الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ)
أي: التَّردُّدِ في وُجودِ لفظِه، أو عددِه، أو شرطِه.
(مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ، أَوْ) شكَّ في (شَرْطِهِ)، أي: شرطِ الطلاقِ الذي علَّق عليه، وجوديًّا كان أو عدميًّا؛ (لَمْ يَلْزَمْهُ) الطلاقُ؛ لأنَّه شكٌّ طَرَأَ على يقينٍ فلا يُزِيلُهُ، قال الموفقُ:(والوَرَعُ التزامُ الطلاقِ)(1).
(وَإِنْ) تَيَقَّن الطلاقَ و (شَكَّ فِي عَدَدِهِ؛ فَطَلْقَةٌ)؛ عَملاً باليقينِ وطَرْحاً للشكِّ، (وَتُبَاحُ) المشكوكُ في طلاقِها ثلاثاً (لَهُ)، أي: للشاكِّ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ التحريمِ.
ويُمنَعُ مَن حَلَف لا يأكُلُ تمرةً معيَّنةً أو نحوَها اشتَبَهَتْ بغيرِها مِن أكْلِ تمرةٍ مما اشتبهت به وإن لم تَمنَعْهُ (2) بذلك مِن الوطءِ.
(فَإِذَا قَالَ لامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ)، ونَوى مُعيَّنةً؛ (طَلُقَتْ المَنْوِيَّةُ)؛ لأنَّه عَيَّنَها بنيَّتِه، فأشبه ما لو عيَّنها بلفظِه.
(وَإِلَّا) يَنوِ معيَّنةً؛ طَلُقَت (مَنْ قَرَعَتْ)؛ لأنَّه لا سَبيلَ إلى مَعرفَةِ المطلَّقةِ منهما عَيْناً فشُرِعَت القرعةُ؛ لأنَّها طريقٌ شرعيٌّ لإخراجِ
(1) المغني (7/ 492).
(2)
في (أ) و (ح): نمنعه.
المجهولِ، (كَمَنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا)، أي: إحدى زوجتَيْهِ (بَائِناً وأُنْسِيَهَا)؛ فيُقْرَعُ بينهما؛ لما تقدَّم.
وتَجبُ نفقتُهما إلى القرعةِ، وإن مات أَقْرَعَ ورثتُهُ.
(وَإِنْ تَبَيَّنَ) للزوجِ؛ بأن ذَكَر (أَنَّ المُطَلَّقَةَ) المعيَّنَةَ المَنسِيَّةَ (غَيْرُ الَّتِي قَرَعَتْ؛ رُدَّتْ إِلَيْهِ)، أي: إلى الزوجِ؛ لأنَّها زوجتُهُ لم يَقعْ عليها منه (1) طلاقٌ بصريحٍ ولا كنايةٍ؛ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) فلا تُرَدُّ إليه؛ لأنَّه لا يُقبَلُ قولُهُ في إبطالِ حقِّ غيرِه، (أَوْ) ما لم (تَكُنِ القُرْعَةُ بِحَاكِمٍ)؛ لأنَّ قُرعتَهُ حكمٌ، فلا يَرفعُهُ الزوجُ.
(وَإِنْ قَالَ) لزوجتَيْهِ (2): (إِنْ كَانَ هذَا الطَّائِرُ غُرَاباً فَفُلَانَةُ)، أي: هندٌ مَثلاً (طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ حَمَاماً فَفُلَانَةُ)، أي: حفصةُ مَثلاً طالقٌ، (وَجُهِلَ) الطائرُ؛ (لَمْ تَطْلُقَا)؛ لاحتمالِ كونِ الطائرِ ليس غُراباً ولا حَماماً.
وإن قال: إن كان غراباً ففلانةُ طالقٌ، وإلا ففلانةُ، ولم يُعلَمْ؛ وَقَع بإحداهما، وتُعيَّنُ بقُرعةٍ.
(وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ اسْمُهُمَا هِنْدٌ: إِحْدَاكُما) طالقٌ، طَلُقت امرأتُه، (أَوْ) قال لهما:(هِنْدٌ طَالِقٌ؛ طَلُقَتِ امْرَأَتُهُ)؛ لأنَّه لا يَملِكُ
(1) في (ق): عليه منها.
(2)
في (أ) و (ب) و (ع): لزوجته.
طلاقَ غيرِها، وكذا لو قال لحماتِه ولها بناتٌ: بِنْتُكِ طالقٌ؛ طَلُقَت زوجتُهُ.
(وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الأَجْنَبِيَّةَ)؛ دُيِّنَ؛ لاحتمالِ صِدقِه؛ لأنَّ لفظَهُ يَحتمِلُهُ، و (لَمْ يُقْبَلْ) منه (حُكْماً)؛ لأنَّه خلافُ الظاهرِ؛ (إِلَّا بِقَرِينَةٍ) دالَّةٍ على إرادةِ الأجنبيةِ، مِثلَ أن يَدفَعَ بذلك ظالماً، أو يَتخلَّصَ به مِن مكروهٍ؛ فيُقبَلُ؛ لوجودِ دليلِه.
(وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: أَنْت طَالِقٌ؛ طَلُقَتِ الزَّوْجَةُ)؛ لأنَّ الاعتبارَ في الطلاقِ بالقَصْدِ دونَ الخطابِ.
(وَكَذَا عَكْسُهَا)؛ بأن قال لمن ظنَّها أجنبيةً: أنتِ طالقٌ؛ فبَانت زوجتُهُ؛ طَلُقَت؛ لأنَّه واجهَها بصريحِ الطلاقِ.