الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
وهو في اللغةِ: التَّخْليةُ، يقال: طَلُقَت النَّاقةُ، إذا سَرَحَتْ حيثُ شاءت، والإطلاقُ: الإرسالُ.
وشرعاً: حَلُّ قَيْدِ النكاحِ، أو بعضِه (1).
(يُبَاحُ) الطلاقُ (لِلحَاجَةِ)؛ كسوءِ خُلُقِ المرأةِ، والتَّضرُّرِ بها مع عدمِ حصولِ الغرضِ.
(وَيُكْرَهُ) الطلاقُ (لِعَدَمِهَا)، أي: عند عدمِ الحاجةِ؛ لحديثِ: «أَبْغَضُ الحَلَالِ إِلَى اللهِ الطَّلَاقُ» (2)،
ولاشتمالِه على إزالةِ النكاحِ
(1) زاد في (ق): والملك.
(2)
رواه ابن ماجه (2018) من طريق محمد بن خالد، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً. وأعله ابن الجوزي وغيره، قال ابن الجوزي:(هذا حديث لا يصح، قال يحيى: الوصافي ليس بشيء، وقال الفلاس والنسائي: متروك الحديث)، وفي التقريب:(ضعيف).
وتابعه على وصله: مُعرِّف بن واصل، رواه أبو داود (2178) من طريق محمد بن خالد، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
وصححه موصولاً: الحاكم، والذهبي، وابن التركماني، وابن الملقن، وقال:(إسناد أبي داود صحيح لا جرم، وصححه الحاكم)، وقال ابن القطان:(وأعله - أي: عبد الحق الأشبيلي- بما ليس بعلة).
إلا أن محمد بن خالد قد خولف في وصله، فرواه ثلاثة من الثقات عن معرف بن واصل مرسلاً:
رواه أبو داود (2177)، ثنا أحمد بن يونس، حدثنا معرف، عن محارب مرسلاً.
وخالف أبا داود محمدُ بن عثمان بن أبي شيبة عند الحاكم (2794)، فرواه عن أحمد بن يونس ووصله. قال البيهقي:(لا أراه حفظه)، ومحمد بن عثمان فيه اختلاف كثير، وهو وإن كان من رجال مسلم إلا أنه لا يقارن بأبي داود، ويدل على أنه لم يحفظه، ما قاله ابن عدي:(ولا أعلم رواه عن معرِّف إلا محمد بن خالد).
ورواه ابن أبي شيبة (19194) عن وكيع، عن معرِّف، عن محارب مرسلاً.
ورواه البيهقي (14896) من طريق يحيى بن بكير، عن معرِّف، عن محارب مرسلاً.
ورجَّح المرسل: أبو حاتم، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد الهادي، والألباني، وقال الخطابي وتبعه المنذري:(المشهور في هذا عن محارب بن دثار مرسل). ينظر: علل الحديث 4/ 118، علل الدارقطني 13/ 225، الكامل لابن عدي 8/ 222، السنن الكبرى 7/ 527، معالم السنن 3/ 221، العلل المتناهية 2/ 149، الجوهر النقي 7/ 322، البدر المنير 8/ 65، خلاصة البدر المنير 2/ 218، الإرواء 7/ 106.
المشتمِلِ على المصالِحِ المندوبِ إليها.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّرَرِ)، أي: لتضرُّرِها باستدامةِ النكاحِ في حالِ الشِّقاقِ، وحالِ تَحَوُّجِ المرأةِ إلى المخالفةِ (1)؛ ليَزولَ عنها الضررُ، وكذا لو تَرَكَت صلاةً، أو عِفَّةً، أو نحوَهما.
وهي كالرجلِ؛ فيُسنُّ أن تختَلِعَ إن تَرَكَ حقًّا للهِ تعالى.
(وَيَجِبُ) الطَّلاقُ (لِلإِيلَاءِ) على الزَّوجِ المُولِي إذا أبَى الفَيْئَةَ.
(1) في (ق): المخالعة.
(وَيَحْرُمُ لِلبِدْعَةِ)، ويأتي بيانُه.
(وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ، وَ) زوجٍ (مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ)، أي: الطلاقَ؛ بأنْ يَعْلَمَ أنَّ النكاحَ يزولُ به؛ لعمومِ حديثِ: «إَنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» ، وتقدَّم (1).
(وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ مَعْذُوراً)؛ كمجنونٍ، ومُغمىً عليه، ومَن به بِرْسامٌ، أو نَشافٌ، ونائمٌ، ومَن شَرِبَ مُسكِراً كُرهاً، أو أكَلَ بَنْجاً ونحوَه لتداوٍ أو غيرِه؛ (لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ)؛ لقولِ عليٍّ رضي الله عنه:«كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ المَعْتُوهِ» ، ذكرَه البخاري في صحيحِه (2).
(وَعَكْسُهُ الآثِمُ)، فيقعُ طلاقُ السَّكرانِ طَوعاً، ولو خَلَط في كلامِه أو سَقَط تمييزُه بين الأعيَانِ، ويؤاخَذُ بسائرِ أقوالِه، وكلِّ فِعْلٍ يُعتَبَرُ له العقلُ؛ كإقرارٍ، وقذفٍ، وقتلٍ (3)، وسرقةٍ.
(وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ)، أي: على (4) الطلاقِ (ظُلْماً)، أي: بغيرِ حقٍّ،
(1) تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة .....
(2)
علقه البخاري في باب: الطلاق في الإغلاق والكره، والسكران والمجنون وأمرهما، والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره، (7/ 45)، ووصله عبد الرزاق (11415)، وابن أبي شيبة (17912) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن علي رضي الله عنه. وصحح إسناده ابن حجر والألباني. ينظر: الدراية 2/ 69، الإرواء 7/ 111.
(3)
في (ق): وقتل وقذف.
(4)
سقطت (على) من (ق).
بخلافِ مُولٍ أبَى الفَيْئَةَ فأجبَرَه الحاكمُ عليه، (بِإيلَامٍ)، أي: بعقوبةٍ مِن ضربٍ، أو خَنقٍ (1)، أو نحوِهما، (لَهُ)، أي: للزوجِ، (أَوْ وَلَدِهِ (2)، أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ، أَوْ هَدَّدَهُ بِأَحَدِهِما (3)، أي: أحدِ المذكوراتِ مِن الإيلامِ له، أو لولدِه، أو أَخْذِ مالٍ يضُرُّه، (قَادِرٌ) على ما هدَّدَه به بِسَلْطَنَةٍ، أو تغلُّبٍ كلِصٍّ ونحوِه، (يَظُنُّ) الزوجُ (إِيقَاعَهُ)، أي: إيقاعُ ما هدَّدَه (بِهِ، فَطَلَّقَ تَبَعاً لِقَوْلِهِ؛ لَمْ يَقَعِ) الطلاقُ حيثُ لم يَرفَعْ عنه ذلك حتى يُطلِّقَ؛ لحديثِ عائشةَ مَرفوعاً: «لَا طَلَاقَ وَلَا عِتْقَ فِي إِغْلَاقٍ» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجه (4)،
والإغلاقُ: الإكراهُ.
(1) قال في المطلع (ص 406): (الخَنق - بفتح الخاء وكسر النون-: مصدر خنقه: إذا عصر حلقه، وسكون النون لغة).
(2)
في (ب) و (ق): لولده.
(3)
في (أ) و (ب): بأحدها.
(4)
رواه أحمد (26360)، وأبو داود (2193)، وابن ماجه (2046)، والحاكم (2802) من طريق ثور بن يزيد الحمصي، عن محمد بن عبيد بن أبي صالح، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة رضي الله عنها. قال الحاكم:(حديث صحيح على شرط مسلم) وتعقبه الذهبي بقوله: (كذا قال، ومحمد بن عبيد لم يحتج به مسلم، وقال أبو حاتم: ضعيف).
وأعله عبد الحق الأشبيلي وغيره، قال ابن حجر:(وفي إسناده محمد بن عبيد بن أبي صالح، وقد ضعفه أبو حاتم الرازي)،
وللحديث طريق آخر رواه الحاكم (2803) من طريق نعيم بن حماد، عن أبي صفوان عبد الله بن سعيد الأموي، عن ثور بن يزيد، عن صفية، عن عائشة. إلا أن نعيم بن حماد له مناكير، قال الذهبي:(نعيم صاحب مناكير).
وطريق ثالث رواه الدارقطني (3989)، والبيهقي (15098) من طريق قزعة ابن سويد، عن زكريا بن إسحاق ومحمد بن عثمان، كلاهما عن صفية بنت شيبة، عن عائشة. وقزعة بن سويد ضعيف كما في التقريب.
ولأجل هذه الطرق حسَّنه الألباني. ينظر: بيان الوهم 4/ 251، التلخيص الحبير 3/ 450، الإرواء 7/ 113.
ومَن قَصَد إيقَاعَ الطلاقِ دونَ دَفْعِ الإكراهِ؛ وَقَع طلاقُه؛ كمَن أُكْرِهَ على طَلقةٍ فطَلَّقَ أكثرَ.
(وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) بائِناً لا الخلعُ (في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ)؛ كبِلا وليٍّ، ولو لم يَرَهُ مطَلِّقٌ، ولا يَستحِقُّ عِوَضاً سُئل عليه، ولا يكونُ بِدعِيًّا في حيضٍ.
(وَ) يقعُ الطلاقُ (مِنَ الغَضْبَانِ) ما لم يُغْمَ عليه؛ كغيرِه.
(وَوَكِيلِهِ)، أي: الزوجِ في الطلاقِ (كَهُوَ)، فيصحُّ توكيلُ مكلَّفٍ ومميِّزٍ يَعقِلُه.
(ويُطَلِّقُ) الوكيلُ (وَاحِدَةً) فقط، (وَ) يُطلقُ في غيرِ وقتِ بدعةٍ (مَتَى شَاءَ، إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَقْتاً وَعَدَداً)، فلا يَتعدَّاهُما ولا يملِكُ تَعليقاً إلا بجَعْلِهِ له.
(وَامْرأَتُهُ) إذا قال لها: طَلِّقي نَفسَكِ (كَوَكِيلِهِ فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا)، فلها أن تطلِّقَ نفسَها طلقةً متى شاءت.
ويَبطُلُ برجوعٍ.