الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ العَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ) العاقلةُ
(عَاقِلَةُ الإِنْسَانِ) ذُكورُ (عَصَبَاتِهِ كُلِّهِمْ مِنَ النَّسَبِ وَالوَلَاءِ، قَرِيبُهُمْ)؛ كالإخوةِ، (وَبَعِيدُهُمْ)؛ كابنِ ابنِ ابنِ عمِّ (1) جدِّ الجاني، (حَاضِرِهِمْ وَغَائِبِهِمْ، حَتَّى عَمُودَيْ نَسَبِهِ)، وهم آباءُ الجاني وإن عَلَوا، وأبناؤه وإن نَزَلوا، سواءٌ كان الجاني رجلاً أو امرأةً؛ لحديثِ أبي هريرةَ:«قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيْتاً بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ المَرْأَةَ التي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالغُرَّةِ تُوُفِّيَت، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مِيرَاثَهَا لِزَوْجِهَا وَبَنِيهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» متفقٌ عليه (2)، يُقالُ: عَقَلْتُ عن فلانٍ: إذا غَرِمْتُ عنه ديةَ جِنايَتِه.
ولو عُرِفَ نَسَبَهُ مِن قبيلةٍ ولم يُعلَمْ مِن أيِّ بطونِها؛ لم يَعقِلوا عنه.
ويَعقِلُ هَرِمٌ، وزَمِنٌ، وأعمى أغنياءُ.
(وَلَا عَقْلَ عَلَى رَقِيقٍ)؛ لأنَّه لا يَملِكُ، ولو مَلَك فمُلْكُهُ ضعيفٌ، (وَ) لا على (غَيْرِ مُكَلَّفٍ)؛ كصغيرٍ ومجنونٍ؛ لأنَّهما ليسَا
(1) في (ع): كابنِ ابنِ عمِّ.
(2)
رواه البخاري (6909)، ومسلم (1681).
مِن أهْلِ النُّصرَةِ، (وَ) لا على (فَقِيرٍ) لا يَملِكُ نصابَ زكاةٍ عندَ حُلُولِ الحَولِ فاضِلاً عنه؛ كحجٍّ، وكفارةِ ظهارٍ (1)، ولو مُعْتَمِلاً؛ لأنَّه ليس مِن أهلِ المواساةِ، (وَلَا أُنْثَى، وَلَا مُخَالِفٍ (2) لِدِينِ الجَانِي)؛ لفواتِ المعاضَدَةِ والمناصرَةِ.
ويَتَعاقَلُ أهلُ ذِمَّةٍ اتَّحَدَت مِلَلُهُم.
وخطأُ إمامٍ وحاكمٍ في حكمِهِما في بيتِ المالِ.
ومَن لا عاقِلَةَ له، أو له وعَجَزَت؛ فإن كان كافراً فالواجِبُ عليه، وإن كان مسلماً فمِن بيتِ المالِ حالًّا إن أمْكَنَ، وإلا سَقَط.
(وَلَا تَحْمِلُ العَاقِلَةُ) مالاً، وَلَا (3)(عَمْداً مَحْضاً) ولو لم يَجِبْ به قِصاصٌ؛ كجائفةٍ ومأمومةٍ؛ لأنَّ العامِدَ غيرُ معذورٍ فلا يَستحِقُّ المواساةَ، وخَرَج بالمحضِ شِبْهُ العَمْدِ فتَحمِلُه.
(وَلَا) تحمِلُ العاقلةُ أيضاً (عَبْداً)، أي: قيمةَ عبدٍ قَتَلَه الجاني، أو قَطَع طَرَفَهُ، ولا تحمِلُ أيضاً جِنايتَه.
(وَلَا) تحمِلُ أيضاً (صُلْحاً) عن إنكارٍ، (وَلَا اعْتِرَافاً لَمْ تُصَدِّقْهُ بِهِ)؛ بأن يُقِرَّ على نفسِه بجِنايةٍ وتُنكِرُ العاقلةُ؛ روى ابنُ عباسٍ
(1) في (ع): وكفارة وظهار.
(2)
في (ق): مباين مخالف.
(3)
قوله: (مالاً، ولا) سقطت من (أ) و (ب) و (ح) و (ع) و (ق).
مرفوعاً: «لَا تَحْمِلُ العَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا» ، ورُوي عنه موقوفاً (1).
(وَلَا) تحمِلُ العاقِلَةُ أيضاً (مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ التَّامَّةِ)، أي: ديَةُ ذَكَرٍ حُرٍّ مسلمٍ؛ لقضاءِ عمرَ: «أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ شَيْئاً حَتَّى يَبْلُغَ عَقْلَ المَأْمُومَةَ» (2)، إلا غُرَّةَ جَنينٍ مات بعدَ أُمِّهِ أو معها بجنايةٍ واحدةٍ
(1) قال ابن حجر في الدراية: (أما المرفوع فلم أجده)، وقال ابن الملقن:(هذا الحديث غريب بهذا اللفظ)، وبنحوه قول الزيلعي.
وقال ابن حجر في التلخيص: (روى الدارقطني والطبراني في مسند الشاميين من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا على العاقلة من دية المعترف شيئاً»، وإسناده واهٍ، فيه محمد بن سعيد المصلوب؛ وهو كذاب، وفيه الحارث بن نبهان، وهو منكر الحديث. وروى الدارقطني والبيهقي من حديث عمر: «العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة»، وهو منقطع، وفي إسناده عبد الملك بن حسين؛ وهو ضعيف).
وأَعلَّ هذه الأحاديث أيضاً: عبد الحق، وابن القطان، وابن الملقن، وقال البيهقي:(هذا القول لا يصح عن عمر رضي الله عنه، وإنما يصح عن الشعبي، والرواية فيه عن ابن عباس على ما حكى محمد بن الحسن).
وأما الموقوف: فرواه محمد بن الحسن في الموطأ (666)، من طريق أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، قال:«لا تعقل العاقلة عمداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً، ولا ما جنى المملوك» . وحسنه الألباني. ينظر: السنن الكبرى 8/ 181، البدر المنير 8/ 475، التلخيص الحبير 4/ 93، الدراية، نصب الراية 4/ 399، الإرواء 7/ 336.
(2)
علقه ابن حزم في المحلى (11/ 269)، قال:(روي عن ابن وهب، قال: أخبرني ابن سمعان قال: سمعت رجالاً من علمائنا يقولون: قضى عمر بن الخطاب في الدية أن لا يحمل منها شيء على العاقلة حتى تبلغ ثلث الدية فإنها على العاقلة - عقل المأمومة والجائفة - فإذا بلغت ذلك فصاعداً حملت على العاقلة).
وروى البيهقي (16384)، من طريق أيوب بن سويد، حدثني يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، قال:«لا تعقل العاقلة، ولا يعمها العقل إلا في ثلث الدية فصاعداً» . قال البيهقي: (كذا رواه أيوب، والمحفوظ أنه من قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار).
ثم رواه (16385)، من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار به.