الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: هذا طلاقُكِ؛ طَلُقَتْ وكان صَريحاً.
ومن طَلَّق واحدةً مِن زوجاتِه ثم قال عَقِبَه لضرَّتِها: أنتِ شريكتُها، أو مثلُها؛ فصريحٌ فيهما.
وإن كَتَب صريحَ طلاقِ امرأتِه بما يَبِينُ؛ وَقَع وإن لم يَنْوِهِ؛ لأنَّها صريحةٌ فيه، فإن قال: لم أُرِدْ إلا تجويدَ خَطِّي، أو غَمَّ أهلِي؛ قُبِلَ.
وكذا لو قرَأَ ما كَتَبَهُ وقال: لم أقصِدْ إلا القراءةَ.
وإن أتَى بصريحِ الطلاقِ مَن لا يَعرِفُ معناه؛ لم يَقعْ.
(فَصْلٌ)
(وَكِنَايَاتُهُ (1)) نوعانِ: ظاهرةٌ، وخفيةٌ.
فـ (الظَّاهِرَةُ): هي الألفاظُ الموضوعةُ للبَينونةِ، (نَحْوُ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ (2)، وَبَرِيَّةٌ (3)، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ (4)، أي: مقطوعةُ الوصلةِ،
(1) في (ق): وكنايته.
(2)
قال في المطلع (ص 408): (الخلية في الأصل: الناقة تطلق من عِقالها ويخلى عنها، ويقال للمرأة: خلية، كناية عن الطلاق، قاله الجوهري).
(3)
قال في المطلع (ص 408): (البَرِيَّة: أصله: بريئة -بالهمز-؛ لأنه صفة من برئ من الشيء براءة، فهو بريء، والأنثى: بريئة، ثم خفف همزه كما خفف بريئة: في: (خَيْرُ البَرِيَّةِ)، فعلى هذا يجوز: أنت بريئة بالهمز، وبرية بغير همز).
(4)
قال في المطلع (ص 409): (بَتَّة: بمعنى مقطوعة، وهي في الأصل: المرة، من بته يبته بتًّا وبتة، يقال: طلقها ثلاثاً بتة، وصدقة بتة، أي: متقطعة.
وبتلة بمعنى: منقطعة، من قولهم: بتل الشيء: إذا قطعه، وسميت مريم عليها السلام البتول، لانقطاعها عن الرجال، وفاطمة الزهراء البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً، وديناً، وحسباً، وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى).
(وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الحَرَجُ (1)، وحَبْلُكِ على غارِبِكِ (2)، وتزوَّجي مَن شِئْتِ، وحَلَلْتِ للأزواجِ، ولا سَبيلَ لي أو لا سُلطانَ لي عليكِ، وأعتَقْتُكِ، وغَطِّي شَعرَكِ، وتَقَنَّعِي.
(وَ) الكنايةُ (الخَفِيَّةُ) موضوعةٌ للطلقةِ الواحدةِ، (نَحْوُ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَاعْتَدِّي) ولو غيرَ مدخولٍ بها، (وَاستَبرِئِي، وَاعْتَزِلِي، وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَالحَقِي بِأَهْلِكِ، وَمَا أَشْبَهَهُ (3) كـ: لا حاجةَ لي فيكِ، وما بَقِي شيءٌ، وأغناكِ اللهُ، وإنَّ اللهَ قد طلَّقَكِ، واللهُ قد أراحَكِ مِنِّي، وجَرَى القلَمُ، ولفظُ: فِراقٍ وسَراحٍ (4) وما تَصرَّف منهما غيرَ ما تقدَّم.
(1) قال في المطلع (ص 409): (الحرج - بفتح الحاء والراء-: الضيق، يقال: حرِج -بكسر الراء- يحرج حرجاً - فتحها في المضارع والمصدر- فقولهم في الكناية: أنت الحرج: من باب الوصف بالمصدر مبالغة، أو على حذف المضاف، أي: ذات الحرج).
(2)
قال في المطلع (ص 409): (الغارب: مقدم السنام، فمعنى حبلك على غاربك: أنت مرسلة مطلقة، غير مشدودة، ولا ممسكة بعقد النكاح).
(3)
في (ع): وما شبهه.
(4)
قال في المطلع (ص 407): (السَّراح - بفتح السين-: الإرسال، تقول: سرحت الماشية: إذا أرسلتها، وتسريح المرأة: تطليقها، والاسم: السراح، كالتبليغ والبلاغ).
(وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ (1) وَلَوْ) كانت (ظَاهِرَةً طَلَاقٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ)؛ لأنَّه موضوعٌ لِمَا يُشابِهُه ويجانسُه فيتعيَّنُ لذلك لإرادتِه له، فإنْ لم ينْوِ لم يَقَعْ (إِلَّا حَالَ (2) خُصُومَةٍ، أَوْ) حالَ (غَضَبٍ، أَوْ) حالَ (جَوَابِ سُؤَالِهَا)، فيقعُ الطلاقُ في هذه الأحوالِ بالكنايةِ ولو لم يَنْوِهِ؛ للقرينةِ.
(فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ) في هذه الأحوالِ، (أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ فِي هذِهِ الأَحْوَالِ؛ لَمْ يُقْبَلْ) منه (حُكْماً)؛ لأنَّه خلافُ الظاهرِ مِن دلالةِ الحالِ، ويُدَيَّنُ فيما بينه وبين اللهِ تعالى.
(وَيَقَعُ مَعَ النِّيَّةِ بِـ) الكنايةِ (الظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى (3) وَاحِدةً)؛ لقولِ علماءِ الصحابةِ، منهم: ابنُ عباسٍ، وأبو هريرةَ، وعائشةُ رضي الله عنهم (4).
(1) في (ع): بكنايته.
(2)
في (ح): إلا في حال.
(3)
في (ق): نواه.
(4)
رواه ابن أبي شيبة (18141) من طريق ابن علية، عن أيوب، عن نافع: أن ابن عمر جاء بظئر إلى عاصم بن عمر وابن الزبير، فقال: إن ظئري هذا طلَّق امرأته البتة، قبل أن يدخل بها، فهل عندكما بذلك علم؟ أو هل تجدان له رخصة؟ فقالا: لا، ولكنا تركنا ابن عباس، وأبا هريرة، عند عائشة فائتهم فسلهم، ثم ارجع إلينا فأخبرنا، فأتاهم فسألهم، فقال له أبو هريرة:«لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره» ، وقال ابن عباس:«بتَّت» ، وذكر من عائشة متابعة لهما. وإسناده صحيح.