الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ مِيرَاثِ الحَمْلِ)
بفتحِ الحاءِ، والمرادُ: ما في بطنِ الآدميَّةِ، يُقالُ (1): امرأةٌ حامِلٌ وحامِلَةٌ: إذا كانت حُبلى.
(وَ) ميراثِ (الخُنْثَى المُشْكِلِ) الذي لم تَتَّضِحْ ذُكورتُهُ ولا أنوثتُهُ.
(مَنْ خَلَّفَ وَرَثَةً فِيهِم حَمْلٌ) يَرِثُه (فَطَلَبُوا القِسْمَةَ؛ وُقِفَ لِلحَمْلِ) إنْ اختلف إرثُهُ بالذكورةِ والأنوثةِ (الأَكْثَرُ مِنْ إِرْثِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ)؛ لأنَّ وَضْعَهُما كثيرٌ معتادٌ، وما زاد عليهما نادرٌ فلم يُوقَف له شيءٌ.
ففي زوجةٍ حاملٍ وابنٍ؛ للزوجةِ: الثُّمنُ، وللابنِ: ثُلثُ الباقي، ويُوقَفُ للحملِ إرثُ ذَكَرَيْن؛ لأنَّه أكثرُ، وتَصحُّ مِن أربعةٍ وعشرين.
وفي زوجةٍ حاملٍ وأبوين؛ يُوقَفُ للحملِ نَصيبُ أُنْثَيَيْن؛ لأنَّه أكثرُ، ويُدفَعُ للزوجةِ: الثُّمنُ عائِلاً لسبعةٍ وعشرين، وللأبِ: السُّدسُ كذلك، وللأمِّ: السُّدسُ كذلك.
(فَإِذَا (2) وُلِدَ أَخَذَ حَقَّهُ) مِن الموقوفِ، (وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِمُسْتَحِقِّهِ)، وإن أعوزَ شيءٌ؛ بأن وقَفْنا ميراثَ ذَكَرَيْن فَوَلَدَت ثلاثةً؛ رَجَع على
(1) في (ق): ويقال.
(2)
في (ق): وإذا.
مَن هو بيدِه.
(وَمَنْ لَا يَحْجِبُهُ) الحملُ؛ (يَأْخُذُ إِرْثَهُ) كامِلاً؛ (كَالجَدَّةِ) فإنَّ فَرْضَها السُّدُسُ مع الولدِ وعَدمِهِ.
(وَمَنْ يُنْقِصُهُ) الحملُ (شَيْئاً) يُعطَى (اليَقِينَ)؛ كالزوجةِ والأمِّ، فيُعْطَيان الثُّمُنَ والسُّدُسَ، ويُوقَفُ الباقي.
(وَمَنْ سَقَطَ بِهِ)، أي: بالحملِ؛ (لَمْ يُعْطَ شَيْئاً)؛ للشكِّ في إرثِهِ.
(وَيرِثُ) المولودُ (وَيُورَثُ إِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخاً)؛ لحديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً: «إذَا اسْتَهَلَّ (1) المَوْلُودُ صَارِخاً وَرِثَ» رواه أحمدُ وأبو داودَ (2)، (أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَكَى، أَوْ رَضَعَ، أَوْ تَنَفَّسَ وَطَالَ زَمَنُ
(1) قال في المطلع (ص 373): (قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: استهل المولود: إذا صاح عند الولادة، وقال القاضي عياض: استهل المولود: رفع صوته، وكل شيء رفع صوته فقد استهل، وبه سمي الهلال هلالاً، والإهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية، وحكى في المغني في الاستهلال المقتضي الميراث ثلاث روايات: إحداها: أنه الصراخ خاصة. والثانية: إذا صاح أو عطس أو بكى. والثالثة: أن يعلم حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره).
(2)
لم نقف عليه في مظانه من كتب الإمام أحمد، ورواه أبوداود (2920) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. قال ابن عبد الهادي:(وهذا إسناد جيد وحسن)، وقال الألباني:(إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه)، ثم ذكر له متابعات وشواهد وصحح الحديث بها. ينظر: تنقيح التحقيق 4/ 277، الإرواء 6/ 147.
التَّنَفُّسِ، أَوْ وُجِدَ) منه (دَلِيلُ) على (حَيَاتِهِ)؛ كحركةٍ طويلةٍ وسُعالٍ؛ لأنَّ هذه الأشياءَ تدلُّ على الحياةِ المستقِرَّةِ، (غَيْرَ حَرَكَةٍ) قصيرةٍ، (وَاخْتِلَاجٍ (1)؛ لعدمِ دلالتِهِما على الحياةِ المستقِرَّةِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ)، أي: صوَّتَ (ثُمَّ مَاتَ وَخَرَجَ؛ لَمْ يَرِثْ) ولم يُورَثْ، كما لو لم يَستهِلَّ.
(وَإِنْ جُهِلَ المُسْتَهِلُّ مِنَ التَّوْأَمَيْنِ) إذا استهَلَّ أحدُهما دونَ الآخَرِ ثم مات المُسْتَهِلُّ وجُهِلَ وكانَا ذكراً وأنثى، (وَاخْتَلَفَ إِرْثُهُمَا) بالذكورةِ والأنوثةِ؛ (يُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ)؛ كما لو طلَّق إحدى نسائِهِ ولم تُعْلَم عينُها.
وإنْ لم يَختلِفْ ميراثُهما كولدِ الأمِّ؛ أُخْرِجَ السُّدسُ لورثةِ الجنينِ بغيرِ قرعةٍ؛ لعدمِ الحاجةِ إليها.
ولو مات كافرٌ بدارِنا عن حملٍ منه؛ لم يَرِثْهُ؛ لحكمِنا بإسلامِهِ قبلَ وضْعِهِ.
ويَرِثُ صغيرٌ حُكِمَ بإسلامِهِ بموتِ أحدِ أبَوَيْهِ منه.
(والخُنْثَى): مَن له شَكْلُ ذَكَرِ رجلٍ وفرجِ امرأةٍ، أو ثُقْبٌ في مكانِ الفرجِ يخرجُ منه البولُ.
(1) قال في المطلع (374): (الاختِلاج: الاضطراب، يقال: اختلجت عينه: إذا اضطربت).
ويُعتَبرُ أمرُه ببولِه مِن أحدِ الفرجين، فإن بال منهما؛ فبِسَبْقِه، فإن خَرَج منهما معاً اعتُبِر أكثرُهما، فإنْ استويا فهو (المُشْكِلُ).
فإن رُجِيَ كشفُه لصغرٍ؛ أُعطِي ومَن معه اليقينَ، ووُقِفَ الباقي لتظهَرَ ذُكوريتُه بنباتِ لحيتِهِ، أو إمناءٍ مِن ذكَرِه، أو تَظهَرُ أنوثيَّتُه بحيضٍ، أو تفلُّكِ ثَدْيٍ (1)، أو إمناءٍ مِن فرجٍ.
فإن مات أو بَلَغ بلا أمارةٍ؛ (يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ) إن ورِثَ بكونِهِ ذَكراً فقط؛ كولدِ أخٍ أو عمٍّ خُنثى، (وَنِصْفَ مِيراثِ أُنْثَى) إن ورِثَ بكونِهِ أنثى فقط؛ كولدِ أبٍ خُنثى مع زوجٍ وأختٍ لأبوين، وإن وَرِثَ بهما مُتفاضلاً؛ أُعطِيَ نصفَ ميراثِهِما.
فتَعمَلُ مسألةَ الذُّكوريةِ ومسألةَ الأُنوثية (2) وتَنظُرُ بينهما بالنِّسبِ الأربعِ، وتُحصِّلُ أقلَّ عددٍ يَنقسِمُ على كلٍّ منهما، وتَضرِبُه في اثنين عدَدَ حالَي الخُنثى، ثم مَن له شيءٌ مِن إحدى المسألتين فاضرِبْهُ في الأخرى أو وَفْقِها.
فابنٌ وولدٌ خنثى؛ مسألةُ الذُّكوريةِ مِن اثنين، والأنوثيةُ مِن ثلاثةٍ، وهما مُتباينان، فإذا ضَرَبْتَ إحداهما في الأخرى كان الحاصلُ ستَّةً، فاضرِبْها في اثنين، تَصحُّ مِن: اثني عَشَرَ؛ للذَّكرِ: سبعةٌ، وللخُنثى: خمسةٌ.
(1) قال في الصحاح (4/ 1604): (فلك ثدي الجارية تفليكاً، وتفلك: استدار).
(2)
في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): ثم مسألة الأنوثية.
وإن صالَحَ الخُنثى مَن معه على ما وُقِفَ له؛ صحَّ إنْ صحَّ تبرُّعُهُ.