الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الرَّجْعَةِ
(1)
وهي: إعادةُ مُطلقةٍ غيرِ بائنٍ إلى ما كانت عليه بغيرٍ عقدٍ، قال ابنُ المنذرِ:(أجمع أهلُ العلمِ على أنَّ الحرَّ إذا طَلَّق دونَ الثلاثِ، والعبدَ دونَ الثِنتين؛ أنَّ لهما الرجعةَ في العدَّةِ)(2).
(مَنْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ زَوْجَةً) بنكاحٍ صحيحٍ (مَدْخُولاً بِهَا أَوْ مَخْلُوًّا بِهَا دُونَ مَا لَهُ مِنَ العَدَدِ)؛ بأن طَلَّق حُرٌّ دونَ ثلاثٍ، وعبدٌ دونَ ثِنتين؛ (فَلَهُ)، أي: للمُطلِّقِ حُرًّا كان أو عبداً، ولِوليِّه (3) إن كان مجنوناً (رَجْعَتُهَا) ما دامت (فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ كَرِهَتْ)؛ لقولِه تعالى:(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ)[البقرة: 228].
وأما مَن طَلَّق في نكاحٍ فاسدٍ، أو بعوضٍ، أو خالَعَ (4)، أو طَلَّق قبلَ الدُّخولِ والخلوةِ؛ فلا رجعةَ، بل يُعتبَرُ عقدٌ بشروطِه.
ومَن طَلَّق نهايةَ عدَدِه؛ لم تَحِلَّ له حتى تَنكِحَ زوجاً غيرَه،
(1) قال في المطلع (ص 415): (الرجعة - بفتح الراء وبكسرها-: مصدر رجعه: المرة، والحالة).
(2)
الإجماع لابن المنذر (ص 126)، وليس فيه ذكر العبد، وقال ابن قدامة:(أجمع العلماء على أن للعبد رجعة امرأته بعد الطلقة الواحدة، إذا وجدت شروطها، فإن طلقها ثانية، فلا رجعة له، سواء كانت امرأته حرة، أو أمة). ينظر: المغني 7/ 520.
(3)
في (ق): أو لوليه.
(4)
في (ع): خلع.
وتقدَّم، ويأتي (1).
وتحصُلُ الرجعةُ (بِلَفْظِ: رَاجَعْتُ امْرَأَتِي، وَنَحْوِهِ)، كـ: ارتجعْتُها، ورَدَدْتُها، وأمسَكْتُها، وأَعَدْتُها.
و(لَا) تصحُّ الرجعةُ بلفظِ: (نَكَحْتُهَا، ونَحْوِهِ)؛ كـ: تزوَّجْتُها؛ لأنَّ ذلك كنايةٌ، والرجعةُ استباحةُ بُضْعٍ مقصودٍ، فلا تحصُلُ بالكنايةِ.
(وَيُسَنُّ الإِشْهَادُ) على الرَّجعةِ، وليس شَرطاً فيها؛ لأنَّها لا تَفتقِرُ إلى قَبولٍ فلم تَفتقِرْ إلى شهادةٍ، وجُملةُ ذلك: أنَّ الرَّجعةَ لا تَفتقِرُ إلى وليٍّ، ولا صَداقٍ، ولا رِضَا المرأةِ، ولا علمِها.
(وَهِيَ)، أي: الرَّجعيةُ (2)(زَوْجَةٌ) يملِكُ منها ما يملِكُهُ (3) مِمَّن لم يَطلِّقْها، و (لَهَا) ما للزوجاتِ مِن نفقةٍ، وكسوةٍ، ومسكنٍ، (وَعَلَيْهَا حُكْمُ الزَّوْجَاتِ) مِن لُزومِ مسكنٍ ونحوِه، (لَكِنْ لَا قَسْمَ لَهَا)، فيصحُّ أن تُطَلَّقَ، وتُلَاعَنَ، ويَلحَقُها ظهارُه وإيلاؤُه، ولها أن تَتشَرَّفَ له وتَتزَيَّنَ، وله (4) السفرُ والخلوةُ بها، ووطؤها.
(وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ أَيْضاً بِوَطْئِهَا) ولو لم يَنوِ به الرجعةَ.
(1) تقدم صفحة .... ويأتي صفحة .....
(2)
في (ع): الرجعة.
(3)
في (أ) و (ع): يملك.
(4)
سقطت (له) من (ع).
(وَلا تَصِحُّ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ)؛ كـ: إذا جاء رأسُ الشهرِ فقد راجعتُكِ، أو كُلَّما طلَّقْتُك فقد راجعتُكِ، بخلافِ عكسِه فيَصِحُّ.
(فَإِذَا طَهَرَتْ) المطلَّقةُ رَجعيًّا (مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ؛ فَلَهُ رَجْعَتُهَا)، رُوي عن عمرَ (1)، وعليٍّ (2)،
(1) رواه عبد الرزاق (10985)، وسعيد بن منصور (1216)، من طرق عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب قال:«تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل لها الصلاة» ، وهو مرسل، قال يحيى بن معين:(ومرسلات إبراهيم صحيحة). ينظر: تهذيب التهذيب 4/ 85.
ورواه سعيد بن منصور (1218)، وابن أبي شيبة (18898) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر، وعبد الله، قالا:«هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة» ، وهذا مرسل صحيح، وسئل أحمد بن حنبل: هل سمع علقمة من عمر رضي الله عنه؟ فقال: ينكرون ذلك، قيل: من ينكره؟ قال: الكوفيون أصحابه. ينظر: جامع التحصيل ص 240.
ورواه ابن أبي شيبة (18897) من طريق الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر، وعبد الله قالا:«هو أحق بها» ، وهذا صحيح متصل، وذكر ابن أبي خيثمة: أنه حج مع أبي بكر وعمر وعثمان، فروايته عنهم متصلة.
(2)
رواه عبد الرزاق (10983)، وسعيد بن منصور (1219)، وابن أبي شيبة (18901) من طريق الزهري، عن ابن المسيب: أن عليًّا قال في رجل طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين: «تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل لها الصلاة» ، وإسناده صحيح، وتقدم الكلام عن الاحتجاج بمراسيل سعيد عن عمر، فمراسيله عن علي حجة من باب أولى.
ورواه سعيد بن منصور (1233) من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، رضي الله عنه قال:«هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة» ، وهو مرسل صحيح أيضاً، وبمجموعهما يكون الأثر ثابتاً عن علي رضي الله عنه.
وابنِ مسعودٍ (1) رضي الله عنهم؛ لوجودِ أثَرِ الحيضِ المانعِ للزوجِ مِن الوطءِ، فإن اغتسلت مِن حيضَةٍ ثالثةٍ ولم يَكُن ارتجَعَها؛ لم تَحِلَّ له إلا بنكاحٍ جديدٍ.
وأما بقيَّةُ الأحكامِ مِن قَطْعِ الإرثِ، والطلاقِ، واللِّعانِ، والنفقةِ، وغيرِها؛ فتحصُلُ بانقطاعِ الدمِ.
(وَإِنْ (2) فَرَغَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ رَجْعَتِهَا؛ بَانَتْ وحَرُمَتْ قَبْلَ عَقْدٍ جَدِيدٍ) بوليٍّ وشاهِدَيْ عَدْلٍ؛ لمفهومِ (3) قولِه تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ)[البقرة: 228]، أي: في العِدَّةِ.
(وَمَنْ طَلَّقَ دُونَ مَا يَمْلِكُ)؛ بأن طَلَّق الحرُّ واحدةً أو ثِنتين، أو طَلَّق العبدُ واحدةً (ثُمَّ رَاجَعَ) المطلَّقةَ رجعيًّا؛ (أَوْ تَزَوَّجَ) البائنَ؛ (لَمْ يَمْلِكْ) مِن الطلاقِ (أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ) مِن عَدَد طلاقِه، (وَطِئَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ أَوْ لَا)؛ لأنَّ وطءَ الثاني لا يُحتاجُ إليه في الإحلالِ للزوجِ الأوَّلِ فلا يُغَيِّرُ حُكمَ الطلاقِ؛ كوطءِ السيِّدِ، بخلافِ المطلَّقةِ ثلاثاً إذا نَكَحَت (4) مَن أصابها ثمَّ فارقَها ثمَّ عادَت للأوَّل فإنِّها تعودُ على طلاقِ ثلاثٍ.
(1) تقدم تخريجه قريباً مع الأثر الوارد عن عمر، وإسناده عن ابن مسعود صحيح متصل.
(2)
في (ق): فإن.
(3)
في (ق): بمفهوم.
(4)
في (ق): أنكحت.