الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في (النُّشُوزُ)
وهو: (مَعْصِيَتُهَا إِيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا)، مأخوذٌ مِن النَّشَزِ، وهو ما ارتفَعَ مِن الأرضِ، فكأنَّها ارتفَعَت وتعالَتْ عمَّا فُرِضَ عليها مِن المعاشرَةِ بالمعروفِ.
(فَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَتُهُ؛ بِأَنْ لَا تُجِيبَهُ إِلَى الاسْتِمْتَاعِ، أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً) مُتَثاقلةً، (أَوْ مُتَكَرِّهَةً؛ وَعَظَهَا)، أي: خوَّفَها اللهَ تعالى، وذكَّرَها ما أوجَب اللهُ عليها مِن الحقِّ والطاعةِ، وما يَلْحَقُها مِن الإثمِ بالمخالفةِ.
(فَإِنْ أَصَرَّتْ) على النشوزِ بعد وعْظِها؛ (هَجَرَهَا فِي المَضْجَعِ)، أي: تَرَك مضاجعتَها (مَا شَاءَ، وَ) هجرَها (فِي الكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فقط؛ لحديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» (1).
(فَإِنْ أَصَرَّتْ) بعدَ الهجرِ المذكورِ؛ (ضَرَبَهَا) ضَرْباً (غَيْرَ مُبَرِّحٍ)، أي: شديدٍ؛ لقولِه عليه السلام: «لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ ثُمَّ
(1) رواه البخاري (6065)، ومسلم (2558) من مسند أنس، لا من مسند أبي هريرة رضي الله عنهما.
يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ» (1)، ولا يَزيدُ على عشرةِ أسواطٍ؛ لقولِه عليه السلام:«لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» متفقٌ عليه (2)، ويَجتنِبُ الوجهَ، والمواضعَ المخوفةَ.
وله تأدِيبُها على تَرْكِ الفرائضِ.
وإنِ ادَّعى كلٌّ ظُلْمَ صاحبِه؛ أسكنَهُما حاكمٌ قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عليهما ويُلزِمُهُما الحقَّ، فإن تعذَّر وتشاقَّا؛ بَعَث الحاكمُ عَدلَيْنِ يعرِفان الجمعَ والتفريق، والأَوْلَى مِن أهلِهما (3)، يُوَكِّلانِهما في فِعلِ الأصلحِ مِن جمعٍ وتفريقٍ، بِعِوَضٍ أو دونَه.
(1) رواه البخاري (5204)، ومسلم (2855) من حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري (6848)، ومسلم (1708) من حديث أبي بردة رضي الله عنه.
(3)
في (ع): أهلها.