الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الكِتَابَةِ)
(وَهِيَ) مشتقةٌ مِن الكَتْبِ، وهو الجمعُ؛ لأنَّها تَجمَعُ نُجوماً.
وشرعاً: (بَيْعُ) سيِّدٍ (عَبْدَهِ نَفْسَهُ بِمَالٍ) معلومٍ يَصحُّ السَّلَمُ فيه، (مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِ) بأجلَيْنِ فأكثرَ.
(وَتُسَنُّ) الكتابةُ (مَعَ أَمَانَةِ العَبْدِ وَكَسْبِهِ)؛ لقولِهِ تعالى: (فكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا)[النور: 33].
(وَتُكْرَهُ) الكتابةُ (مَعَ عَدَمِهِ)، أي: عدمِ الكسبِ؛ لئلا يَصيرَ كَلاًّ على الناسِ.
ولا يصحُّ عتقٌ وكتابةٌ إلا مِن جائزِ التصرُّفِ (1).
وتَنعقِدُ بـ: كاتَبْتُك على كذا مع قبولِ العبدِ، وإن لم يَقُلْ (2): فإذا أدَّيْتَ فأنت حرٌّ.
ومتى أدَّى ما عليه، أو أبرأه منه سيدُه، عَتَق، ويَملِكُ كسبَه ونفعَه، وكلَّ تصرُّفٍ يُصْلِحُ مالَه؛ كبيعٍ وإجارةٍ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ المُكَاتَبِ)؛ لقصةِ بريرةَ (3)، ولأنَّه قِنٌّ ما بَقِيَ عليه
(1) في (أ): تصرفه.
(2)
في (ع): يقبل.
(3)
رواه البخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة رضي الله عنها، وتقدم.
دِرهمٌ، (وَمُشْتَريِهِ يَقُومُ مَقَامَ مُكَاتِبِهِ) بكسرِ التاءِ، (فَإِنْ أَدَّى) المكاتَبُ (لَهُ)، أي: للمُشتري ما بَقِي من مالِ الكتابةِ؛ (عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ)، أي: للمشتري.
(وَإِنْ عَجَزَ) المكاتَبُ عن أداءِ مالِ (1) الكتابةِ أو بعضِه لمن كاتَبَه أو اشتراه؛ (عَادَ قِنًّا)، فإذا حلَّ نجمٌ ولم يُؤدِّه المكاتَبُ؛ فلسيِّدِه الفسخُ؛ كما لو أعْسَر المشتري ببعضِ الثَّمنِ، ويَلزَمُ إنظارُه ثلاثاً لنحوِ بيعِ عَرْضٍ.
ويجبُ على السيِّدِ أن يُؤدِّي إلى مَن وفىَّ كتابتَه رُبُعَها؛ لما روى أبو بكر بإسنادِه عن عليٍّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قولِهِ تعالى: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ)[النور: 33] قال: «رُبُعُ الكِتَابَةِ» ، وروي موقوفاً على عليٍّ (2).
(1) في (ق): جميع مال.
(2)
رواه النسائي في الكبرى (5017)، وعبد الرزاق (15589)، والطحاوي في مشكل الآثار (4371)، والحاكم (3501)، والبيهقي (21667) من طريق ابن جريج، حدثني عطاء بن السائب، أن عبد الله بن حبيب أخبره عن علي رضي الله عنه مرفوعاً. قال ابن جريج: (وأخبرني غير واحد، عن عطاء، أنه كان يحدث بهذا الحديث لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه موقوفاً: النسائي في الكبرى (5019)، وعبد الرزاق (15590)، والبيهقي (21668) من طرق عن علي. قال البيهقي:(هذا هو الصحيح، موقوف)، وصوَّبه النسائي، والطحاوي، والدارقطني، والأشبيلي. وقال ابن كثير: (وهذا حديث غريب، ورفعه منكر، والأشبه أنه موقوف على علي رضي الله عنه.
قال الطحاوي: (فكان الذي رفع هذا الحديث عن علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن جريج، عن عطاء، وعطاء فقد كان خلط بآخرة، وحديثه الذي لا يختلط فيه عنه هو ما يحدث عنه أربعة دون من سواهم: وهم الثوري، وشعبة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، فحديث ابن جريج عنه هو ما أخذ عنه في حال الاختلاط، فلم يكن ذلك مما يوجب رفع هذا الحديث). ينظر: علل الدارقطني 4/ 164، شرح مشكل الآثار 11/ 165، بيان الوهم 4/ 158، تفسير ابن كثير 6/ 54.