الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَدَخَلها وقد باعها، أو وهي فضاءٌ، أو مسجدٌ، أو حمامٌ، ونحوُه، (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الحالِفُ، أو يكون سببُ اليمينِ يَقتضي (مَا دَامَ) المحلوفُ عليه (عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ)، فتُقدَّمُ النيَّةُ وسببُ اليمينِ على التَّعيينِ كما تقدَّم (1).
(فَصْلٌ)
(فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ)، أي: النيةُ والسببُ والتعيينُ؛ (رُجِعَ) في اليمينِ (إِلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الاسْمُ، وَهُوَ)، أي: الاسمُ (ثَلَاثَةٌ: شَرْعِيٌّ، وَحَقِيقِيٌّ، وَعُرْفِيٌّ)، وقد لا يَختلِفُ المسمَّى؛ كالأرضِ، والسماءِ، والإنسانِ، والحيوانِ، ونحوِها.
(فالشَّرْعِيُّ) مِن الأسماءِ: (مَا لَهُ مَوْضُوعٌ فِي الشَّرْعِ وَمَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ)؛ كالصلاةِ، والصومِ، والزكاةِ، والحجِّ، والبيعِ، والإجارةِ.
(فَـ) الاسمُ (المُطْلَقُ) في اليمينِ سواءٌ كانت (2) على فِعلٍ أو تَركٍ (يَنْصَرِفُ إِلَى المَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ الصَّحِيحِ)؛ لأنَّ ذلك هو المتبادِرُ إلى الفهمِ عندَ الإطلاقِ، إلا الحجَّ والعمرةَ فَيَتَناوَلُ الصحيحَ والفاسدَ؛ لوجوبِ المضِيُّ فيه كالصحيحِ.
(1) انظر صفحة .....
(2)
في (ح): كان.
(فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، أَوْ لَا يَنْكِحُ، فَعَقَدَ عَقْداً فَاسِداً) مِن بيعٍ أو نكاحٍ؛ (لَمْ يَحْنَثْ)؛ لأنَّ البيعَ أو النكاحَ (1) لا يَتناوَلُ الفاسدَ.
(وَإِنْ قَيَّدَ) الحالِفُ (يَمِينَهُ بِمَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ)، أي: بما لا تُمكِنُ الصِّحةُ معه؛ (كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الخَمْرَ، أَوِ الحُرَّ؛ حَنِثَ بِصُورَةِ العَقْدِ)؛ لتعذُّرِ حَمْلِ يمينِه على عقدٍ صحيحٍ، وكذا إن قال: إن طَلَّقتُ فلانةً الأجنبيةَ فأنتِ طالقٌ؛ طَلُقَت بصورةِ طلاقِ الأجنبيةِ.
(وَ) الاسمُ (الحَقِيقِيُّ): هُوَ الَّذِي لَمْ يَغْلِبْ مَجَازُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ كاللَّحمِ؛ (فَإِذَا حَلَفَ لا يَأْكُلُ اللَّحْمَ (2) فَأَكَلَ شَحْماً، أَوْ مُخًّا، أَوْ كَبِداً، أوَ نَحْوَهُ (3)، ككُلْيَةٍ، وكَرشٍ (4)، وطِحالٍ (5)، وقَلْبٍ، ولحمِ رأسٍ، ولسانٍ؛ (لَمْ يَحْنَثْ)؛ لأنَّ إطلاقَ اسمِ اللَّحمِ لا يَتناوَلُ شيئاً مِن ذلك إلا بنيَّةِ (6) اجتنابِ الدَّسمِ.
(1) في (ق): والنكاح.
(2)
في (أ) و (ع): لحماً.
(3)
في (ق): ونحوه.
(4)
قال في المطلع (ص 473): (الكرش: بفتح أوله، وكسر ثانيه وسكونه: لكل مجترٍّ بمنزلة المعدة للإنسان، وهي مؤنثة).
(5)
قال في المصباح المنير (2/ 369): (الطِّحال - بكسر الطاء-: من الأمعاء معروف، ويقال: هو لكل ذي كرش إلا الفرس فلا طحال له، والجمع: طحالات وأَطْحِلَة، مثل: لسان وألسنة، وطُحُل، مثل: كتاب وكتب).
(6)
في (ق): بنيته.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدْماً؛ حَنِثَ بِأَكْلِ البَيْضِ، وَالتَّمْرِ، وَالمِلْحِ، وَالخَلِّ، وَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ)، كالجُبنِ واللبنِ، (وَكُلِّ مَا يُصْطَبَغُ بِهِ (1) عادةً؛ كالزيتِ، والعَسَلِ، والسَّمْنِ، واللَّحمِ؛ لأنَّ هذا معنى التأدُّمِ.
(وَ) إن حَلَف (لَا يَلْبَسُ شَيْئاً، فَلَبِسَ ثَوْباً، أَوْ دِرْعاً، أَوْ جَوْشَناً (2)، أو عِمامةً، أو قُلُنسُوَةً، (أَوْ نَعْلاً؛ حَنِثَ)؛ لأنَّه مَلبوسٌ حَقيقةً وعُرفاً.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِنْسَاناً؛ حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إِنْسَانٍ)؛ لأنَّه نكرةٌ في سياقِ النَّفِي فيَعُم، حتى ولو قال له: تَنَحَّ، أو اسكُتْ، و (3): لا كلَّمْتُ زيداً، فكاتَبَه أو راسَلَه؛ حَنث ما لم يَنوِ مُشافهتَه.
(وَ) إن حَلَف (لَا يَفْعَلُ شَيْئاً فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ؛ حَنِثَ)؛ لأنَّ الفِعلَ يُضافُ إلى مَن فَعَل عنه، قال تعالى:(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ)[الفتح: 27]، وإنما الحالِقُ غيرُهُم، (إِلَّا أنْ يَنْوِيَ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ)؛ فتُقَدَّم نيَّتِه؛ لأنَّ لَفظَه يَحتمِلُهُ.
(1) في (ق): وما يصطبخ به. قال في المطلع (ص 474): (ما يُصْطَبغ به: أي: ما يغمس فيه الخبز، ثم الأدم، ويسمى ذلك المغموس فيه صبغاً - بكسر الصاد-).
(2)
قال في المطلع (ص 474): (قال الجوهري: الجوشن: الدرع، فكأنه درع مخصوص، فأما في زماننا فلا يسمى درعاً، لكنه اسم لنوع معروف، هو قِرْقِل -بكسر القافين وسكون ما بعدها-).
(3)
في (ح) و (ق): أو.
(وَ) الاسمُ (العُرْفِيُّ: مَا اشْتُهِرَ مَجَازُهُ فَغَلَبَ) على الحقيقةِ؛ (كَالرَّاوِيَةِ) في العُرفِ للمَزادةِ، وفي الحقيقةِ للجَمَلِ الذي يُستقَى عليه، (وَالغَائِطِ) في العُرفِ للخارجِ المستقذَرِ، وفي الحقيقةِ لفناءِ الدَّارِ، وما اطمَأَنَّ مِن الأرضِ، (وَنَحْوِهَا (1)؛ كالظعينةِ، والدَّابةِ، والعَذِرةِ، (فَتَتَعَلَّقُ اليَمِينُ بِالعُرْفِ) دونَ الحقيقةِ؛ لأنَّ الحقيقةَ في نحوِ ما ذُكِر صارت كالمهجورةِ ولا يَعرِفُها أكثرُ الناسِ.
(فَإِذَا حَلَفَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ، أَوْ) حَلَف على (وَطْءِ دَارٍ؛ تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا)، أي: جماعِ مَن حَلَف على وطئِها؛ لأنَّ هذا هو المعنى الذي يَنصرِفُ إليه اللفظُ في العُرفِ، (وَ) تَعلَّقَتْ يمينُهُ (بِدُخُولِ الدَّارِ) التي حَلَف لا يطؤها لما ذُكِر.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئاً، فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكاً فِي غَيْرِهِ؛ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْناً فَأَكَلَ خَبِيصاً (2) فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ)؛ لم يَحنَثْ، (أَوْ) حَلَف (لَا يَأْكُلُ بَيْضاً، فَأَكَلَ نَاطِفاً؛ لَمْ يَحْنَثْ)؛ لأنَّ ما أكلَه لا يُسمَّى سَمْناً ولا بَيضاً، (وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُ شَيْءٍ مِنَ المَحْلُوفِ عَلَيْهِ) فيما أَكَلَهُ؛ (حَنِثَ)؛ لأكلِه المحلوفَ عليه.
(1) في (ح) و (ق): ونحوهما.
(2)
قال في تاج العروس (17/ 542): (الخبيص: المعمول من التمر والسمن، حلواء معروف يخبص بعضه في بعض).