الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويَقبِضُ عِوضَ الخلعِ زوجٌ رشيدٌ، ولو مكاتَباً أو مَحجوراً عليه لفلسٍ، ووليُّ صغيرٍ ونحوِه.
ويصحُّ الخلعُ ممَّن يصحُّ طلاقُه.
(فَصْلٌ)
(وَالخُلْعُ بِلَفْظِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ، أَوْ كِنَايَتِهِ)
، أي: كنايةِ (1) الطلاقِ، (وَقَصْدِهِ) به الطلاقَ؛ (طَلَاقٌ بَائِنٌ)؛ لأنَّها بذَلَت العِوضَ لتَملِكَ نفسَها وأجابها لسؤالِها.
(وَإِنْ وَقَعَ) الخلعُ (بِلَفْظِ الخُلْعِ، أَو الفَسْخِ، أَو الفِدَاءِ)؛ بأن قال: خَلَعْتُ، أو فَسَخْتُ، أو فَادَيْتُ، (وَلَمْ يَنْوِهِ طَلَاقاً؛ كَانَ فَسْخاً لَا يَنْقُصُ (2) عَدَدَ الطَّلَاقِ)، رُوي عن ابنِ عباسٍ (3)، واحتجَّ بقولِه تعالى:(الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)[البقرة: 229]، ثم قال:(فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)[البقرة: 229]، ثم قال:(فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)[البقرة: 230]، فَذَكَر تَطليقَتَيْنِ، والخلعَ، وتطليقةً بعدَهما، فلو كان الخلعُ طلاقاً لكان رابعاً.
(1) في (ق): كنايته.
(2)
قال في المطلع (ص 154): (قال الجوهري: نقص الشيء، نقصاً، ونقصاناً، ونقصته أنا، يتعدى ولا يتعدى، فعلى هذا يجوز نصب عددك ورفعه، على أنه مفعول، وعلى أنه فاعل، وأنقصته لغة في نقصته).
(3)
رواه عبد الرزاق (11771)، وابن أبي شيبة (18451) من طريق عمرو بن دينار، عن طاوس قال: سأل إبراهيم بن سعد ابن عباس عن رجل طلق امرأته تطليقتين، ثم اختلعت منه ثم أينكحها؟ فقال:«نعم، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك فلا بأس به» .
ورواه الدارقطني (3869) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال:«الخلع فرقة وليس بطلاق» .
قال الإمام أحمد وابن المنذر: (ليس في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس)، وصححه ابن حجر. ينظر: المغني 7/ 328، التلخيص الحبير 3/ 433، فتح الباري 9/ 396.
وكِناياتُ الخلعِ: بَارَيْتُكِ، وأَبْرَأْتُكِ، وأبَنْتُكِ، لا يقَعُ بها إلا بنيِّةٍ (1) أو قرينةٍ؛ كسؤالٍ
وبذلِ عِوضٍ.
ويصحُّ بكلِّ لغةٍ مِن أهلِها، لا مُعَلَّقاً.
(وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا) الزوجُ (بِهِ)، رُوي عن ابنِ عباسٍ وابنِ الزبيرِ (2)، ولأنَّه لا يَملِكُ بُضْعَها، فلم يلحَقْها طلاقُهُ؛ كالأجنبيَّةِ.
(وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ)، أي: في الخُلع، ولا شرط خيارٍ، ويصحُّ الخلعُ فيهما.
(وَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ)؛ لم يصحَّ؛ لأنَّه لا يَملِكُ فسخَ
(1) في (ق): بنيته.
(2)
رواه ابن أبي شيبة (18488)، والبيهقي (14866) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم أنهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها:«لا يلزمها طلاق؛ لأنه طلق ما لا يملك» ، وإسناده صحيح.
النكاحِ لغيرِ مقتضٍ يُبيحُهُ، (أَوْ) خالعَها (بِمُحَرَّمٍ) يَعلمانِه (1)؛ كخمرٍ، وخنزيرٍ، ومغصوبٍ؛ (لَمْ يَصِحَّ) الخلعُ، ويكونُ لغواً؛ لِخُلُوِّه عن العِوَضِ، (وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) المسئولُ على ذلك (رَجْعِيًّا إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ)؛ لِخُلُوِّه عن العِوَضِ.
وإن خالعَها على عبدٍ فبَان حُرًّا أو مستَحَقًّا؛ صحَّ الخلعُ، وله قيمتُهُ.
ويصحُّ على رضاعِ ولدِه، ولو أطْلَقَا، وينصرِفُ إلى حولَيْنِ أو تَتِمَّتِهما، فإن ماتَ رَجَع ببقيِّةِ المدَّةِ يوماً فيوماً.
(وَمَا صَحَّ مَهْراً) مِن عينٍ ماليَّةٍ ومنفعةٍ مباحةٍ؛ (صَحَّ الخُلْعُ بِهِ (2)؛ لعمومِ قولِه تعالى: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)[البقرة: 229].
(وَيُكْرَهُ) خُلعُها (بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا)؛ لقولِه عليه السلام في حديثِ جميلةَ: «وَلَا تَزْدَادُ (3)» (4)،
ويصحُّ الخلعُ إذاً؛ لقولِه تعالى: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)[البقرة: 229].
(1) في (ع): يعلما.
(2)
في (ق): صح عوضاً فيه.
(3)
في (ق): تزدد.
(4)
رواه ابن ماجه (2056)، والبيهقي (14842) من طريق الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضاً، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«أتردين عليه حديقته؟ » قالت: نعم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته، ولا يزداد. وصححه ابن حجر والألباني.
وأعله بعضهم بالإرسال، وإليه أشار البيهقي، فقال:(كذا رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة موصولاً، وأرسله غيره عنه)، ثم ذكر المرسل من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة مرسلاً. وقال:(وكذلك رواه محمد بن أبي عدي، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة مرسلاً).
وله شاهد: رواه البيهقي (14848) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً.
ورواه أبو داود في المراسيل (235)، والدارقطني (3871)، والبيهقي (14844)، من طرق عن ابن جريج، عن عطاء مرسلاً. قال الدارقطني:(والمرسل أصح)، ورجَّحه أبو حاتم والبيهقي.
وله شاهد آخر رواه الدارقطني (3629)، والبيهقي (14849) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير مرسلاً. وذكره ثم قال: سمعه أبو الزبير من غير واحد. قال البيهقي: (وهذا أيضاً مرسل).
قال ابن حجر في الفتح: (ورجال إسناده ثقات، وقد وقع في بعض طرقه: سمعه أبو الزبير من غير واحد، فإن كان فيهم صحابي فهو صحيح، وإلا فيعتضد بما سبق)، أي: من المراسيل. ينظر: علل الحديث 4/ 107، الدراية 2/ 75، فتح الباري 9/ 204، الإرواء 7/ 103.
(وَإِنْ خَالَعَتْ حَامِلٌ بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا؛ صَحَّ) ولو قُلنا: النفقةُ للحَمْلِ؛ لأنَّها في التَّحقيقِ في حُكْمِ المالكةِ لها مُدَّةَ الحملِ.
(وَيَصِحُّ) الخلعُ (بِالمَجْهُولِ)؛ كالوصيةِ، ولأنَّه إسقاطٌ لحقِّه مِن البُضْعِ وليس بتَمليكِ شيءٍ، والإسقاطُ يدخُلُهُ المُسامَحَةُ.