الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ العَفْوِ عَنِ القِصَاصِ)
أجمَعَ المسلمون على جوازِه (1).
(يَجِبُ بِ) القتلِ (العَمْدِ القَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ، فَيُخَيَّرُ الوَلِيُّ بَيْنَهُمَا)؛ لحديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَفْدِيَ (2) وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ» رواه الجماعةُ إلا الترمذي (3).
(وَعَفْوُهُ)، أي: عَفْوُ وَليِّ القِصاصِ (مَجَّاناً)، أي: مِن غيرِ أن يأخُذَ شيئاً (أَفْضَلُ)؛ لقولِه تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[البقرة: 237]، ولحديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً:«مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا عِزًّا» رواه أحمدُ، ومسلمٌ، والترمذي (4)، ثمَّ لا تَعزيرَ على جانٍ.
(فَإِنِ اخْتَارَ) وَليُّ الجِنايةِ (القَوَدَ، أَوْ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ فَقَطْ) أي: دونَ القِصاصِ؛ (فَلَهُ أَخْذُهَا)، أي: أَخذُ الدِّيةِ؛ لأن القِصاصَ
(1) المغني لابن قدامة (8/ 352).
(2)
في (أ): يفتدي.
(3)
رواه أحمد (7242)، والبخاري (112)، ومسلم (1355)، وأبو داود (4505)، والنسائي (4785)، وابن ماجه (2624)، ورواه الترمذي أيضاً (1405)، بلفظ:«فهو بخير النظرين، إما أن يعفو، وإما أن يقتل» .
(4)
رواه أحمد (7206)، ومسلم (2588)، والترمذي (2029).
أعلى، فإذا اختارَه لم يَمتنِعَ عليه الانتقالُ إلى الأدنى، (وَ) له (الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا)، أي: مِن الدِّيةِ، وله أن يَقتَصَّ لأنَّه لم يَعْفُ مطلقاً.
(وَإِنِ اخْتَارَهَا)، أي: اختارَ الدِّيةَ فليس له غيرُها، فإن قَتَلَه بعدُ قُتِلَ به؛ لأنه أسقَطَ حقَّه مِن القِصاصِ، (أَوْ عَفَا مُطْلَقاً)؛ بأن قال: عَفَوْتُ، ولم يُقيِّدْه بقِصاصٍ ولا ديةٍ؛ فله الدِّيةُ؛ لانصرافِ العفوِ إلى القصاصِ؛ لأنَّه المطلوبُ الأعظمُ، (أَوْ هَلَكَ الجَانِي؛ فَلَيْسَ لَهُ)، أي: لوليِّ الجنايةِ (غَيْرُهَا)، أي: غيرُ الدِّيةِ مِن تَرِكةِ الجاني؛ لتعذُّرِ استيفاءِ القَوَدِ؛ كما لو تعذَّر في طَرَفِه.
(وَإِذَا قَطَعَ) الجاني (إِصْبَعاً عَمْداً فَعَفَا) المجروحُ (عَنْها، ثُمَّ سَرَتْ) الجنايةُ (إِلَى الكَفِّ أَوِ النَّفْسِ، وَكَانَ العَفْوُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ؛ فَـ) السِّرايةُ (هَدَرٌ)؛ لأنَّه لم يَجِبْ بالجنايةِ شيءٌ، فسِرايتُها أَوْلَى، (وَإنْ كَانَ العَفْوُ عَلَى مَالٍ فَلَهُ)، أي: للمجروحِ (تَمَامُ الدِّيَةِ)، أي: ديةِ ما سَرَتْ إليه؛ بأن تُسقِطَ مِن ديةِ ما سَرَت إليه الجنايةُ أَرْشَ ما عفا عنه وتُوجِبَ الباقي.
(وَإِنْ وَكَّلَ) وليُّ الجنايةِ (1)(مَنْ يَقْتَصُّ) له، (ثُمَّ عَفَا) الموكِّلُ عن القِصاصِ (2)(فَاقْتَصَّ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بعَفْوِه؛ (فَلَا شَيْءَ
(1) قوله (ولي الجناية) سقطت من (ق).
(2)
قوله (الموكل عن القصاص) سقطت من (ق).
عَلَيْهِمَا) لا (1) على الموكِّلِ؛ لأنَّه مُحسِنٌ بالعفوِ، وما على المحسنين مِن سَبِيلٍ، ولا على الوكيلِ؛ لأنَّه لا تَفريطَ منه.
وإن عفَا مَجروحٌ عن قَوَدِ نفسِه أو دِيَتِها؛ صحَّ؛ كعَفْوِ وارثِه.
(وَإِنْ وَجَبَ لِرَقِيقٍ قَوَدٌ، أَوْ) وَجَب له (تَعْزِيرُ قَذْفٍ؛ فَطَلَبُهُ) إليه (وَإِسْقَاطُهُ إِلَيْهِ)، أي: إلى الرقيقِ دونَ سيِّدِه؛ لأنَّه مختصٌّ به، (فَإِنْ مَاتَ) الرقيقُ بعدَ وجوبِ ذلك له؛ (فَلِسَيِّدِهِ) طلَبُه وإسقاطُه؛ لقيامِه مَقامَهُ؛ لأنَّه أحقُّ به ممَّن ليس له فيه مِلْكٌ.
(1) في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): أي: لا.