الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الْخُلْعِ)
وهو: فِراقُ الزوجةِ بِعِوضٍ، بألفاظٍ مخصوصةٍ، سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّ المرأةَ تخلَعُ نفسَها مِن الزَّوجِ كما تخلَعُ اللَّباسَ، قال تعالى:(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)[البقرة: 187].
(مَنْ صَحَّ تَبَرُّعُهُ) -وهو: الحرُّ، الرشيدُ، غيرُ المحجورِ عليه- (مِنْ زَوْجَةٍ، وَأَجْنَبِيٍّ؛ صَحَّ بَذْلُهُ لِعِوَضِهِ)، ومَن لا فلا؛ لأنَّه بَذْلُ مالٍ في مقابلةِ ما ليس بمالٍ ولا منفعةٍ، فصار كالتَّبرُّعِ.
(فَإِذَا كَرِهَتْ) الزوجةُ (خَلْقَ زَوْجِهَا، أَوْ خُلُقَهُ)؛ أُبيحَ الخلعُ، والخَلْقُ بفتحِ الخاءِ: صُورتُهُ الظاهرةُ، وبضمِّها: صورتُهُ الباطنةُ، (أَوْ) كَرِهَت (نَقْصَ دِينِهِ، أَوْ خَافَتْ إِثْماً بِتَرْكِ حَقِّهِ؛ أُبِيحَ الخُلْعُ)؛ لقولِه تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)[البقرة: 229]، وتُسنُّ إجابتُها إذاً، إلَّا مع محبَّتِه لها؛ فيُسنُّ صبرُها وعدمُ افتدائِها.
(وَإِلَّا) يَكُن حاجةٌ إلى الخلعِ، بل بينَهما الاستقامةُ؛ (كُرِهَ وَوَقَعَ)؛ لحديثِ ثوبانَ مرفوعاً:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا (1) بَأْسٍ؛ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةُ»
(1) سقطت من (ع).
رواه الخمسةُ غيرَ النسائي (1).
(فَإِنْ عَضَلَهَا ظُلْماً لِلافْتِدَاءِ)، أي: لتَفْتَدِيَ منه، (وَلَمْ يَكُنْ) ذلك (لِزِنَاهَا، أَوْ نُشُوزِهَا، أَوْ تَرْكِهَا فَرْضاً، فَفَعَلَتْ)، أي: افْتَدَت منه؛ حَرُمَ ولم يصحَّ؛ لقولِه تعالى: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)[النساء: 19].
فإن كان لزِناها، أو نشوزِها، أو تَرْكِها فرضاً؛ جاز وصَحَّ؛ لأنَّه ضَرَّها بحقٍّ.
(أوْ خَالَعَتْ الصَّغِيرَةُ، وَالمَجْنُونَةُ، وَالسَّفِيهَةُ) ولو بإذنِ وليٍّ، (أَوْ) خالَعَت (الأَمَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا؛ لَمْ يَصحَّ الخلع)؛ لخُلُوِّه عن بَذلِ عوضٍ ممَّن يصِحُّ تبرُّعُه، (وَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا إِنْ) لم يَكُن تَمامَ عَدَدِه، و (كَانَ) الخلعُ المذكورُ (بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ)؛ لأنَّه لم يَستحقَّ به عِوضاً.
فإن تجرَّدَ عن لفظِ الطلاقِ ونيَّتِه؛ فلغوٌ.
(1) رواه أحمد (22440)، وأبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055)، وابن الجارود (748)، وابن حبان (4184)، الحاكم (2809) من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعاً. وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وابن الجارود، وابن حبان، وقال الحاكم:(حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني وقال:(وإنما هو على شرط مسلم وحده، فإن أبا أسماء الرحبي إنما أخرج له البخاري في الأدب المفرد). ينظر: فتح الباري 9/ 403، الإرواء 7/ 100.