الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعروفاً، وإن كان المقَرُّ به مُكلَّفاً فلا بدَّ أيضاً مِن تَصديقِه.
(وَإِذَا (1) ادَّعَى) إنسانٌ (عَلَى شَخْصٍ) مُكلَّفٍ (بِشَيْءٍ فَصَدَّقَهُ؛ صَحَّ) تصديقُه وأُخِذَ به؛ لحديثِ: «لَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ» (2).
والإقرار يصحُّ بكلِّ ما أدَّى معناه؛ كصدَقْتَ، أو نَعَمْ، أو أنا مُقِرٌّ بدعواكَ، أو أنا مُقِرٌ فقط، أو خُذْها، أو اتَّزِنْها، أو اقبِضْها، أو أحرِزْها، ونحوِه، لا إن قال: أنا أُقِرُّ، أو لا أُنْكِرُ، أو يجوزُ (3) أن تكونَ مُحِقًّا، ونحوَه.
(فَصْلٌ)
(إِذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُسْقِطُهُ؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي، وَنَحْوُهُ)؛ كـ: له عليَّ ألفٌ مِن ثَمَنِ خمرٍ، أو: له عليَّ ألفٌ مضارَبةً، أو: وديعةً تَلِفَت؛ (لَزِمَهُ الأَلْفُ)؛ لأنه أقرَّ به، وادَّعَى مُنافياً ولم يَثبُتْ، فلم يُقبَلْ منه.
(وَإِنْ قَالَ): له عليَّ ألفٌ وقَضَيتُهُ، أو بَرِئتُ منه، أو قال:(كَانَ لَهُ عَلَيَّ) كذا (وَقَضَيْتُهُ)، أو بَرِئتُ منه؛ (فَقَوْلُهُ)، أي: قولُ المُقِرِّ (بِيَمِينِهِ)، ولا يكونُ مُقِرًّا، فإذا حَلَف خُلِّيَ سَبيلُه؛ لأنه رَفَع ما أثبَتَه
(1) في (أ) و (ع): وإن.
(2)
قال السخاوي: (قال شيخنا -يعني: ابن حجر-: لا أصل له، وليس معناه على إطلاقه صحيحاً). ينظر: المقاصد الحسنة ص 727.
(3)
في (أ) و (ب) و (ع): ويجوز.
بدَعْوَى القضاءِ مُتَّصِلاً، فكان القولُ قولَه، (مَا لَمْ تَكُنْ) عليه (بَيِّنَةٌ) فيُعمَلُ بها، (أَوْ يَعْتَرِفُ بِسَبَبِ الحَقِّ) مِن عَقدٍ، أو غَصبٍ، أو غيرِهما، فلا يُقبَلُ قولُه في الدَّفعِ أو البراءةِ إلا ببَيِّنَةٍ؛ لاعترافِه بما يوجِبُ الحقَّ عليه.
ويصحُّ استثناءُ النصفِ فأقلَّ في الإقرارِ؛ فله (1) عليَّ عشرةٌ إلا خمسةٌ؛ يَلزَمُه خمسةٌ، وله هذه الدَّارُ ولي هذا البيتُ؛ يصحُّ ويُقبَلُ ولو كان أكثرَها.
(وإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ، ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتاً يُمْكِنُهُ الكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: زُيُوفاً)، أي: مَعيبةً، (أَوْ مؤجَّلَةً؛ لَزِمَهُ مِائَةٌ جيِّدَةٌ حالَّةٌ)؛ لأنَّ الإقرارَ حَصَل منه بالمائةِ مُطلَقاً، فيَنصرِفُ إلى الجيِّدِ الحالِّ، وما أتى به بعدَ سُكوتِه لا يُلتَفَتُ إليه؛ لأنه يَرفعُ به حقًّا لَزِمَه.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ)؛ بأن قال بكلامٍ متَّصِلٍ: له عليَّ مائةٌ مؤجلةٌ إلى كذا، ولو قال: ثمنَ مبيعٍ ونحوَه، (فَأَنْكَرَ المُقَرُّ لَهُ الأَجَلَ)، وقال: هي حالَّةٌ؛ (فَقَوْلُ المُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ) في تأجيلِه؛ لأنه مُقِرٌ بالمالِ بصفةِ التَّأجيلِ، فلم يَلزَمْهُ إلا كذلك.
وكذا لو قال: له عليَّ ألفٌ مغشوشةٌ، أو سُوداً (2)؛ لَزِمَه كما أقرَّ.
(1) في (ح): كله.
(2)
في (أ) و (ق): سود.
(وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ) وأقبَضَ، (أَوْ) أقرَّ أنه (رَهَنَ وَأَقْبَضَ) ما عَقَد عليه، (أَوْ أَقَرَّ) إنسانٌ (بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ)، مِن صداقٍ، أو أجرةٍ، أو جعالةٍ، ونحوِها، (ثُمَّ أَنْكَرَ) المقِرُّ الإقباضَ، أو (القَبْضَ، وَلَمْ يَجْحَدِ الإِقْرَارَ) الصادِرَ منه، (وَسَأَلَ إِحْلَافَ خَصْمِهِ) على ذلك؛ (فَلَهُ ذَلِكَ)، أي: تحليفُه، فإن نَكَل حَلَف هو وحُكِمَ له؛ لأنَّ العادةَ جاريةٌ بالإقرارِ بالقبضِ قبلَه.
(وَإِنْ بَاعَ شَيْئاً، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ) البائعُ، أو الواهبُ، أو المعتِقُ (أَنَّ ذَلِكَ) الشيءَ المبيعَ، أو الموهوبَ، أو المُعتَقَ (كَانَ لِغَيْرِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ)؛ لأنَّه إقرارٌ على غيرِه، (وَلَمْ يَنْفَسِخِ البَيْعُ وَلَا غَيْرُهُ) مِن الهبةِ والعتقِ، (وَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ) للمُقَرِّ له؛ لأنه فوَّتَه عليه.
(وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ) ما بِعْتُه أو وهبتُه ونحوُه (مُلْكِي ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدَ) البيعِ ونحوِه، (وَأَقَامَ بَيِّنَةً) بما قالَه؛ (قُبِلَتْ) بيِّنَتُهُ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ) قال: (أَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَ مِلْكِهِ)، فإن قال ذلك؛ (لَمْ يُقْبَلْ) منه ببيِّنةٍ (1)؛ لأنها تَشهَدُ بخلافِ ما أقرَّ به، وإن لم يُقِمْ بينةً؛ لم يُقبَلْ مُطلقاً.
ومَن قال: غَصَبْتُ هذا العبدَ مِن زيدٍ، لا بل عمرٍو (2)، أو
(1) في (أ): بينة.
(2)
في باقي النسخ: من عمرو.