحَمُّلِ) يُعتبَرُ انتفاءُ الضَّررِ.
(وَلَا يَحِلُّ كِتْمَانُهَا)، أي: كتمانُ الشهادةِ؛ لما تَقدَّم، فلو أدَّى شاهدٌ وأبَى الآخرُ، وقال: احْلِفْ بَدَلي؛ أَثِمَ.
ومتى وَجَبَت الشهادةُ لَزِمَ كتابتُها.
ويحرُمُ أخذُ أجرةٍ وجُعْلٍ عليها، ولو لم تَتَعَيَّنْ عليه، لكن إن عَجَز عن المشيِ أو تَأذَّى به؛ فله أُجرَةُ مركوبٍ.
ومَن عندَه شهادةٌ بحدٍّ للهِ، فله إقامتُها وتَركُها.
(وَلَا) يَحِلُّ (أَنْ يَشْهَدَ) أحدٌ (إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ)؛ لقولِ ابنِ عباسٍ: سُئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الشهادةِ، قال:«تَرَى الشَّمْسَ؟ » ، قال (2):«عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رواه الخلَّالُ في جامِعِه (3).
(1) في (ح): و.
(2)
في (أ) و (ب): قال: نعم.
(3)
لم نقف عليه في المطبوع من جامع الخلال، ورواه العقيلي في الضعفاء (4/ 69)، وابن عدي في الكامل (7/ 430)، والحاكم (7045)، والبيهقي (20579) من طريق محمد بن سليمان بن مسمول، ثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما به. صححه الحاكم، ولم يوافقه الذهبي، بل قال:(بل هو حديث واه، فإن محمد بن سليمان بن مسمول ضعفه غير واحد)، وضعفه البيهقي وابن الملقن، وقال ابن حجر:(وفي إسناده محمد بن سليمان بن مسمول، وهو ضعيف)، قال الزيلعي:(رواه كذلك ابن عدي في الكامل، والعقيلي في كتابه، وأعلاه بمحمد بن سليمان بن مسمول)، ووافقهم الألباني. ينظر: البدر المنير 9/ 617، نصب الراية 4/ 82، التلخيص الحبير 4/ 478، الإرواء 8/ 282.
والعِلمُ إما (بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ) مِن مَشهودٍ عليه؛ كعِتْقٍ، وطلاقٍ، وعقدٍ، فيَلزَمُه أن يَشهَدَ بما سَمِعَ ولو كان مُستَخفِياً حين تَحَمَّلَ، (أَوْ) سَماعٍ بـ (اسْتِفَاضَةٍ فِيْمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ) غالِباً (بِدُونِهَا؛ كَنَسَبٍ، وَمَوْتٍ، وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ، وَنِكَاحٍ) عَقدِه ودَوامِه، (وَوقْفٍ، وَنَحْوِهَا)؛ كعتقٍ، وخُلْعٍ، وطلاقٍ.
ولا يَشهَدُ باستفاضةٍ إلا عن عَدَدٍ يَقعُ بهم العِلمُ.
(وَمَنْ شَهِدَ بِـ) عَقدِ (نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ العُقُودِ فَلَا بُدَّ) في صحَّةِ شهادتِه به (مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِهِ)؛ لاختلافِ الناسِ في بعضِ الشروطِ، وربَّما اعتقدَ الشاهدُ ما ليس بصحيحٍ صحيحاً.
(وإِنْ شَهِدَ بِرَضَاعٍ) ذَكَر عَدَدَ الرَّضَعاتِ، وأنَّه شَرِبَ مِن ثَديِها، أو لَبَنٍ حُلِبَ منه، (أَوْ) شَهِد بـ (سَرِقَةٍ) ذَكَر المسروقَ منه، والنِّصابَ، والحِرْزَ، وصِفتَها، (أَوْ) شَهِد بـ (شُرْبٍ) وَصَفَهُ، (أو)