الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الأَيْمَانِ)
جمعُ يمينٍ، وهي (1): الحَلِفُ والقَسَمُ.
(وَاليَمِينُ الَّتِي تَجِبُ (2) بِهَا الكَفَّارَةُ إِذَا حَنِثَ) فيها (هِيَ اليَمِينُ) التي يحلفُ فيها (بِـ) اسمِ (اللهِ) الذي لا يُسمَّى به غيرُه؛ كاللهِ، والقديمِ الأزلي، والأوَّلِ الذي ليس قبلَه شيءٌ، والآخِرِ الذي ليس بعدَه شيءٌ، وخالقِ الخلقِ، وربِّ العالمين، والرَّحمنِ، أو الذي يُسمَّى به غيرُه ولم ينوِ الغيرَ؛ كالرحيمِ، والخالقِ، والرازقِ، والمولى، (أَوْ) بـ (صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) تعالى؛ كوجهِ اللهِ، وعظمتِه، وكبريائِه، وجلالِه، وعزَّتِه، وعهدِه، وأمانتِه، وإرادتِه، (أَوْ بِالقُرْآنِ، أَوْ بِالمُصْحَفِ)، أو بسورةٍ أو آيةٍ منه.
ولعَمْرُ (3) اللهِ يمينٌ.
(1) في (ق): وهو
(2)
في (ق): يجب.
(3)
قال في المطلع (ص 471): (لَعَمْرُ الله: العَمْر، والعُمْر: الحياة، بفتح العين وضمها، واستعمل في القَسَم المفتوح خاصة، واللام للابتداء، وهو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف وجوباً تقديره: قسمي، أو ما أقسم به، والقسم به يمين منعقدة؛ لأنه حلف بصفة من صفات الله تعالى، وهي حياته).
وما لا يُعدُّ مِن أسمائِه تعالى؛ كالشيءِ والموجودِ، وما لا يَنصرِفُ إطلاقُه إليه ويَحتمِلُهُ؛ كالحيِّ، والواحدِ، والكريمِ؛ إن نوَى به الله فهو يمينٌ، وإلا فلا.
(وَالحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ) سبحانه وصفاتِه (مُحَرَّمٌ)؛ لقولِه عليه السلام: «فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» متفقٌ عليه (1).
ويُكره الحلِفُ بالأمانةِ.
(وَلَا تَجِبُ بِهِ)، أي: بالحلفِ بغيرِ اللهِ (كَفَّارَةٌ) إذا حَنَث.
(وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الكَفَّارَةِ) إذا حَلِف باللهِ تعالى (ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ):
(الأوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اليَمِينُ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ) اليمينُ (الَّتِي قُصِدَ عَقْدُهَا عَلَى) أمرٍ (مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ).
(فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ كَاذِباً عَالِماً؛ فَهِيَ) اليمينُ (الغَمُوسُ)؛ لأنَّها تَغْمِسُهُ في الإثمِ ثُم في النارِ، (وَلَغْوُ اليَمِينِ) هو (الَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ، كَقَوْلِهِ) في أثناءِ كلامِه: (لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ)؛ لحديثِ عائشةَ مرفوعاً: «اللَّغْوُ فِي اليَمينِ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ» رواه أبو داودَ، ورُوِيَ موقوفاُ (2)،
(وَكَذَا يَمِينٌ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ؛ فَلَا
(1) رواه البخاري (2679)، ومسلم (1646)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهمما.
(2)
رواه أبو داود (3254)، وابن حبان (4333)، من طريق حسان بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم يعني الصائغ، عن عطاء في اللغو في اليمين، قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«هو كلام الرجل في بيته، كلا والله، وبلى والله» . وصححه ابن حبان وابن الملقن، ورجاله ثقات، إلا أن حسان بن إبراهيم وإن كان من رجال الشيخين إلا أنه صدوق يخطئ، وقد خالفه داود بن أبي الفرات فوقَّفه.
قال أبو داود: (روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ موقوفاً على عائشة، وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفاً).
ورواه البخاري (4613)، من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:«أنزلت هذه الآية: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم)، في قول الرجل: لا والله، وبلى والله» . قال ابن حجر: (وصحح الدارقطني الوقف).
قال الألباني: (إن ذكر سبب النزول فى حكم المرفوع). ينظر: البدر المنير 9/ 451، التلخيص الحبير 4/ 407، الإرواء 8/ 194.
كَفَّارَةَ فِي الجَمِيعِ)؛ لقولِه تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ)[البقرة: 225] وهذا منه.
ولا تَنعقِدُ (1) أيضاً مِن نائمٍ، وصغيرٍ، ومجنونٍ، ونحوِهم.
الشرطُ (الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَاراً، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهاً؛ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ)؛ لقولِه عليه السلام: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (2).
الشرطُ (الثَّالِثُ: الحِنْثُ فِي يَمِينِهِ؛ بِأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ)؛ كما لو حَلِف لا يُكلِّمُ زيداً، فكلَّمَه مختاراً، (أَوْ بِتَرْكِ (3) مَا
(1) في (ق): ولا ينعقد.
(2)
تقدم تخريجه صفحة
…
الفقرة .....
(3)
في (أ) و (ع) و (ب): يترك.
حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ)؛ كما لو حَلِف ليُكَلِّمَنَّ زيداً اليومَ، فلم يُكلِّمْهُ، (مُخْتَاراً ذَاكِراً) ليمينِه، (فَإِنْ حَنَثَ (1) مُكْرَهاً أَوْ نَاسِياً؛ فَلَا كَفَّارَةَ)؛ لأنَّه لا إثْمَ عليه.
(وَمَنْ قَالَ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ)، أي: تَدخُلُها الكفارةُ؛ كيمينٍ باللهِ تعالى، ونذرٍ، وظهارٍ:(إِنْ شَاءَ اللهُ؛ لَمْ يَحْنَثْ) في يمينِه، فَعَل أو تَرَك، إن قَصَد المشيئةَ، واتَّصلت بيمينِه لفظاً أو حُكماً؛ لقولِه عليه السلام:«مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللهُ؛ لَمْ يَحْنَثْ» رواه أحمدُ وغيرُه (2).
(وَيُسَنُّ الحِنْثُ فِي اليَمِينِ إِذَا كَانَ) الحنثُ (خَيْراً)؛ كمن حَلَف على فِعْلِ مكروهٍ، أو تَرْكِ مندوبٍ.
وإن حَلَف على فِعلِ مندوبٍ، أو تِركِ مكروهٍ؛ كُرِه حِنْثُه.
وعلى فِعلِ واجبٍ، أو تَركِ محرَّمٍ؛ حَرُمَ حِنْثُه.
وعلى فِعلِ محرَّمٍ، أو تَركِ واجبٍ؛ وَجَب حِنثُه.
ويُخَّيرُ في مباحٍ، وحِفظُها فيه أوْلَى.
ولا يَلزَمُ إبرارُ قَسَمٍ؛ كإجابةِ سؤالٍ باللهِ تعالى، بل يُسنُّ.
(وَمَنْ حَرَّمَ حَلَالاً سِوَى زَوْجَتِهِ)؛ لأنَّ تحريمَها ظهارٌ كما
(1) في (أ) و (ع) و (ق): فعله.
(2)
تقدم تخريجه في كتاب الطلاق صفحة ..... الفقرة .....
تقدَّم، سواءٌ كان الذي حرَّمَه (مِنْ أَمَةٍ، أَوْ طَعَامٍ (1)، أَوْ لِبَاسٍ، أَوْ غَيْرِهِ)؛ كقولِه: ما أحلَّ اللهُ عليَّ حرامٌ، ولا زوجةَ له، أو قال: طَعامي عليَّ كالميتةِ؛ (لَمْ يَحْرُمْ) عليه (2)؛ لأنَّ اللهَ سماه يَميناً بقولِه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)[التحريم: 1] إلى قولِه: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)[التحريم: 2]، واليمينُ على الشيءِ لا تُحَرِّمُه، (وَتَلْزَمُهُ (3) كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ)؛ لقولِه تعالى:(قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)[التحريم: 2]، أي: التكفيرَ.
وسببُ نزولِها: أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لَنْ أَعُودَ إِلَى شُرْبِ العَسَلِ» متفقٌ عليه (4).
ومَن قال: هو يهوديٌّ، أو كافرٌ، أو يَعبُدُ غيرَ اللهِ، أو بريءٌ مِن اللهِ تعالى، أو مِن الإسلامِ، أو القرآنِ، أو النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ونحوِ ذلك لَيَفعَلَنَّ كذا، أو إن لم يَفعَلْهُ، أو إن كان فَعَله؛ فقد فَعَل مُحَرَّماً، وعليه كفارةُ يمينٍ بحِنْثِه.
(1) في (ق): من طعام أو أمة.
(2)
قوله: (عليه) سقطت من (أ) و (ع).
(3)
في (ق): يلزمه.
(4)
رواه البخاري (4912)، ومسلم (1474) من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة، وفيها:«كنت أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحداً» .