المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب مقادير ديات النفس) - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ٣

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الفَرَائِضِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَالجَدُّ لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا)

- ‌(فَصْلٌ) في أحوالِ الأمِّ

- ‌(فَصْلٌ) في ميراثِ الجدَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) في ميراثِ البناتِ وبناتِ الابنِ والأخواتِ

- ‌(فَصْلٌ في الحَجبِ)

- ‌(بَابُ العَصَبَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ أُصُولِ المَسَائِلِ) والعولِ والردِّ

- ‌(بَابُ التَّصْحِيحِ، وَالمُنَاسَخَاتِ، وقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في قِسمةِ التركاتِ

- ‌(بَابُ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌(بَابُ مِيرَاثِ الحَمْلِ)

- ‌(بَابُ مِيرَاثِ المَفْقُودِ)

- ‌(بَابُ مِيرَاثِ الغَرْقَى)

- ‌(بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ المِلَلِ)

- ‌(بَابُ الإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي المِيرَاثِ)

- ‌(بَابُ مِيرَاثِ القَاتِلِ، وَالمُبَعَّضِ، وَالوَلَاءِ)

- ‌(كِتَابُ العِتْقِ)

- ‌(بَابُ الكِتَابَةِ)

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ المُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ)في الضَّربِ الثاني مِن المحرماتِ

- ‌(بَابُ الشُّرُوطِ) في النكاحِ (وَالعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في العيوبِ في النكاحِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الكُفَّارِ) مِن أهلِ الكتابِ وغيرِهم

- ‌(فَصْلٌ)(وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعاً)

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(فَصْلٌ)(وَتَمْلِكُ المَرأَةُ) جميعَ (صَدَاقِهَا بِالعَقْدِ)

- ‌(بَابُ وَلِيمَةِ العُرْسِ)

- ‌(بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَيَلْزَمُهُ)، أي: الزوجَ (أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الحُرَّةِ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعِ)

- ‌(فَصْلٌ) في القَسْمِ

- ‌(فَصْلٌ) في (النُّشُوزُ)

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَالخُلْعُ بِلَفْظِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ، أَوْ كِنَايَتِهِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ) في الاستثناءِ في الطلاقِ

- ‌(بَابُ) حُكمِ إيقاعِ (الطَّلاقِ فِي) الزَّمنِ (المَاضِي، وَ) وقوعِه في (الزَّمنِ المُسْتَقْبَلِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ)

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالحيضِ

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالحَمْلِ

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالولادةِ

- ‌(فَصْلُ) في تعليقِه بالطلاقِ

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالحَلِفِ

- ‌(فصل) في تعليقِه بالكلامِ

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالإذنِ

- ‌(فَصْلٌ) في تعليقِه بالمشيئةِ

- ‌(فَصْلٌ) في مسائلَ مُتفرقةٍ

- ‌(بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الحَلِفِ) بالطلاقِ أو غيرِه

- ‌(بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ)

- ‌(بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ)(وَإِنِ ادَّعَتِ) المطلَّقةُ (انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا)

- ‌(فَصْلٌ)(إِذَا اسْتَوْفَى) المطلِّقُ (مَا يَمْلِكُ مِنَ الطَّلَاقِ)

- ‌(كِتَابُ الإِيلَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلاً)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ اللِّعَانِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوِ المَجْنُونَةَ)

- ‌(فَصْلٌ) فيما يَلْحَقُ مِن النَّسَبِ

- ‌(كِتَابُ العِدَدِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَالمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الاسْتِبْرِاءِ)

- ‌(كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌(كِتَابُ النَّفَقَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَنَفَقَةُ المُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَكِسْوَتُهَا، وَسُكْنَاهَا؛ كَالزَّوْجَةِ)

- ‌(بَابُ نَفَقَةِ الأَقَارِبِ وَالمَمَالِيكِ) مِن الآدَمِيِّينَ والبَهائِمِ

- ‌(فَصْلٌ) في نفقةِ الرقيقِ

- ‌(فصل) في نفقةِ البهائمِ

- ‌(بَابُ الحَضَانَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَإِذَا بَلَغَ الغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ) كامِلةً (عَاقِلاً؛ خُيِّر بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا)

- ‌(كِتَابُ الجِنَايَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)(تُقْتَلُ الجَمَاعَةُ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ) وجوب (القِصَاصِ)

- ‌(بَابُ اسْتِيفَاءِ القِصَاصِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ العَفْوِ عَنِ القِصَاصِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ القِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) مِن الأَطْرافِ والجِراحِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَإِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ)

- ‌(بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ)

- ‌(بَابُ دِيَاتِ الأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا)

- ‌(فَصْلٌ) في ديةِ المنافعِ

- ‌(بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ العِظَامِ)

- ‌(بَابُ العَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ) العاقلةُ

- ‌(فَصْلٌ) في كفارةِ القتلِ

- ‌(بَابُ القَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الحُدُودِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌(بَابُ) حَدِّ (القَذْفِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ المُسْكِرِ)

- ‌(بَابُ التَّعْزِيرِ)

- ‌(بَابُ القَطْعِ فِي السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ قِتَالِ أَهْلِ البَغْيِ)

- ‌(بَابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ)

- ‌(فَصْلٌ)(فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ، رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ؛ دُعِيَ إِلَيْهِ)

- ‌(كِتَابُ الأَطْعِمَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الذَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ الصَّيْدِ)

- ‌(كِتَابُ الأَيْمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ)في كفارةِ اليمينِ

- ‌(بَابُ جَامِعِ الأَيْمَانِ) المحلوفِ بها

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(كِتَابُ القَضَاءِ)

- ‌(بَابُ طَرِيقِ الحُكْمِ وَصِفَتِهِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً)

- ‌(بَابُ القِسْمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ، وَعَدَدِ الشُّهُودِ)، وغيرِ ذلك

- ‌(فَصْلُ) في عَددِ الشُّهودِ

- ‌(فَصْلٌ)في الشهادةِ على الشهادةِ

- ‌(بَابُ اليَمِينِ فِي الدَّعَاوَى)

- ‌(كِتَابُ الإِقْرَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الإقرارِ بالمجملِ

الفصل: ‌(باب مقادير ديات النفس)

(بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ)

المقاديرُ: جمعُ مِقدارٍ، وهو: مَبلَغُ الشيءِ وقَدرُه.

(دِيَةُ الحُرِّ المُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ، أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَباً، أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةً، أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ)؛ لحديثِ أبي داودَ عن جابرٍ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الإِبِلِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ البَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ» رواه أبو داودَ (1)، وعن عكرمةَ عن ابنِ عباسٍ:«أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ» (2)،

وفي كتابِ عمرو بنِ

(1) رواه أبو داود (4544) من طريق محمد بن إسحاق، قال: ذكر عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالسماع، قال المنذري:(لم يذكر ابن إسحاق من حدثه به عن عطاء، فهو منقطع)، وضعفه الألباني.

ورواه أبو داود (4543) من طريق محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً. وفيه عنعنة ابن إسحاق أيضاً، قال البيهقي:(كذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار، ورواية من رواه عن عمر رضي الله عنه أكثر وأشهر). ينظر: السنن الكبرى 8/ 137، نصب الراية 4/ 363، الإرواء 7/ 303.

(2)

رواه أبو داود (4546)، والترمذي (1388)، والنسائي (4803)، وابن ماجه (2629)، من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما به. قال ابن الملقن:(الطائفي فيه لين، وقد وثق).

وأعلَّ الحديث جماعة من الحفاظ بالإرسال: فروى الترمذي (1389) من طريق ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مرسلاً. قال الترمذي:(ولا نعلم أحداً يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم)، وقال النسائي:(إنه ليس بالقوي في هذا الحديث - يعني الطائفي - وهذا الحديث خطأ، والصواب عن عكرمة مرسل)، وصحح الإرسال أبو حاتم، وتبعه الأشبيلي والألباني، وأشار أبو داود إلى ذلك بعد روايته الحديث.

وقد رواه النسائي (4804)، عن محمد بن ميمون، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس به. ومال ابن الجوزي إلى تقوية الرفع بهذه المتابعة، إلا أن الدارقطني قال: (قال محمد بن ميمون: وإنما قال لنا فيه: عن ابن عباس مرة واحدة، وأكثر من ذلك كان يقول: عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومحمد بن ميمون صدوق ربما أخطأ كما في التقريب.

قال ابن حزم: (والذي رواه مشاهير أصحاب ابن عيينة عنه في هذا الخبر فإنما هو عن عكرمة، لم يذكر فيه ابن عباس). ينظر: سنن الدارقطني 4/ 148، المحلى 10/ 290، التحقيق 2/ 318، البدر المنير 8/ 436، التلخيص الحبير 4/ 73، الإرواء 7/ 304.

ص: 346

(1) رواه النسائي (4854) من طريق محمد بن بكار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده مرفوعاً في حديث طويل فيه ذكر الصدقات والديات. قال النسائي:(وسليمان بن أرقم متروك، وقد روي هذا الحديث يونس، عن الزهري مرسلاً).

وتابع سليمان بن أرقم: سليمان بن داود، واختلف الحفاظ في قبول هذه المتابعة وردها، فرواه أبو داود في المراسيل (259)، وابن حبان (6559)، والحاكم (1447) من طريق الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.

رد هذه المتابعة أبو داود وقال: (الذي في إسناده سليمان بن داود وَهْم، إنما هو سليمان بن أرقم)، وقال:(هذا الحديث لا أحدث به، وقد وهِمَ فيه الحكم بن موسى في قوله: عن سليمان بن داود، وقد حدثني هذا الحديث أبو هبيرة محمد بن الوليد الدمشقي أنه قرأه في أصل يحيى بن حمزة: سليمان بن أرقم)، وقال أبو زرعة:(الحكم بن موسى لم يضبطه). ووافقهم وصالح بن أحمد جزرة وأبو الحسن الهروي. وقال ابن منده: (كذلك قرأته في أصل يحيى بن حمزة، وإنه الصواب). وقال صالح جزرة: (حدثنا دحيم قال: نظرت في كتاب يحيى حديث عمرو بن حزم في الصدقات فإذا هو عن سليمان بن أرقم).

قال الذهبي: (رجحنا أنه ابن أرقم، فالحديث إذاً ضعيف الإسناد).

ولم يرتضِ ذلك ابن عدي وأجاب عن كلامهم، وقال:(وحديث سليمان بن داود مجوَّد الإسناد)، وقال الحاكم:(إسناده صحيح، وهو قاعدة من قواعد الإسلام)، وصححه ابن حبان، وقال ابن الجوزي:(قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح، وأحمد يشير بالصحة إلى هذه الرواية لا لغيرها).

ومع ثبوت هذه المتابعة فقد ضعَّف سليمانَ بن داود جماعةٌ من الحفاظ، ولذا قال يحيى بن معين:(سليمان بن داود ليس يُعرف، وهذا الحديث لا يصح)، وذكر الذهبي عن أهل العلم تضعيفه في الميزان.

وأُعل الحديث أيضاً بالإرسال، فرواه مالك (3139)، وأبو داود في المراسيل (257)، والنسائي (4855)، من طرق صحيحة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلاً، وهو كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، قال أبو داود:(قد أسند هذا الحديث ولا يصح)، وقال ابن حزم:(وأما حديث أبي بكر بن عمرو بن حزم فصحيفة مرسلة؛ ولا حجة في مرسل).

قال الشافعي: (ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم - والله أعلم- حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله)، وقال أحمد:(أرجو أن يكون هذا الحديث صحيحاً)، وقال يعقوب بن سفيان الفسوي:(لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح منه، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه، ويدعون آراءهم)، ومال إلى قبوله ابن عدي والبيهقي، وتقدم تصحيح ابن حبان والحاكم له مرفوعاً.

قال ابن حجر: (وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة، لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة)، ثم نقل كلام الشافعي وابن عبد البر والعقيلي والحاكم وغيرهم في ذلك. ينظر: الرسالة ص 420، علل الحديث 2/ 618، الكامل لابن عدي 4/ 268، نصب الراية 2/ 341، التحقيق 2/ 26، ميزان الاعتدال 2/ 200، البدر المنير 8/ 380، التلخيص الحبير 4/ 57.

ص: 347

(هذِهِ) الخمسُ المذكوراتُ (أُصُولُ الدِّيَةِ) دونَ غيرِها، (فأيَّهَا أَحْضَرَ مَنْ تَلْزَمُهُ) الدِّيةُ؛ (لَزِمَ الوَلِيَّ قَبُولُهُ)، سواءٌ كان وليُّ الجنايةِ مِن أهلِ ذلك النوعِ أو لم يَكُن؛ لأنَّه أتى بالأصلِ في قضاءِ الواجبِ عليه.

ثم تارةً تُغلَّظُ الدِّيةُ وتارةً لا تُغلَّظُ (1)، (فَـ) تُغلَّظُ (فِي قَتْلِ العَمْدِ وَشِبْهِهِ)، فيؤخَذُ (خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً (2).

ولا تَغليظَ في غيرِ إبلٍ.

(وَ) تكونُ الدِّيةُ (فِي الخَطَأِ) مُخفَّفةً، (تَجِبُ (3) أَخْمَاساً؛ ثَمَانُونَ مِنَ الأَرْبَعَةِ المَذْكُورَةِ)، أي: عشرون بنتَ مخاضٍ، وعشرون بنتَ لبونٍ، وعشرون حِقَّةً، وعشرون جذعةً، (وَعِشْرُونَ مِنْ بَنِي مَخَاضٍ)، هذا قولُ ابنِ مسعودٍ (4).

(1) قوله (تغلظ) سقطت من (ق).

(2)

في (أ) و (ع): جذعة منه.

(3)

في (أ) و (ح) و (ق): فتجب.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (26749)، والدارقطني (3363)، والبيهقي (16157)، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله، أنه قال:«في الخطأ أخماساً عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنو مخاض، وعشرون بنات لبون» ، وروي من وجوه أخرى عن ابن مسعود، وصححه الدارقطني والبيهقي.

وروي مرفوعاً عند أحمد (3635)، وأبي داود (4545)، وغيرهما، من طريق الحجاج، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك، عن ابن مسعود مرفوعاً. وخشف مجهول، والحجاج بن أرطاة ضعيف، ولذا ضعف المرفوع: الدارقطني والبيهقي، وقال أبو داود:(وهو قول عبد الله)، قال البيهقي:(يعني: إنما روي من قول عبد الله موقوفاً غير مرفوع)، وضعفه الألباني.

ينظر: البدر المنير 8/ 420، الدراية 2/ 272، السلسلة الضعيفة 9/ 24.

ص: 349

وكذا حُكْمُ الأطرافِ.

وتُؤخَذُ (1) مِن بقرٍ مُسِنَّاتٌ وأَتْبِعَةٌ، ومِن غنمٍ ثَنايَا وأَجْذِعَةٌ نِصفين.

(وَلَا تُعْتَبرُ القِيمَةُ في ذلِكَ)، أي: أن تَبلُغَ قِيمةُ الإبلِ، أو البقرِ، أو الشِّياهِ (2) دِيَةَ نَقْدٍ؛ لإطلاقِ الحديثِ السابقِ، (بَلْ) تُعتبَرُ فيها (السَّلَامَةُ) مِن العيوبِ؛ لأنَّ الإطلاقَ يَقتضي السلامةَ.

(وَدِيَةُ) الحُرِّ (الكِتَابِيِّ) الذِّميِّ، أو المعاهَدِ، أو المستأمِن (3)؛ (نِصْفُ دِيَةِ المُسْلِمِ)؛ لحديثِ عمرو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِأَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الكِتَابِ نِصْفُ عَقْلِ

(1) في (ق): ويؤخذ.

(2)

في (ق): الشاة.

(3)

في (ق): والمستأمن.

ص: 350

المُسْلِمِينَ» رواه أحمدُ (1)، وكذا جِراحُه.

(وَدِيَةُ المَجُوسِيِّ) الذِّميِّ، أو المعاهَدِ، أو المستأمِن، (وَ) ديةُ (الوَثَنِيِّ) المعاهَدِ، أو المستأمِن؛ (ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ)؛ كسائرِ المشركين، رُوي عن عمرَ (2)،

وعثمانَ (3)، وابنِ مسعودٍ (4).

(1) رواه أحمد (6716)، وأبو داود (4542)، والنسائي (4806)، وابن ماجه (2644)، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. ورواه الترمذي (1413)، بلفظ:«دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن» . قال الترمذي: (حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن)، وحسنه الألباني. ينظر: الإرواء 7/ 307.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (27454)، والبيهقي (16338)، من طرق عن ابن المسيب:«أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قضى في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف، وفي دية المجوسي بثمانمائة درهم» .

ورواه عبد الرزاق (18489)، من طريق سليمان بن سعيد، عن سليمان بن يسار:«أن عمر بن الخطاب جعل دية المجوسي ثمانمائة درهم» .

ورواه عبد الرزاق (18484)، من طريق عمرو بن شعيب: أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب: أن المسلمين يقعون على المجوس فيقتلونهم فماذا ترى؟ فكتب إليه عمر: «إنما هم عبيد، فأقمهم قيمة العبد فيكم» ، فكتب أبو موسى بثمانمائة درهم فوضعها عمر للمجوسي. فالأثر بمجموع هذه الطريق ثابت عن عمر رضي الله عنه.

(3)

قال ابن عبد البر: (روي هذا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، ولم يسنده، ولم نقف عليه مسنداً. ينظر: الاستذكار 8/ 117.

(4)

رواه البيهقي (16343) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب: أن عليًّا وابن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان: «في دية المجوسي ثمانمائة درهم» ، وهذا مرسل، وابن لهيعة ضعيف.

ص: 351

وجِراحُه بالنِّسبةِ.

(وَنِسَاؤُهُمْ)، أي: نساءُ أهلِ الكتابِ، والمجوسِ، وعَبَدَةِ الأوثانِ، وسائرِ المشركين (عَلَى النِّصْفِ) مِن دِيَةِ ذُكْرَانِهم، (كَـ) دِيَةِ نساءِ (المُسْلِمِينَ)؛ لما في كتابِ عمرو بنِ حَزمٍ:«دِيَةُ المَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ» (1).

ويَستوي الذَّكرُ والأُنثى فيما يوجِبُ دونَ ثُلُثِ الدِّيةِ؛ لحديثِ

(1) قال ابن حجر: (هذه الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل؛ وإنما أخرجها البيهقي من حديث معاذ بن جبل، وقال: إسناده لا يثبت مثله)، وبنحوه قال ابن الملقن والألباني.

وحديث معاذ: رواه البيهقي (16305)، من طريق بكر بن خنيس، عن عبادة بن نسي، عن ابن غنم، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً. وضعفه البيهقي والألباني، وعلته: بكر بن خنيس، قال في التقريب:(صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان).

قال ابن الملقن: (وسيأتي في آخر الباب آثار تعضد هذا)، ومن هذه الآثار:

أثر عمر بن الخطاب: رواه ابن أبي شيبة (27496)، من طريق إبراهيم، عن شريح، قال: أتاني عروة البارقي من عند عمر: «أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة، وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل» . وصحح إسناده الألباني.

أثر ابن مسعود: رواه ابن أبي شيبة (27497) من طريق هشام، عن الشعبي، عن شريح: أن هشام بن هبيرة كتب إليه يسأله، فكتب إليه:«أن دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما دقَّ وجلَّ» وكان ابن مسعود، يقول:«في دية المرأة في الخطأ على النصف من دية الرجال إلا السن والموضحة فهما فيه سواء» ، وصحح إسناده الألباني.

ينظر: البدر المنير 8/ 442، التلخيص الحبير 4/ 74، الإرواء 7/ 306.

ص: 352

عمرو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه مرفوعاً: «عَقْلُ المَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» أخرجه النسائي (1).

ودِيَةُ خُنثى مُشْكِلٍ نصفُ دِيةَ كلٍّ منهما.

(وَدِيَةُ قِنٍّ) ذَكراً كان أو أنثى، صَغيراً (2) أو كَبيراً، ولو مُدبَّراً أو مُكاتَباً؛ (قِيمَتُهُ)، عَمداً كان القتلُ أو خَطأً؛ لأنَّه مُتقوَّمٌ، فضُمِنَ بقيمتِه بالغةً ما بَلَغَت؛ كالفرسِ.

(وَفي جِرَاحِهِ)، أي: جِراحِ القِنِّ -إن قُدِّرَ مِن حُرٍّ- بقِسْطِه مِن قِيمتِه؛ ففي يدِه نصفُ قيمتِه؛ نَقَص بالجنايةِ أقلَّ مِن ذلك أو أكثرَ، وفِي أنفِه قيمتُه كاملةً، وإن قَطَع ذكرَه، ثم خَصاهُ؛ فقيمتُه لقَطْعِ ذكرِه، وقيمتُهُ مَقطوعَهُ، ومِلْكُ سيِّدِه باقٍ عليه.

(1) رواه النسائي (4805) من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وضعفه ابن الملقن والألباني، وعلته: عنعنة ابن جريج، وضعف إسماعيل بن عياش في روايته عن الحجازيين، وابن جريج منهم.

ورواه عبد الرزاق (17756) قال: أخبرنا ابن جريج، عن عمرو بن شعيب مرسلاً.

ورواه عبد الرزاق (17757)، عن معمر، عن رجل، عن عكرمة مرسلاً.

قال الشافعي: (وكان مالك يذكر أنه السنة، وكنت أتابعه عليه وفي نفسي منه شيء، حتى علمت أنه يريد سنة أهل المدينة فرجعت عنه)، قال ابن الملقن:(وحديث عمرو هذا يرجح ما قاله). ينظر: ابن الملقن 8/ 443، التلخيص الحبير 4/ 76، الإرواء 7/ 308.

(2)

في (أ) و (ع): صغيراً كان.

ص: 353

وإن لم يُقَدَّرْ مِن حُرٍّ ضُمِنَ بـ (مَا نَقَصَهُ) بجنايتِه (بَعْدَ البُرْءِ)؛ أي: التِئامِ جُرحِه؛ كالجنايةِ على غيرِه مِن الحيواناتِ.

(وَيَجِبُ فِي الجَنِينِ) الحُرٍّ (ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى) إذا سَقَط مَيتاً بجنايةٍ على أُمِّه عمداً أو خطأً؛ (عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ غُرَّةً)، أي: عبداً أو أمةً قيمتُها خمسٌ مِن الإبلِ إن كان حُرًّا مسلماً.

(وَ) يجبُ في الجنينِ (عُشْرُ قِيمَتِهَا)، أي: قيمةِ أُمِّه (إِنْ كَانَ) الجنينُ (مَمْلُوكاً، وَتُقَدَّرُ الحُرَّةُ) الحاملُ برقيقٍ (أَمَةً)، ويؤخَذُ عُشْرُ قيمتِها يومَ جنايةٍ عليها نقداً.

وإن سَقَط حيًّا لوَقْتٍ يعيشُ لمثلِه؛ ففيه إذا مات ما فيه مولوداً.

وفي جنينِ دابَّةٍ ما نَقَص أُمَّه.

(وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ خَطَأً، أَوْ) جَنَى (عَمْداً لَا قَوَدَ فِيهِ)؛ كالجائفةِ، (أَوْ) جَنَى عمداً (فِيهِ قَوَدٌ وَاخْتِيرَ فِيهِ المَالُ، أَوْ أَتْلَفَ) رقيقٌ (مَالاً)، وكانت الجنايةُ والإتلافُ (بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ؛ تَعَلَّقَ) ما وَجَب بـ (ذلِكَ بِرَقَبَتِهِ)؛ لأنَّه موجِبُ جنايتِه، فوجَبَ أن يَتعلَّقَ (1) برقَبَتِه؛ كالقِصاصِ، (فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ) إن كان قَدْرَ قيمتِه فأقلَّ، وإن كان أكثرَ منها لم يَلزَمْهُ سِوى قيمتِه؛ حيثُ لم يَأذَنْهُ في الجنايةِ، (أَوْ يُسَلِّمَهُ) السيِّدُ (إِلَى وَلِيِّ الجِنَايَةِ فَيَمْلِكَهُ، أَوْ يَبِيعَهُ)

(1) في (ق): تتعلق.

ص: 354

السيِّدُ (وَيَدْفَعَ ثَمَنَهُ) لوليِّ الجنايةِ إن استغرقَهُ أرشُ الجنايةِ، وإلا دَفَع منه بِقَدْرِه.

وإن كانت الجنايةُ بإذنِ السيِّدِ، أو أمَرَه؛ فَداه بأرْشِها كلِّه.

وإن جَنَى عمداً فعَفَا وليٌّ على رقبَتِه؛ لم يَملِكْهُ بغيرِ رضَى سيِّدِه، وإن جَنَى على عددٍ؛ زاحَم كلٌّ بحصَّتِه.

وشِراءُ وليِّ قَودٍ له عفوٌ عنه.

ص: 355