الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ)
(وَهُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ)، ولو عَصا أو حَجراً، (فِي الصَّحْرَاءِ، أَوِ البُنْيَانِ)، أو البحرِ، (فَيَغْصِبُونَهُمُ المَالَ) المحترمَ (مُجَاهَرَةً لَا سَرِقَةً).
ويُعتبَرُ ثبوتُه ببيِّنَةٍ، أو إقرارٍ مرَّتَيْن، والحرزُ، ونصابُ السرقةِ.
(فَمَنْ)، أي: أيُّ مكلَّفٍ مُلتزِمٍ، ولو أنثى أو رَقيقاً، (مِنْهُمْ)، أي: مِن قُطَّاعِ الطَّريقِ (قَتَلَ مُكَافِئاً) له (أَوْ غَيْرَهُ)، أي: غيرَ مُكافئٍ؛ (كَالوَلَدِ) يَقتُلُه أبوه (1)، (وَ) كـ (العَبْدِ) يَقتُلُه الحرُّ، (وَ) كـ (الذِّمِّيِّ) يَقتُلُه المسلمُ، (وَأَخَذَ المَالَ) الذي قَتَلَه (2) لقَصْدِه؛ (قُتِلَ) وجوباً؛ لحقِّ اللهِ تعالى، ثمَّ غُسِّلَ وصُلِّيَ عليه، (ثُمَّ صُلِبَ) قاتلُ مَن يُقَادُ به في غيرِ المحارَبَةِ (حَتَّى يَشْتَهِرَ) أمرُهُ، ولا يُقطَعُ مع ذلك.
(وَإِنْ قَتَلَ) المحارِبُ (وَلَمْ يَأْخُذِ المَالَ؛ قُتِلَ حَتْماً وَلَمْ يُصْلَبْ)؛ لأنَّه لم يُذكَرْ في خبرِ ابنِ عباسٍ الآتي (3).
(1) في (أ) و (ع): أباه.
(2)
في (ق): قتل.
(3)
انظر صفحة .....
(وَإِنْ جَنَوْا بِمَا يُوجِبُ قَوَداً فِي الطَّرَفِ)؛ كقطعِ يدٍ أو رجلٍ ونحوِها؛ (تَحَتَّمَ اسْتِيفَاؤُهُ)؛ كالنَّفسِ، صحَّحه في تَصحيحِ المُحرَّرِ، وجَزَم به في الوجيزِ (1)، وقَدَّمه في الرِّعايتين وغيرِهما (2).
وعنه: لا يَتحتَّمُ استيفاؤه، قال في الإنصافِ:(وهو المذهبُ)(3)، وقَطَع به في المنتهى وغيرِه (4).
(وَإِنْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِن المحارِبِين (مِنَ المَالِ قَدْرَ مَا يُقْطَعُ بِأَخْذِهِ السَّارِقُ) مِنْ مالٍ لا شُبْهَة له فيه، (وَلَمْ يَقْتُلُوا؛ قُطِعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ يَدُهُ اليُمْنَى وَرِجْلُهُ اليُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ) وجوباً، (وَحُسِمَتَا) بالزيتِ المَغْليِّ، (ثُمَّ خُلِّيَ) سبيلُه.
(فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا نَفْساً وَلَا مَالاً يَبْلُغُ نِصَابَ السَّرِقَةِ؛ نُفُوا، بِأَنْ يُشَرَّدُوا) مُتَفَرِّقين، (فَلَا يُتْرَكُونَ يَأْوُونَ إِلى بَلَدٍ) حتى تَظهَرَ تَوبتُهُم، قال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ)[المائدة: 33]، قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا المَالَ؛ قُتِلُوا وَصُلِبُوا، وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا المَالَ؛
(1)(ص 486).
(2)
الرعاية الصغرى (2/ 354)، وانظر: الإنصاف (10/ 294).
(3)
(10/ 294).
(4)
منتهى الإرادات (2/ 303)، التنقيح المشبع (ص 451)، الإقناع (4/ 269).
قُتِلُوا وَلَمْ يُصْلَبُوا، وَإِذَا أَخَذُوا المَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا؛ قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالاً؛ نُفُوا مِنَ الأَرْضِ» رواه الشافعي (1).
ولو قَتَل بعضُهم ثَبَت حُكْمُ القَتلِ في حقِّ جميعِهم، وإن قَتَل بعضٌ وأخَذَ المالَ بعضٌ؛ تَحتَّمَ قتلُ الجميعِ وصَلبُهُم.
(وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ)، أي: المحارِبِين (قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ؛ سَقَطَ عَنْهُ مَا كَانَ) واجباً (للهِ) تعالى (مِنْ نَفْيٍ، وَقَطْعِ) يدٍ ورجلٍ، (وَصَلْبٍ، وَتَحَتُّمِ قَتْلٍ)؛ لقولِه تعالى: (إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[المائدة: 34]، (وَأُخِذَ بِمَا للآدَمِيِّيِنَ مِنْ نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَمَالٍ، إِلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا) مِن مُستَحِقِّها.
ومَن وَجَب عليه حَدُّ سرقةٍ أو زنا أو شربٍ (2) فتاب منه قبلَ ثُبُوتِه عند حاكمٍ؛ سَقَط، ولو قبلَ إصلاحِ عملٍ.
(1) رواه الشافعي (ص 336)، ومن طريقه البيهقي (17313) من طريق إبراهيم، عن صالح، مولى التوأمة عن ابن عباس رضي الله عنهما به. وإبراهيم هو بن محمد بن أبي يحيى، قال ابن حجر:(متروك)، ولذا ضعفه الألباني، بل قال:(إسناد واه جداً، صالح مولى التوأمة ضعيف، وإيراهيم وهو ابن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك). ينظر: التقريب ص 93، الإرواء 8/ 92.
(2)
في (أ) و (ع): شرب خمر.
(وَمَنْ صَالَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حُرْمَتِهِ)؛ كأُمِّه وبنتِه وأختِه وزوجتِه، (أَوْ مَالِهِ آدَمِيٌّ، أَوْ بَهِيمَةٌ؛ فَلَهُ)، أي: للمَصُولِ عليه (الدَّفْعُ عَنْ ذلِكَ بِأَسْهَلِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُهُ بِهِ)، فإذا اندَفَعَ بالأسهلِ حَرُمَ الأصعبُ؛ لعدمِ الحاجةِ إليه، (فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ) الصائلُ (إِلَّا بِالقَتْلِ؛ فَلَهُ)، أي: للمصولِ عليه (ذَلِكَ)، أي: قتلُ الصائلِ، (وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)؛ لأنَّه قَتَلَه لدَفعِ شرِّه، (وَإِنْ قُتِلَ) المصولُ عليه (فَهُوَ شَهِيدٌ)؛ لقولِه عليه السلام:«مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ؛ فَهُوَ شَهِيدٌ» رواه الخلَّالُ (1).
(وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ) في غيرِ فتنةٍ؛ لقولِه تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة: 195]، وكذا يَلزَمُهُ الدفعُ في غيرِ فتنةٍ عن نفسِ غيرِه، (وَ) عن (حُرْمَتِهِ)، وحُرمةِ غيرِه؛ لئلَّا تَذهَبَ الأنفُسُ، (دُونَ مَالِهِ)، فلا يَلزَمُه الدفعُ عنه، ولا حِفظُه عن الضَّياعِ والهلاكِ.
(1) رواه الخلال في السنة (160)، ورواه أحمد (6816)، وأبو داود (4771)، والترمذي (1420)، والنسائي (4088)، من طريق سفيان، عن عبد الله بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وصححه الترمذي، وقال الألباني:(وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات). ينظر: الإرواء 5/ 363.
وقال النسائي: (هذا خطأ، والصواب حديث سعير بن الخمس)، رواه النسائي (4087)، من طريق سعير بن الخمس، عن عبد الله بن الحسن، عن عكرمة، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ:«من قتل دون ماله فهو شهيد» .
وبهذا اللفظ رواه البخاري (2480)، ومسلم (141)، من طرق عن عبد الله بن عمرو.
(وَمَنْ دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ مُتَلَصِّصاً؛ فَحُكْمُهُ كَذلِكَ)، أي: يَدفَعُهُ بالأسهلِ فالأسهلِ، فإن أمَرَهُ بالخروجِ فخَرَجَ لم يَضرِبْهُ، وإلا فلَه ضَربُه بأسهلِ ما يَندفِعُ به، فإن خَرَج بالعصا لم يَضرِبْهُ بالحديدِ.
ومَن نَظَر في بيتِ غيرِه مِن خَصاصِ (1) بابٍ مُغلَقٍ ونحوِه، فَخَذَف عينَه (2) أو نحوَها فتَلِفَت؛ فهَدَرٌ، بخلافِ مُتسمِّعٍ قبلَ إنذارِه.
(1) قال في المطلع (ص 461): (خصاص الباب: الفرج التي فيه، واحدتها: خصاصة).
(2)
في (ق): عينيه.