الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنَّ الإذنَ هو الإعلامُ ولم يُعلِمْها.
(أَوْ خَرَجَتْ) مَن قال لها: إن خرَجْتِ إلى غيرِ الحمام بغيرِ إذني فأنتِ طالِقٌ (تُرِيدُ الحَمَّامَ وَغَيْرَهُ، أَوْ عَدَلَتْ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ؛ طَلُقَتْ فِي الكُلِّ)؛ لأنَّها إذا خَرَجَت للحمَّامِ وغيرِه فقد صَدَق عليها أنَّها خَرَجَت إلى غيرِ الحمامِ.
(لَا (1) إِنْ أَذِنَ) لها (فِيهِ)، أي: في الخروجِ (كُلَّمَا شَاءَتْ)، فلا يَحنَثُ بخروجِها بعدَ ذلك لوجودِ الإذنِ.
(أَوْ قَالَ) لها: إن خَرَجْتِ (إِلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ خَرَجَتْ)؛ فلا حِنْثَ عليه.
(فَصْلٌ) في تعليقِه بالمشيئةِ
(إِذَا عَلَّقَهُ)، أي: الطلاقَ (بِمَشِيئَتِهَا بِـ: إِنْ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الحُرُوفِ)، أي: الأدواتِ كـ: إذا، ومتى، ومهما؛ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ)، فإذا شاءَت طَلُقَت (وَلَوْ تَرَاخَى) وجودُ المشيئةِ منها؛ كسائرِ التعاليقِ، فإن قيَّد المشيئةَ بوقتٍ؛ كـ: إن شِئتِ اليومَ فأنتِ طالقٌ؛ تَقيَّدَت به.
(فَإِنْ قَالَتْ) من قال لها: إن شِئتِ فأنتِ طالقٌ: (قَدْ شِئْتُ إِنْ
(1) في (ق): إلا.
شِئْتَ، فَشَاءَ؛ لَمْ تَطْلُقْ)، وكذا إن قالت: قد شئتُ إن طلعت الشمسُ ونحوَه؛ لأنَّ المشيئةَ أمرٌ خفِيٌّ لا يصحُّ (1) تعليقُهُ على شرطٍ.
(وَإِنْ قَالَ) لزوجتِه: (إِنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوكِ) فأنت طالقٌ، (أَوْ) قال: إنِ شئتِ وشاء (زَيْدٌ) فأنت طالقٌ؛ (لَمْ يَقَعْ) الطلاقُ (حَتَّى يَشَاءَا مَعاً)، أي: جميعاً، فإذا شاءَا وَقَع، ولو شاء أحدُهما على الفورِ والآخرُ على التراخي؛ لأنَّ المشيئةَ قد وُجِدَت منهما، (وَإِنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا) وحدَه (فَلَا) حِنْثَ؛ لعدمِ وجودِ الصفةِ وهي مشيئتُهُما.
(وَ) إن قال لزوجتِه: (أَنْتِ طَالِقٌ) إن شاء اللهُ، (أَوْ) قال:(عَبْدِي حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللهُ)، أو إلا أن يشاءَ اللهُ، أو ما لم يَشأ اللهُ، ونحوَه؛ (وَقَعَا)، أي: الطلاقُ والعتقُ؛ لأنَّه تعليقُ على ما لا سَبيلَ إلى عِلمِه فَبَطَل؛ كما لو علَّقه على شيءٍ من المستحيلاتِ.
(وَ) من قال لزوجتِه: (إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ؛ طَلُقَتْ إِنْ دَخَلَتْ) الدَّارَ؛ لما تقدَّم؛ إن لم يَنْوِ ردَّ المشيئةِ إلى الفعلِ، فإن نواه لم تَطلُقْ، دَخَلَت أو لم تَدخُلْ؛ لأنَّ الطلاقَ إذاً يمينٌ؛ إذ هو تعليقٌ على ما يُمكنُ فِعلُهُ وتَركُهُ، فيَدخُلُ تحتَ عمومِ حديثِ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللهُ؛ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ»
(1) في (ع): ولا يصح.
رواه الترمذي وغيرُهُ (1).
(وَ)(2) إن قال لزوجتِه: (أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ، أَوْ) أنتِ طالقٌ
(1) رواه الترمذي (1531)، ورواه أحمد (4581)، وأبو داود (3261)، والنسائي (3793)، وابن ماجه (2105)، وابن الجارود (928)، وابن حبان (4339)، والحاكم (7832) من طرق عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً. وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، والألباني.
وأُعِلَّ بالوقف، قال الترمذي:(وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً، وهكذا روي عن سالم، عن ابن عمر موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير أيوب السختياني، وقال إسماعيل بن إبراهيم: وكان أيوب أحياناً يرفعه، وأحياناً لا يرفعه)، ورواه أيضاً مالك (1734)، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً.
وأجاب عن ذلك ابن حبان وابن الملقن وابن حجر والألباني، قال ابن حبان بعد روايته خبر أيوب:(ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به أيوب السختياني)، ثم ذكر متابعة أيوب بن موسى له (4340).
وتابعه غيره أيضاً، قال ابن الملقن:(وأيوب ثقة إمام مجمع على جلالته، فلا يضر تفرده بالرفع، على أنه لم ينفرد؛ فقد رواه موسى بن عقبة وعبد الله بن عمر وحسان بن عطية وكثير بن فرقد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً).
ولم يقنع البيهقي بهذه المتابعات، فقال:(قال حماد بن زيد: كان أيوب يرفع هذا الحديث ثم تركه)، ثم قال:(لعله إنما تركه لشك اعتراه في رفعه، وهو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وقد روي ذلك أيضاً عن موسى بن عقبة، وعبد الله بن عمر، وحسان بن عطية، وكثير بن فرقد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يكاد يصح رفعه إلا من جهة أيوب السختياني، وأيوب يشك فيه أيضاً، ورواية الجماعة من أوجه صحيحة عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله غير مرفوع). ينظر: صحيح ابن حبان 10/ 183، السنن الكبرى 10/ 79، البدر المنير 9/ 452، التلخيص الحبير 4/ 409، الإرواء 8/ 198.
(2)
سقطت من (ع).
(لِمَشِيئَتِهِ؛ طَلُقَتْ فِي الحَالِ)؛ لأنَّ معناه: أنتِ طالِقٌ لكونِ زيدٍ رَضِيَ بطلاقِكِ، أو لكونِه شاء طلاقَكِ، بخلافِ: أنتِ طالقٌ لقدومِ زيدٍ، ونحوِه، (فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ) بقولي: لرِضَا زيدٍ، أو لمشيئتِه (الشَّرْطَ)، أي: تعليقَ الطلاقِ على المشيئةِ أو الرِّضا؛ (قُبِلَ حُكْماً)؛ لأنَّ لفظَهُ يَحتمِلَهُ؛ لأنَّ ذلك يُستعمَلُ للشرطِ، وحينئذ فلا تَطلُقُ حتى يرضَى زيدٌ أو يَشاءُ، ولو مميِّزاً يَعقِلُها، أو سكرانَ، أو بإشارةٍ مفهومةٍ مِن أخرسَ، لا إن مات، أو غاب، أو جُنَّ قبلَها.
(وَ) مَن قال لزوجتِه: (أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ رَأَيْتِ الهِلَالَ؛ فَإِنْ نَوَى) حقيقةَ (رُؤْيَتِهَا)، أي: معاينتِها إيَّاه؛ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَرَاهُ)، ويُقبَلُ منه ذلك حُكماً؛ لأنَّ لفظَهُ يَحتمِلُهُ.
(وَإِلَّا) يَنوِ حقيقةَ رؤيتِها؛ (طَلُقَتْ بَعْدَ الغُرُوبِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا)، وكذا بتمامِ العِدَّةِ إن لم يَنوِ العِيانَ؛ لأنَّ رؤيةَ الهلالِ في عُرفِ الشَّرعِ: العلمُ به في أوَّلِ الشهرِ؛ بدليلِ قولِه عليه السلام: «إذَا رَأَيْتُمْ الهِلَالِ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا» (1)(2).
(1) رواه البخاري (1900)، ومسلم (1080)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
نهاية السقط من (ح).