الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ قِتَالِ أَهْلِ البَغْيِ)
أي: الجَورِ، والظُلمِ، والعدولِ عن الحقِّ.
(إِذَا خَرَجَ قَوْمٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنَعَةٌ) - بفتحِ النونِ: جمعُ مانعٍ، كفَسَقَةٍ وكَفَرَةٍ، وبسكونِها: بمعنى امتناعٍ يَمنَعُهُم- (عَلَى الإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ)، ولو لم يَكُن فيهم مُطاعٌ؛ (فَهُمْ بُغَاةٌ) ظَلمةٌ.
فإن كانوا جَمْعاً يَسيراً لا شوكةَ لهم، أو لم يَخرُجُوا بتأويلٍ، أو خرجُوا بتأويلٍ غيرِ سائغٍ؛ فقطَّاعُ طريقٍ.
ونَصْبُ الإمامِ فرضٌ، ويُجبَرُ مَن تَعيَّنَ لذلك، وشَرطُه: أن يكون حُرًّا، ذكراً، عَدلاً، قُرشيًّا، عالماً، كافياً، ابتداءً ودواماً.
(وَ) يجبُ (عَلَيْهِ)، أي: على الإمامِ (أَنْ يُرَاسِلَهُم)، أي: البغاةَ، (فَيَسْأَلَهُمْ) عن (مَا يَنْقِمُونَ (1) مِنْهُ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلمَةً (2) أَزَالَهَا، وَإِنِ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَشَفَهَا)؛ لقولِه تعالى:(فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[الحجرات: 9]، والإصلاحُ إنما يكونُ بذلك، فإن كان ما يَنقِمون منه مما لا يحلُّ أزالَهُ، وإن كان حلالاً لكن التَبَس عليهم فاعتقدوا أنَّه مخالفٌ للحقِّ؛ بيَّنَ لهم دليلَه، وأظهرَ لهم وجهَه، (فَإِنْ فَاؤُوا)،
(1) قال في المطلع (ص 461): (ما يَنْقِمُون: يقال: نقم -بفتح القاف-، ينقم -بسكرها-، وبالعكس فيهما، أي: فيما يعيبون ويكرهون).
(2)
قال في المطلع (ص 140): (المظالم: جمع مظلمة: بفتح اللام وكسرها).
أي: رَجعوا عن البَغْي وطَلَبِ القتال؛ ترَكَهُم، (وَإِلَّا) يَرجِعُوا؛ (قَاتَلَهُمْ) وجوباً، وعلى رعِيَّتِه مَعونَتُهُ.
ويحرُمُ قتالُهُم بما يعُمُّ إتلافُهُ؛ كمنجنيقٍ ونارٍ إلا لضرورةٍ، وقتلُ ذُرِّيتِهِم ومُدْبِرِهم وجَريحِهم، ومَن تَرَك القتالَ.
ولا قَوَدَ بقَتلِهم بل الدِّيةُ.
ومَن أُسِرَ منهم حُبِسَ حتى لا شوكةَ ولا حربَ.
وإذا انْقَضَت فمَن وَجَدَ منهم مالَه بيدِ غيرِه أخذَه، وما تَلِف حالَ حربٍ غيرُ مضمونٍ.
وإن أظْهَر قومٌ رأيَ الخوارجِ ولم يَخرُجوا عن قَبْضَةِ الإمامِ؛ لم يُتَعَرَّضْ لهم، وتَجري الأحكامُ عليهم كأهلِ العدلِ.
(وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ) طَلبِ (رِئَاسَةٍ؛ فَهُمَا ظَالِمَتانِ، وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِن الطائفتين (مَا أَتْلَفَتْ) عَلَى (الأُخْرَى)، قال الشيخُ تقيُّ الدينِ:(فأوْجَبُوا الضَّمانَ على مجموعِ الطائفةِ وإن لم يُعلَمْ عينُ المتلِفِ)(1).
ومَن دَخَل بينهما لصلحٍ وجُهِلَ قاتلُه، وما جُهِلَ متلِفُه؛ ضَمِنَتاهُ على السَّواءِ.
(1) مجموع الفتاوى (30/ 327).